تعترف دول أوروبية جديدة بالدولة المستقلة ذات السيادة للفلسطينيين على وقع الإبادة في غزة والتطهير العرقي طويل الأمد في الضفة الغربية، لكن تغيبُ عن الاعتراف كلمات وجمل مهمة تدلل على صدق النية:
• فلم تذكر عبارة "حسب القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومؤسساتها ذات الصلة بكل تفاصيلها".
• ولم يفصّل أحد أن الدولة المعترف بها ستكون على حدود الرابع من حزيران عام 1967 والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين.
• ولا تفاصيل عن الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة أنها هي أرض الدولة الفلسطينية.
• ولم يضف أحد أنه فورا سيتم رفع الإعلان الرسمي هذا إلى الأمم المتحدة واللجان القانونية للتنفيذ.
ما ورد في إعلان بعض هذه الدول مباشرة أو تلميحا:
• نعترف بدولة للفلسطينين "دون تفصيل" لنحث الأطراف للعودة للمفاوضات للوصول إلى "حل الدولتين"، وهذا هو الوهم الذي يكرره الأوروبي، وكان رئيس الوزراء البريطاني تحدث عنه مؤخرا.
• نحن لسنا ضد إسرائيل ولكن نسعى لأن تتحسن الظروف الإنسانية في غزة.
• دولة قابلة للحياة.
خلاصة… مهم جدا أن يكون هذا التحول، وحتى يصبح إنجازاً باتت ضرورية وحدة وطنية فلسطينية وموقف عربي وإسلامي حازم وتحرك شعبي دولي ليطبق القرار لا أن يروّس فقط في الأرشيف.
بالإضافة لذلك ما هي الخطوة التالية؟ هل هي اعتراف لتكون دولة؟ أم انصراف عن واجب أخلاقي بوقف الإبادة وإنصاف الفلسطينيين وتخدير شعوب أوروبا بأن الحكومات أعطت موقفا؟ هل هو ضوء أخضر لإسرائيل بالسيطرة على الضفة الغربية ضمن صفقة القرن التي خطها ترامب في ولايته الأولى ووافقته عليها أغلب دول أوروبا واليوم التنفيذ؟!
حكومات أوروبا تهرب من استحقاق القانون الدولي نحو إعلانات شكلية لا تلحقها خطوات فعلية أو قانونية، وهذا يعطيها صفة الانصراف عن المشهد في المنطقة برمتها لا الانخراط بواجباتها التي وعدت بها شعوبها.
فأقل القليل الآن؛ هل معاقبة الدولة التي تعتدي على دولة معترف بها في أوروبا ولو بالمقاطعة والتوبيخ ومنع نقل الأسلحة، أمر وارد؟
غموض الاعتراف قاتل أكثر من الصمت السابق، والخطوة التالية الفعلية يبدو أنها ضم وسيادة واستمرار إبادة مع انتهاء حفلة الاعتراف أو الانصراف التي ستكون كما كانت البداية هناك يوم النكبة وما تلاها من نكسة وما نحن عليه الآن.
يبدو أن الإبادة والقضية الفلسطينية ما زالت في عيون بعض الدول مدخلا سياسيا أو حاجة اقتصادية ومقايضة دولية خاصة أن العالم يواجه ملف أوكرانيا وروسيا والتعرفة الجمركية الأمريكية والتهديدات المتزايدة، وبالتالي استخدام ملفات كانت على رف المماطلة لعقود أصبحت ضرورة في إطار المباح بحدود.