شبكة قدس الإخبارية

أراده الاحتلال "يوم بكاء عالمي": 7 أكتوبر تحوّل إلى تاريخ عالمي للتضامن مع فلسطين  

AA-20231217-33208096-33208092-PROPALESTINIAN_DEMONSTRATION_IN_ISTANBUL

متابعة قدس: حين راهن قادة الاحتلال أن يتحوّل السابع من أكتوبر إلى ذكرى لتأبيد "المظلومية الإسرائيلية" وحشد التعاطف العالمي خلف سرديتهم، جاءت الوقائع معاكسة تمامًا. ففي الذكرى الثانية، خرجت التظاهرات والفعاليات في عواصم متعددة لتجعل من هذا اليوم موعدًا للتذكير بالإبادة المستمرة في غزة، ولإعلان انحياز جماهيري متزايد لفلسطين وقضيتها. لم يعد التاريخ حكرًا على الرواية الإسرائيلية، بل أصبح ساحة مواجهة رمزية بين سرديتين: واحدة تحاول تثبيت "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وأخرى تفضح جرائم الاحتلال وتؤكد مركزية العدالة للفلسطينيين.

في أثينا، ارتفعت الأعلام الفلسطينية فوق رؤوس آلاف المتظاهرين الذين واجهوا الشرطة بالألعاب النارية وأحرقوا أعلام الاحتلال، فيما صدحت هتافات تُدين الإبادة وتعلن أن غزة ليست وحدها. وعلى بعد آلاف الكيلومترات، حملت شوارع ملبورن الأسترالية رسائل مشابهة، إذ امتلأت جدرانها بكتابات تمجّد المقاومة الفلسطينية وتدعو لتكرار السابع من أكتوبر، الأمر الذي دفع الشرطة لفتح تحقيق، بينما كانت التظاهرات الشعبية تسير غير عابئة بالتهديدات.

أما أمستردام، فقد شهدت فعلاً لافتًا حين غطّى ناشطو "Palestine Action NL" جدران القصر الملكي باللون الأحمر، في إشارة إلى الدماء التي تسيل في غزة، احتجاجًا على قرار البلدية حظر فعالية مؤيدة لفلسطين والسماح في المقابل بمراسم "صهيونية". وفي لندن، قطعت شابة أشرطة صفراء وضعتها جماعات مؤيدة للاحتلال تضامنًا مع الأسرى الإسرائيليين، مؤكدة أنها "تبرر الإبادة"، فيما خرج طلاب الجامعات بمسيرات نددت بالعدوان ورفضت محاولات قمع أي صوت فلسطيني.

المشهد لم يتوقف عند الغرب. ففي جاكرتا، تدفق آلاف الإندونيسيين صوب السفارة الأمريكية، مطالبين بوقف الحصار عن غزة والإفراج عن المتطوعين المعتقلين من "أسطول الصمود"، في وقت نشرت السلطات أكثر من ألف شرطي لحماية السفارة. وفي اليابان، خرج المئات في طوكيو وأوساكا، بينهم فلسطينيون، يرفعون شعارات تطالب بوقف الحرب وفرض عقوبات على الاحتلال. حتى تايوان شهدت تظاهرات مماثلة.

في نيويورك، نظّم ناشطو "Within Our Lifetime" تظاهرة كبرى حملت شعار "إغراق الشوارع"، معتبرين أن الفلسطينيين يتعرضون لإبادة منذ 77 عامًا. الهجوم الإسرائيلي على المتظاهرين لم يتأخر، إذ وصف القنصل الإسرائيلي أوفير أكونيس المشاركين بـ"الوحوش"، في حين ردّت شوارع المدينة بالهتافات الرافضة للجرائم. وعلى الضفة الأخرى، أضاءت تركيا برج "غالاتا" التاريخي بألوان العلم الفلسطيني، في خطوة رمزية رافقها إلغاء حفل للمغني البريطاني روبي ويليامز بسبب دعمه العلني للاحتلال.

الأصوات السياسية لم تغب عن هذا المشهد العالمي. رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز دعا علنًا لوقف الإبادة وفتح ممر إنساني، مؤكدًا أن حل الدولتين هو الطريق الوحيد إلى تسوية عادلة. وفي الولايات المتحدة، برز المرشح لرئاسة بلدية نيويورك، زهران ممداني، الذي شدد على أن رسالة هذا اليوم هي أن الاحتلال والفصل العنصري والإبادة لا يمكن أن تستمر بلا مساءلة.

وهكذا، جاءت الذكرى الثانية لطوفان الأقصى لتكشف انزياحًا جوهريًا في المزاج العالمي: الاحتلال أرادها يوم بكاء عالمي على ما يصفه "ضحاياه"، فإذا بها تتحول إلى يوم صاخب من الغضب والاحتجاج والتضامن مع غزة وفلسطين. إن السابع من أكتوبر لم يعد تاريخًا إسرائيليًا داخليًا، بل بات علامة سياسية وأخلاقية فارقة في الصراع على الرواية وعلى وجدان الرأي العام الدولي.