ترجمات خاصة - قدس الإخبارية: في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت في تلال الضفة الغربية المحتلة ظاهرة مجموعة استيطانية جديدة تُعرف باسم “وحوش التلال”، تضم عشرات الشبان اليهود الذين حوّلوا أراضي الفلسطينيين ومزارعهم إلى ساحات عنف وترهيب.
تُعد هذه المجموعة الجيل الجديد من ما كان يُعرف بـ”فتيان التلال”، لكنها أكثر تطرفًا وتنظيمًا، وتتحرك بروح عدوانية لا تتردد في استهداف الفلسطينيين أولًا، ثم الجنود والمستوطنين أنفسهم إذا حاولوا ردعها أو الاعتراض على سلوكها.
وبحسب تحقيق نشره ملحق “7 أيام” في صحيفة يديعوت أحرونوت، فإن عناصر هذه الجماعة يؤمنون بما يسمّونه “الحق الحصري لشعب إسرائيل في أرض إسرائيل الكبرى”، ويرفضون أي اتفاق سياسي أو أمني، حتى لو صدر عن حكومة الاحتلال.
ويقول التحقيق إن “وحوش التلال” باتوا يمثلون مصدر قلق للأجهزة الأمنية لدى الاحتلال، بعدما تحولت اعتداءاتهم من استهداف الفلسطينيين فقط إلى مهاجمة جنود الاحتلال والمستوطنين الذين يعارضونهم.
أحد قادة المستوطنات في الضفة الغربية قال للصحيفة إن “الأمور خرجت عن السيطرة، والجميع هنا يشعر بالصدمة”، مضيفًا أن “العنف ضد الفلسطينيين أصبح مألوفًا، أما توجيهه ضد الإسرائيليين فهو تطور خطير يهدد بانفجار داخلي”.
مصدر أمني لدى الاحتلال أشار إلى أن “الأحداث الأخيرة تمثل نقطة تحول في تعامل الجيش مع هذه الجماعات، لأن الصمت عنها لم يعد ممكنًا”، مضيفًا أن كل خلية من “وحوش التلال” تضم نحو عشرة إلى خمسة عشر شابًا يتحركون بين البؤر الاستيطانية العشوائية وينفذون اعتداءات منظمة تشمل إحراق المركبات والمنازل والحقول الفلسطينية، إلى جانب رشق الحجارة على الجنود أنفسهم.
وقال المصدر إن الجيش نفذ بالفعل حملات اعتقال محدودة ضد بعض أفراد المجموعة، لكن المشكلة – كما يضيف – تكمن في غياب موقف واضح من قادة المستوطنات والحاخامات، الذين يملكون تأثيرًا كبيرًا على هؤلاء الشبان، إلا أنهم يفضلون تجاهل الظاهرة أو تبريرها باعتبارها “حماسة دينية”.
ويرى ضباط في جيش الاحتلال أن غياب الإدانة الصريحة من المرجعيات الدينية يساهم في تفاقم الفوضى، وأنه من الضروري أن تُرسم “خطوط حمراء” واضحة تمنع اقتحام القرى الفلسطينية أو إحراق الممتلكات، وتحظر الاعتداء على الجنود.
ويضيف أحد الضباط: “على الحاخامات أن يتحملوا مسؤوليتهم الأخلاقية والدينية. إذا لم يتحدثوا الآن بوضوح ضد هذه الأفعال، فإننا نتجه إلى انهيار داخلي في المشروع الاستيطاني نفسه”.
وتكشف النقاشات الجارية داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية عن خلافات حول كيفية توصيف اعتداءات المستوطنين: هل تُعدّ “أعمال إرهاب يهودي” أم مجرد “أحداث عنف”؟ هذه الجدالات – بحسب مراقبين – تعكس تردّد الدولة في مواجهة جماعات تشكّل إحدى أدواتها التوسعية، لكنها في الوقت نفسه بدأت تخرج عن سيطرتها.
وفي النهاية، يبدو أن “وحوش التلال” ليست مجرد ظاهرة عابرة، بل نتيجة طبيعية لتراكم سنوات من التساهل الرسمي مع عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، عنفٍ بدأ يتغذى على نفسه حتى صار يهدد البنية الداخلية للمجتمع الاستيطاني ذاته.



