شبكة قدس الإخبارية

تفاصيل صادمة حول وفاة العقيد عمار دار موسى في سجن الاستخبارات.. ما علاقة حسين الشيخ؟ 

٢١٣

 

تفاصيل صادمة حول وفاة العقيد عمار دار موسى في سجن الاستخبارات.. ما علاقة حسين الشيخ؟ 

رام الله- خاص قدس الإخبارية: كشفت مصادر مطّلعة لـ"شبكة قدس" تفاصيل جديدة بشأن وفاة العقيد في جهاز الأمن الوقائي، عمار دار موسى، من مدينة رام الله، أثناء احتجازه لدى جهاز الاستخبارات العامة في المدينة، حيث خضع لتحقيقات قاسية داخل الجهاز الذي خدم فيه ما يزيد عن ثلاثة عقود.

ووفق المصادر، فإن وفاة العقيد جاءت في سياق حملة اعتقالات داخلية شنّها قائد جهاز الاستخبارات الجديد، اللواء محمد الخطيب، المقرّب من حسين الشيخ، عقب تسلّمه المنصب خلفًا للواء زكريا مصلح. وقد طالت هذه الحملة العشرات من ضباط وعناصر الاستخبارات المقرّبين من مصلح، في ظل توتر العلاقة بينه وبين الشيخ في الآونة الأخيرة.

وتضيف المصادر أن قوة من جهاز الاستخبارات داهمت منزل العقيد دار موسى، وصادرت مبالغ مالية وسلاحًا شخصيًا وذهبًا، وطلبت منه الحضور إلى مقر الجهاز في اليوم التالي برفقة شقيقه ضياء، وهو ضابط أيضًا في الاستخبارات. وتشير المصادر إلى أن دار موسى، الذي سبق له أن خدم في جهاز الأمن الوقائي قبل انتقاله للاستخبارات بطلب من مصلح، كان على دراية بأنه سيكون من بين المستهدفين، وقد سعى مع التغييرات الأخيرة للعودة إلى جهازه السابق.

وتؤكد المصادر أن العقيد دار موسى كان يدرك أن القضية لن تقف عند حدّ الاعتقال، وأبلغ مقربين منه أن هناك تصفية حسابات وتهيئة أرضية لقيادات وزعامات جديدة، وأنه قد يكون من ضحاياها، وهو ما تحقق لاحقًا.

وبحسب التفاصيل، أمضى دار موسى 34 يومًا في الاعتقال لدى الاستخبارات، مُنع خلالها من تلقي العلاج رغم إصابته بمرض السكري. وتعرض لتعذيب شديد تسبب في تدهور حالته الصحية إلى مرحلة الخطر، بل إن بعض المحققين، بحسب المصادر، طلبوا منه ومن شقيقه تقبيل أقدامهم مقابل تقديم العلاج، وقاموا بتوثيق ذلك بكاميرات هواتفهم، دون أن يلتزموا بوعودهم.

ورغم صدور قرارين قضائيين بالإفراج عنه، أبلغت الاستخبارات عائلته مرارًا أن تنفيذ القرار مرتبط بموافقة من مكتب الرئيس أو حسين الشيخ، دون أي استجابة، تؤكد المصادر، موضحًة أن عائلته تواصلت مع محافظ رام الله والبيرة ليلى غنام، التي أكدت أنها لا تملك صلاحية التدخل، في حين رفضت قيادات من حركة فتح التدخل في القضية، تجنبًا لأي صدام مع الشيخ.

وتؤكد المصادر أن دار موسى حُرم من زيارة محاميه، كما فشلت كل محاولات عائلته في زيارته رغم وساطات قادها مسؤولون سابقون في الجهاز، من بينهم زكريا مصلح، الذي عاد من الخارج لمحاولة التدخل، دون جدوى. وقد نشبت مشادة كلامية بينه وبين شقيق دار موسى داخل المستشفى الاستشاري، حيث اتّهم بعدم بذل جهد كافٍ لإنقاذه.

