شبكة قدس الإخبارية

كمين بيت حانون يعيد "الإسرائيليين" إلى حسابات الواقع: المقاومة فضاء لا يختفي بالغارات  

٢١٣

 

rKegY

خاص - شبكة قُدس: لم يتسبب الكمين الذي وقع في بيت حانون ليلة أمس، بصدمة للجنود الذين وقعوا بين قتيل وجريح فيه، بل أيضا للجمهور "الإسرائيلي" الذي تشبع بأوهام القضاء على حركة حماس. وكان وقعه صادما أيضا على قيادة جيش الاحتلال، التي أكد لها الضباط في الميدان أن منطقة الكمين آمنة، وبالتالي يمكن للقوات أن تتقدم بثقة، وهو ما فشل في التقدير كشف عن تفاصيله موقع والا العبري. 

يشير الموقع إلى أن الكمين الذي أدى لمقتل 5 جنود وإصابة 14 - حسب الإعلان الرسمي - نُفذ ضد قوة تتبع لواء الشمال التابع لفرقة غزة، في منطقة بيت حانون، على مسافة ليست بعيدة عن السياج الفاصل، في منطقة كان جيش الاحتلال أنه يسيطر عليها عملياتيا بنسبة عالية جدا، وهو ما يثير تساؤلات صعبة جدًا تجاه قيادة فرقة غزة والقيادة الجنوبية في جيش الاحتلال.

التفاصيل التي نشرها الموقع تشير إلى أن القوة كانت تسير على مسار سبق أن عملت فيه عدة قوات بهدف السيطرة وتمشيط المنطقة. ويقول جيش الاحتلال إن المنطقة "مُشطت" عبر غارات جوية خلال الأيام الماضية. وتساءل معدّ التقرير في الموقع: لكن إن كان الأمر كذلك، فكيف تم زرع عبوات ناسفة فيها؟ أم أن المقاومين استغلوا الوقت منذ مساء السبت وحتى ليلة أمس لزرع العبوات، بعد أن توقعوا أن القوات ستتحرك في ذلك المسار؟.

واعتبر الموقع أن قدرة المقاومين على العمل بالقرب من السياج الفاصل تدل على امتلاكهم سيطرة ميدانية متقدمة، وهو ما يُفترض أن يثير قلقًا بالغًا داخل المؤسسة الأمنية لدى الاحتلال. بل وأكثر من ذلك، فإن قدرتهم على التنبؤ بمكان مرور القوات وزرع عبوات في نفس المسار، تتطلب جمعًا استخباراتيًا مسبقًا، وتحليلًا ميدانيًا وفهمًا لحركة الجيش على الأرض. وبعبارة أخرى، كان الجيش "مكشوفا" للمقاومين، الذين تمكنوا من فتح النار باتجاه قوات الإنقاذ، وسط مخاوف جدية من محاولة هجوم ثانٍ على القوات. 

وبحسب الموقع، حجم إطلاق النار من مروحيات الهجوم خلال عمليات الإخلاء أشار إلى وجود خشية حقيقية من تواجد مقاومين في المنطقة. فضلًا عن ذلك، فإن التقديرات تشير إلى أن العبوة الناسفة قد فُجّرت عن بعد، وهذا يعني أيضًا أن المقاومين استخدموا أجهزة للرؤية الليلية لمراقبة تقدم القوة نحو نقطة الانفجار.

وأعاد الموقع التأكيد على تعالي الأصوات بشأن الإنهاك المتزايد في صفوف الجنود النظاميين وجنود الاحتياط، خصوصًا في صفوف القيادة العليا، التي تخوض هذه الحرب منذ عامين. إذ لا يمكن للقيادة العسكرية والسياسية في "إسرائيل" تجاهل هذه المسألة، وهو ما يحتم على القيادة العسكرية والسياسية فحص الخيارات السياسية، بما في ذلك التوجه إلى اتفاق وقف إطلاق نار من أجل إطلاق سراح الأسرى. وعلى المستوى الاستراتيجي، لا بد من العمل على صياغة مسار لإنهاء هذه الحرب، لأن ثمن استمرارها بات باهظًا جدًا، وفق تعبير الموقع.

من جانبها، وصفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية كمين بيت حانون بـ"الكلاسيكي" الذي ينتمي لحرب العصابات. وهو يؤكد على قدرة حركة حماس على دراسة أنماط عمل جيش الاحتلال بشكل منهجي، وتوجيه ضربات موجعة له. لأنه ولتنفيذ هجوم كهذا، كان على حماس تنفيذ رصد مسبق لتحركات الجنود، ثم استغلال سيطرتها على الفضاء تحت الأرض، وقدراتها في القتال من مسافة قصيرة. وكانت النتيجة، في هذه الحالة، قاتلة.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الكمين يُظهر مدى استمرار منطقة بيت حانون، القريبة من السياج في شمال قطاع غزة، كمجال نشط للعمل المقاوم، رغم مرور 21 شهرًا على الحرب، احتُلّت خلالها المنطقة – على الأقل – ثلاث مرات. وما يجعل ذلك ممكنًا هو ما يشبه "مدينة سفلية" أقيمت تحت الأرض. 

وأوضحت الصحيفة أن هذا النظام من العمليات معروف منذ أيام العدوان على غزة عام 2014 (عملية الجرف الصامد)، حيث استخدمت حماس نفقًا انطلق منه مقاومون إلى داخل الأراضي المحتلة، ونفذوا عملية قُتل فيها المقدم في جيش الاحتلال دوليف كيدار، والملازم أول يوآف هايمان، والرقيب دان بينساين، والعريف نداف غولدماخر.

وتابعت الصحيفة "منذ ذلك الحين، أي خلال 11 عامًا، طوّرت حماس منظومتها التحت أرضية، ليس فقط في شمال قطاع غزة، بل أيضًا في منطقة خانيونس، التي تم تدميرها فعليًا، إلا أن المزيد من الأنفاق النشطة لا تزال تُكتشف هناك. تدمير المباني لا يؤدي بالضرورة إلى القضاء على البنى التحتية التي تحتها، بل أحيانًا العكس: يزيد ذلك من صعوبة التعامل الهندسي معها".

وشددت الصحيفة على أن الاستنتاج هو أنه لا يمكن تفكيك البنية التحتية للمقاومة بالكامل من خلال الحصار أو القصف الجوي فقط. ولإزالة التهديد عن المستوطنات والجنود، هناك حاجة لعمل مركز وعميق أكثر، يتطلب وقتًا (على حساب الأسرى) ويحتمل أن يُسفر عن خسائر إضافية في صفوف الجيش، تضاف إلى النقص القائم في القوات والإرهاق الكبير.

ضابط كبير في جيش الاحتلال مطّلع على تفاصيل الكمين قال للصحيفة إن "بيت حانون يجب أن تُمحى تمامًا كمجال نشط للمقاومة". وأضاف: "يجب على الجيش أن يفرض سيطرته على المنطقة، ويقيم حاجزًا من الجهة الغربية. إذا أردنا حماية المستوطنات، يجب أن تكون هذه المنطقة تحت مسؤولية أمنية دائمة".