شبكة قدس الإخبارية

رفضا لتكميم الأفواه.. مئات الأكاديميين الأمريكيين في مواجهة ترامب 

٢١٣

 

35859488-23ee-4dba-a21b-a11812b406a2

واشنطن - شبكة قُدس: دخلت العلاقة بين إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب والمؤسسات الأكاديمية مرحلة غير مسبوقة من التوتر، مع تصاعد الإجراءات الفيدرالية ضد الجامعات على خلفية مناصرة فلسطين، وتتوسع المعركة لتتجاوز حدود أنصار القضية الفلسطينية، لتشمل مواجهة شاملة مع القطاع الأكاديمي الأمريكي، وسط مساعٍ لتشكيل تحالف عريض يضم نقابات عمالية كبرى وقيادات محلية وطلابية.

وفي ظل تجميد مليارات الدولارات من التمويل الفيدرالي المخصص للأبحاث – بما يشمل أبحاثًا في مجالات السرطان، والتكنولوجيا، والمجالات العسكرية المرتبطة بأجهزة الاستخبارات – بدأت إدارات جامعية كبرى في اتخاذ موقف دفاعي أكثر صلابة. وقد وقّع أكثر من 400 رئيس جامعة بيانًا يُدين "تجاوزات الحكومة غير المسبوقة والتدخل السياسي" لإدارة ترمب، مع توقعات بزيادة عدد الموقعين. وفي بيان آخر وقّعه أكثر من 100 رئيس جامعة سابق، دعا إلى تشكيل تحالف وطني لمواجهة التوجهات الاستبدادية.

ويُرتقب الإعلان عن هذا التحالف رسميًا خلال اجتماع افتراضي يُعقد السبت المقبل، بينما يعمل ناشطون وأكاديميون على وضع جدول أعمال للاجتماع. 

من جهتها، أصبحت جامعة هارفارد أول مؤسسة أكاديمية كبرى تقاضي إدارة ترمب على خلفية تهديدها بحجب تمويل فدرالي قيمته 9 مليارات دولار، إذا لم تمتثل الجامعة لمجموعة مطالب وصفها رئيسها، آلان غاربر، بأنها "غير قانونية وخارجة عن سلطة الحكومة"، وتندرج تحت ذريعة مكافحة "معاداة السامية".

ويأتي هذا التصعيد القانوني بعد سلسلة من الإجراءات المماثلة اتخذتها نقابات التعليم العالي ومنظمات أكاديمية، بينها دعوى قضائية رفعتها الجمعية الأمريكية لأساتذة الجامعات (AAUP) ضد الإدارة الأمريكية، على خلفية إلغاء تأشيرات طلاب دوليين واحتجاز بعضهم. وقد انضمت 86 جامعة إلى هذه الدعوى بمذكرات صديقة للمحكمة، دفاعًا عن الحرية الأكاديمية ورفضًا لما يصفه كثيرون بمحاولة تكميم للأفواه وتسييس للعمل الأكاديمي.

وجاء في بيان رؤساء الجامعات، أنه "بصفتنا قادة الكليات والجامعات والجمعيات الأكاديمية الأمريكية، فإننا نتحد ضد التجاوزات الحكومية غير المسبوقة والتدخل السياسي الذي يُهدد التعليم العالي الأمريكي".

وأضاف: نحن منفتحون على الإصلاح البنّاء ولا نعارض الرقابة الحكومية المشروعة، ومع ذلك، يجب علينا معارضة التدخل الحكومي غير المبرر في حياة من يتعلمون ويعيشون ويعملون في جامعاتنا. سنسعى دائمًا إلى ممارسات فعالة وعادلة، ولكن يجب علينا رفض الاستخدام القسري لتمويل البحث العلمي العام.

وأكد البيان، أن "سيدفع طلابنا ومجتمعنا ثمن تقليص الحريات الأساسية للتعليم العالي الأمريكي. نيابةً عن طلابنا الحاليين والمستقبليين، وجميع من يعملون في مؤسساتنا ويستفيدون منها، ندعو إلى مشاركة بناءة تُحسّن مؤسساتنا وتخدم جمهوريتنا".

وقدّم تحالف الرؤساء للتعليم العالي والهجرة، بدعم من 86 مؤسسة، مذكرة في قضية رفعتها رابطة أساتذة الجامعات الأمريكية (AAUP) ضد السيناتور روبيو، اعتراضًا على سياسات الحكومة الأمريكية التي ألغت تأشيرات طلاب وباحثين دوليين واحتجزتهم. وتدعم المذكرة طلب إصدار أمر قضائي أولي لوقف هذه الإجراءات، مؤكدة أن استهداف الأفراد غير الأمريكيين في الجامعات خلق مناخًا من الخوف يهدد الحرية الأكاديمية ويُقوّض قدرة الجامعات على جذب الموهوبين من الخارج.

وحذرت المذكرة من تأثيرات هذه السياسات على التعليم الأمريكي، مشيرة إلى أنها تُضعف الابتكار، وتُقلّص فرص التبادل الثقافي، وتُضر بالاقتصاد الوطني، الذي استفاد بأكثر من 50 مليار دولار من الطلاب الدوليين عام 2023. وأكدت رئيسة التحالف ميريام فيلدبلوم أن هذه السياسات تُهدد مستقبل التعليم العالي الأمريكي وتُقوّض قدرته التنافسية العالمية، مشددة على أهمية الدفاع عن حرية الأكاديميين وحقوق الطلاب الدوليين كجزء من استقرار المؤسسات التعليمية الأمريكية ونموّها.

وفي السياق، حذر بيان صادر عن عدد من رؤساء الجامعات والكليات الأمريكية المتقاعدين من أزمة دستورية وسياسية غير مسبوقة تشهدها الولايات المتحدة، حيث تتجاهل الإدارة الحالية أحكام القضاء، وتهاجم الإعلام الحر، وتعتقل أفرادًا بسبب تعبيرهم عن آرائهم، وتسعى لإضعاف مؤسسات مستقلة مثل الجامعات ومراكز الأبحاث. ويرى الموقعون أن هذه السياسات تسير وفق نمط استبدادي مشابه لما شهدته دول كروسيا وتركيا والمجر، حيث يتم الاستيلاء على السلطة عبر الانتخابات ثم تقويض مؤسسات الدولة والقانون.

وأكد الموقعون، الذين خدموا في مؤسسات أكاديمية متنوعة، أن النظام التعليمي والبحثي في الولايات المتحدة يُعد من الأعمدة الأساسية للديمقراطية والحرية، لكنه أصبح الآن في خطر حقيقي. ولهذا، يدعون إلى تشكيل تحالف واسع يشمل طلابًا ونقابات وقادة محليين ومجتمعات، لمواجهة النزعة السلطوية والدفاع عن الديمقراطية. وحثوا الجميع على الوقوف ضد الاستبداد، حتى لا يُسجل التاريخ تقاعسهم في لحظة حاسمة لمصير الديمقراطية الأمريكية.