ترجمة خاصة - شبكة قُدس: اعتبر الخبير العسكري الإسرائيلي أمير بحبوط أن التعليمات الواردة في وثيقة يحيى السنوار تكشف عن مستوى عالٍ من التخطيط المسبق والمنهجية في التحضير ليوم السابع من أكتوبر، وأن ما ورد فيها لا ينطبق على فعلٍ ارتجالي بل على عملية منظّمة صُممت لتوظيف الأثر النفسي والإعلامي بقدر ما تُوظف القوى القتالية.
وفق هذا التقييم، لا تقتصر أهمية الوثيقة على التفاصيل التكتيكية (محاور، جداول زمنية، أوامر انتشار)، بل تتجاوزها إلى نية واضحة لاستثمار الصور والصدمات لزلزلة مجتمع الاحتلال وكسب ردة فعل عامة تُشكّل سردية موازية تُعظّم من أثر العملية على المستوى الداخلي والإقليمي. هذا البُعد يعكس تحوّلاً في فهم سلوكيات المواجهة: لم تعد العمليات مقصورة على الهدف العسكري التقليدي، بل صارت مدفوعة باعتبارات نفسية-اعلامية متزامنة.
وبحسب بحبوط، من زاوية تنظيمية، تُظهر التعليمات هيكل قيادة مركزيّاً مع آليات تنسيق دقيقة بين ألوية موزعة جغرافياً، ما يدلّ على قدرات لوجستية واستطلاعية كافية لإدارة عمليات متزامنة على محاور متعددة. هذا المستوى من التنسيق يشير أيضاً إلى أن فاتحة التنفيذ صُممت للاستفادة من نافذة زمنية محدودة — فترة الحسم المبكّرة — بهدف ترسيخ وقائع ميدانية تقلّص فرص الرد المنظم من الطرف المقابل.
ووفقًا للخبير العسكري الإسرائيلي، الوثيقة تكشف كذلك عن وعي استراتيجي بعنصر الإعلام: تعليمات التوثيق والبث الفوري لا تُعدّ تفصيلة ثانوية، بل جزء أصيل من الخطة الشاملة، وهو ما يجعل التداعيات ليست فقط عسكرية بل سياسية ورمزّية؛ إذ إن الصور والصياغة الإعلامية تُعيد تشكيل معايير الرأي العام وتؤثر على مواقف اللاعبين الإقليميين والدوليين.
خلاصة الأمر، كما يرى بحبوط، أن النصّ لا يكتفي بإثبات قدرة تنفيذية لدى الطرف الذي أصدره، بل يبرهن على تحوّل في قواعد اللعب: عمليات تُخطط لإحداث تغيير في الواقع الميداني والمتخيّل الإعلامي معاً، ما يضع أمام صانعي القرار والجهات الأمنية لدى الاحتلال تحدياً مزدوجاً هو كيفية الاستعداد عسكرياً لمواجهة تهديد منظّم، وكيفية إدارة الأثر الإعلامي والنفسي المصاحب لأي عملية من هذا النوع.
يشار إلى أن جيش الاحتلال كشف اليوم عن وثيقة قال إن الشهيد يحيى السنوار خطها بيده بتاريخ 24 أغسطس 2022، وتتضمن تعليمات تفصيلية لكيفية التعامل بعد وقبل اقتحام مستوطنات ومعسكرات الاحتلال في المنطقة المحيطة بقطاع غزة.