الدوحة - خاص قدس الإخبارية: أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس عبد الجبار سعيد، أن النقاشات حول المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار مع الوسطاء لم تتوقف يومًا، وكان آخرها في القاهرة قبل نحو أسبوعين خلال زيارة رسمية من المجلس القيادي للحركة، حيث التقى المجلس بالوسطاء وناقش معهم ملفات المرحلة الثانية.
وأوضح سعيد في حوار مع "قدس الإخبارية" حول تفاصيل المسارات المعقّدة للمفاوضات مع الوسطاء في القاهرة حول ترتيبات الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة والموقع في العاشر من أكتوبر/تشرين أول العام الماضي، أنه خلال اللقاءات مع الوسطاء "أكد الجميع أن الاحتلال لم يلتزم في المرحلة الأولى بالكثير مما هو مطلوب منه، بينما أوفت حركة حماس بكل التزاماتها، وهو ما ظهر بوضوح في ما نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية، وفي موقف الإدارة الأمريكية التي أبدت اندهاشها من التزام الحركة باتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ولاسيما في ما يتعلق بالبحث عن جثامين الأسرى وتسليمها".
وأشار إلى أنّ الاحتلال خلال المرحلة الأولى من الاتفاق، واصل عمليات القتل بحقّ المدنيين والأطفال والنساء، فيما غرق الأهالي في أيام الشتاء بسبب عدم إدخال الخيام الصالحة للإيواء وعدم إدخال البيوت المتنقلة وأدوات إزالة الركام. موضّحًا أن غالبية المواد التي تدخل القطاع تتمّ عبر التجار وليس عبر مسار الإغاثة، "وكلّ هذه القضايا نطلع الوسطاء عليها بشكل مستمر" وفق سعيد.
وبيّن سعيد أنه "إلى حدّ الآن، لا توجد رؤية واضحة لدى الوسطاء يمكن الاستناد إليها في نقاش المرحلة الثانية، في حين أن لدينا في حماس مواقف واضحة من عناوين المرحلة المقبلة".
ولفت سعيد إلى أنّ حماس تواصلت مع الوسطاء وطرحت عليهم تساؤلًا واضحًا: "كيف يمكن الانتقال إلى المرحلة الثانية قبل التزام الاحتلال باستحقاقات المرحلة الأولى؟" مضيفًا: "طالبنا بضمانات لذلك. وخلال النقاش، استفسرنا منهم حول تفاصيل المرحلة الثانية، وتوقفنا عند العديد من الجوانب المتعلقة بها خاصّة ما يسمّى "مجلس السلام وقوّة الاستقرار الدولية".
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد تحدث مرارًا عن تشكيل "مجلس للسلام" يدير قطاع غزة ويشكّل من قادة دول العالم من بينهم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق "توني بلير". وحول ذلك قال سعيد: "أوضحنا للوسطاء أن الحديث عن مجلس سلام بهذا الشكل يمثل نوعًا من الانتداب الجديد، وهو أمر لا يمكن القبول به إطلاقًا. الشعب الفلسطيني ليس قاصرًا ليبحث عن أوصياء".
وتابع: "طرحنا أسئلة عديدة حول دور المجلس، ودور القوة الدولية، لكن لم نتلقَّ أي إجابات واضحة. وإن كان المقصود إدارة القطاع، فنحن فلسطينيًا متفقون على لجنة فلسطينية من التكنوقراط تتولى إدارة شؤون غزة، وبالتالي يصبح وجود مجلس سلام وصاية مرفوضة".
وما إن كان اعتراض حركة حماس على شخصية مثل توني بلير، أم بالفكرة نفسها، أجاب سعيد: "اعتراضنا ليس على شخص توني بلير وحده، رغم أننا رفضنا وجوده سابقًا. اعتراضنا هو على الفكرة ذاتها؛ فكرة وجود جهة دولية تُفرض على القطاع بهذا البعد، بما يشبه الانتداب البريطاني بصرف النظر عن وجود بلير أو غيابه. رفع اسم بلير لا يجعل الفكرة مقبولة بالنسبة لنا ولا قابلة للتمرير".
وحول رؤية حماس لموقف السلطة الفلسطينية من تشكيل لجنة إدارة القطاع، ولقاء توني بلير مع حسين الشيخ بصفته نائبًا للرئيس محمود عباس مرّتين خلال الشهرين الماضيين، قال سعيد: "ناقشنا عبر الوسيط المصري الأسماء المقترحة لعضوية لجنة إدارة القطاع، وتحدثنا عن تفاصيل عملها. لكن لقاء قيادة السلطة مع توني بلير يضع كثيرًا من النقاشات في أدراج الرياح. وإذا كان الموقف الفلسطيني محصورًا بالسلطة فقط، فهذا شأن آخر، لكن الموضوع يخص كل المكونات السياسية".