وبحسب المصادر، في أعقاب إصابة دار موسى بجلطة دماغية أفقدته الوعي، قررت الاستخبارات نقله إلى المستشفى، وأُفرج عن شقيقه ضياء في الوقت ذاته. لكن مع تدهور وضعه الصحي، قررت العائلة نقله للعلاج في مشافٍ إسرائيلية، غير أن المستشفى الاستشاري رفض تزويدها بتقرير طبي، ما عزّز قناعة العائلة بأن قرار تصفيته كان مبيتًا ومُتابعًا من قبل جهات متنفّذة حتى لحظة وفاته.

وتروي المصادر أن طبيبين شرعيين تراجعا فجأة عن المشاركة في عملية التشريح رغم موافقتهما المسبقة، ما أثار شكوك العائلة التي أصرت على مشاركة طبيب شرعي مستقل من طرفها، ونجحت بذلك. وقد شارك في التشريح طبيب ثالث وافق على ذلك.

وتشير المصادر إلى أن ممثلا عن حركة فتح – إقليم رام الله – كان من المقرر أن يلقي كلمة خلال مراسم التشييع، إلا أن المتحدث غاب فجأة دون توضيح، ما أثار استياء عائلة العقيد دار موسى، الذي كانت تربطه علاقات متينة بقيادات وكوادر الحركة، وكان يلعب دور الوسيط في قضايا عديدة، لا سيما المتعلقة بالمعتقلين.

وأكدت المصادر لـ"قدس" أن العائلة تمتلك أسماء المحققين الذين شاركوا في ما وصفته بـ"عملية القتل البطيء"، وتعتزم ملاحقتهم عشائريًا وأمام القضاء العسكري، وفي حال فشل تلك المسارات، ستلجأ إلى محاكم وهيئات دولية لعرض قضيتها.

وكانت عائلة العقيد عمار محمد سعيد أبو ظهري (دار موسى) قد اتهمت في بيان رسمي جهاز الاستخبارات العسكرية بالمسؤولية المباشرة عن وفاته، محمّلة إياه مسؤولية "ظروف اعتقال قاسية وتعذيب نفسي وجسدي وإهمال طبي ممنهج" أدّت إلى وفاته.

وفي بيانها، قالت العائلة: "ننعى ابننا الذي غدر به الظالمون، ونحسبه شهيدًا"، مشيرة إلى أنه أفنى أكثر من 32 عامًا في صفوف الأجهزة الأمنية الفلسطينية، قبل أن يلقى مصيره المأساوي على يد من يفترض أنهم رفاقه.

وأضاف البيان أن دار موسى تعرّض للتنكيل داخل سجون الاستخبارات، ما أدى إلى وعكة صحية حادة انتهت بوفاته، مؤكدة أن "كل من اعتقله وعذبه يتحمّل المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة المكتملة الأركان".

وطالبت العائلة بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة ونزيهة لكشف ملابسات ما جرى ومحاسبة جميع المتورطين، داعية الشعب الفلسطيني والمنظمات الحقوقية والإنسانية إلى دعم جهودها في المطالبة بالعدالة.

من جهتها، نشرت وكالة الأنباء الرسمية "وفا" نعيًا مقتضبًا للعقيد، واصفة إياه بـ"أحد ضباط جهاز الأمن الوقائي"، وأشارت إلى أنه توفي أثناء تلقيه العلاج وكان يعاني من أمراض مزمنة.

كما صرّح اللواء أنور رجب، الناطق باسم المؤسسة الأمنية، بأن وفاة العقيد كانت قيد المتابعة من قبل الجهاز الأمني، موضحًا أنه أُحيل إلى المستشفى أكثر من مرة خلال فترة توقيفه، في إطار ما وصفه بـ"المتابعة الحثيثة". وأكد رجب أن المؤسسة الأمنية لم تدخر جهدًا في تقديم الرعاية الصحية له، بحسب تعبيره.