وأضاف: "السلطة غير موجودة حاليًا على أرض القطاع، ومع ذلك نريد إدارة فلسطينية تتبع لها، وتُشكل بمرسوم رئاسي كما اتفقنا، وتكون لها مرجعيات إدارية تسهّل وصولها إلى المؤسسات الدولية دون المرور عبر مجلس السلام أو توني بلير".
وعن سبب تأخر تشكيل لجنة إدارة قطاع غزة المتفق عليها فصائليًا ومع الوسيط المصري، أكّد القيادي في حماس "أن الحركة لا تمانع أن يكون رئيس اللجنة أي من الأسماء المتفق عليها، حيث تمّ اعتماد قائمة تضم أكثر من 40 شخصية مستقلة للاختيار منها، ولم يكن لدينا أي تحفظ على أيٍ منهم، وأن تشكّل اللجنة بمرسوم رئاسي، وتكون مرجعيتها الإدارية السلطة الوطنية، لكنها تملك صلاحيات ادارية تسهل عليها التواصل المباشر مع جهات دولية وإقليمية لتسهيل الإعمار والإغاثة وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني".
وما إن كانت حماس تملك صورة واضحة حول ما يسمى “قوة الاستقرار الدولية” في المرحلة الثانية، والمهام الموكلة إليها، أوضح سعيد أنه "إلى هذه اللحظة لا توجد لدى أطراف الوساطة أي رؤية واضحة أو بروتوكول عملي يحدد طبيعة عمل هذه القوة. المطروح كلام عام، ولا توجد تفاصيل لدى أي جهة حول دورها الحقيقي".
كما كان "سلاح المقاومة" من أكثر الملفات التي تشكّل حساسية في النقاشات التي تسبق المرحلة الثانية من الاتفاق حيث يصرّ الاحتلال الإسرائيلي على أن يكون شكل الانتصار المزعوم مرتبط بـ "نزع سلاح حماس".
وحول تعامل الحركة مع أطروحات السلاح، أوضح سعيد قائلًا: "موقفنا ثابت: نزع السلاح يعادل نزع الروح. لا نمانع نقاش ملف السلاح، ولكن في إطار وطني شامل، وبما يحقق أهداف الشعب الفلسطيني المشتركة. أما تسليم السلاح أو التخلي عنه دون ثمن، فهذا أمر غير وارد إطلاقًا".
وحول سؤال قدس بأن ثمّة فصائل ضمن إطار منظمة التحرير تطالب حماس بتسليم السلاح، وعلى رأسهم حركة فتح، أجاب: "بعض هذا الكلام يأتي من تصريحات فردية داخل فتح، وليس من كل الحركة، ثم إن فتح (مع تقديرنا لهم) لا تمثل جميع الفصائل الفلسطينية. نحن متفقون في الحوارات على أن قضية السلاح مرتبطة بالدولة الفلسطينية: إذا كان الخيار هو دولة فلسطينية حقيقية، فسيصبح سلاح حماس جزءًا من سلاح الدولة. أما إن لم يكن ذلك مطروحًا، فلن يسلّم أحد سلاحه دون مقابل".
وأضاف: "قلنا للاحتلال والأميركيين عبر الوسطاء: إذا كنتم تقولون إنكم دمّرتم 90% من بنية حماس العسكرية، فمن أي سلاح تتحدثون؟ الهدف الحقيقي ليس سلاح حماس بل مشروعية السلاح ذاته كحق مكفول ضد الاحتلال".
وشدّد سعيد أنه "من حيث المبدأ لا مانع من النقاش في ملفّ السلاح، لكن في إطار يحفظ مصالح شعبنا وثوابته. أما تسليم السلاح ورفع الراية البيضاء، فهذا غير وارد لا لحماس ولا لأي فصيل مقاوم".
وفي ختام حديثه، أوضح سعيد أن حماس تتابع مع الوسطاء قضيّة مقاتلو حركة حماس المتواجدين خلف الخطّ الأصفر والذي يطالبهم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بتسليمهم أنفسهم وسلاحهم والتحقيق معهم، أو مواجهة مصير الموت. وأضاف: "موقفنا واضح: لا نتخلى عن مقاتلينا، وسنبذل كل الجهود للحفاظ عليهم وإخراجهم سالمين. كتائب القسام هي صاحبة القرار الميداني في هذا الملف، وتديره بشكل قوي وواضح، ونحن داعمون للاتجاه الذي تتخذه. وما يُشاع عن تخلي الحركة عنهم غير صحيح إطلاقًا. نواصل طرح القضية في حواراتنا مع الأطراف، وكان يفترض أن تُحل، لكن الاحتلال يراوغ ويستغل الفرصة لاستهداف أكبر عدد من المقاومين. ومع ذلك نأمل التوصل إلى حل قريب، على قاعدة أن كتائب القسام هي صاحبة الموقف وتتخذ الإجراء المناسب".



