خاص قدس الإخبارية: أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق على الأمل الكبير في الوصول إلى اتفاق وشيك بفضل تضافر عدة عوامل، منها الضغط الدولي، وصمود المقاومة الفلسطينية، واستعدادها لتقديم صفقة "مشرفة" تضمن وقف الحرب وإعادة الإعمار.
وأشار أبو مرزوق في حوار خاص مع "شبكة قدس" إلى العقبات الرئيسية التي تعطل التوصل إلى اتفاق، موضحًا أن "نتنياهو هو العقبة الأكبر، حيث يعارض أي صفقة شاملة، ويعمل عكس توجهات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الذي يدفع نحو إنهاء الحرب وتقديم حل شامل".
وتطرق في حواره إلى رؤية الحركة تجاه المشهد السياسي الفلسطيني بعد الحرب، وعن الانقسامات العميقة التي يواجهها الاحتلال داخليًا، والتي قد تتحول إلى صراعات داخلية بسبب إخفاقاته في غزة، مؤكدًا أن ما يحدث في قطاع غزة ليس حدثًا عابرًا، بل يمثل نقطة تحول تاريخية للشعب الفلسطيني.
وأوضح أن نتائج الحرب ستترك تغييرات عميقة على مختلف المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مشيرًا إلى أن من وقف بجانب الشعب الفلسطيني خلال هذه الحرب سيحظى بتقديره ورفعه، في حين أن من تواطأ مع الاحتلال سيشهد تراجعًا في مكانته.
وفيما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي، أوضح أبو مرزوق أن دولة الاحتلال تواجه انقسامات داخلية عميقة، اجتماعيًا وسياسيًا، تفاقمت بسبب إخفاقاتها في غزة. وأكد أن هذه الانقسامات قد تتطور إلى صدامات داخلية نتيجة إخفاقات الجيش والأمن، فضلًا عن انتهازية نتنياهو التي أصبحت واضحة للجميع.
فيما يتعلق بإدارة قطاع غزة، قال أبو مرزوق إن حركة حماس لا تسعى للتمسك بحكم قطاع غزة، وقد أبدت تأييدها لمقترح تشكيل لجنة تكنوقراط وطنية لإدارة القطاع، بشرط أن تكون من شخصيات وطنية نزيهة وغير فاسدة، وأشار إلى أن هذا المقترح لاقى قبولًا من معظم الفصائل الفلسطينية باستثناء حركة فتح.
وأضاف أن حركة فتح تعاني من تباين داخلي في المواقف، حيث يرفض البعض تشكيل اللجنة، فيما يتردد الرئيس محمود عباس في اتخاذ قرار حاسم، كما ذكر أن هذا التعطيل من حركة فتح يُضر بالشعب الفلسطيني ويؤخر جهود إعادة الإعمار، مشددًا على ضرورة الوحدة الوطنية لتحقيق مصلحة الشعب الفلسطيني.
وفيما يلي نص الحوار كاملًا:
- كيف تنظرون إلى تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب حول الإفراج عن الأسرى والجنود الإسرائيليين؟ وما الذي يعكسه تكرار هذه التهديدات بهذه الوتيرة؟
بكل الأحوال، نتنياهو هو من عطل الوصول لاتفاق طيلة الأشهر الماضية، واليوم هو العقبة الرئيسية أمام إنجاز الصفقة، وبالتالي هو من يعمل على خلاف موقف الرئيس ترامب، بل هو على نقيض من سياسة الرئيس ترامب الذي يعد بإنهاء الحروب، ونتنياهو يعد بإشعال مزيد من الحروب.
- هل هناك أمل حقيقي في الوصول إلى صفقة محتملة؟ وما دلالات ذلك؟
نعم هناك أمل كبير في الوصول إلى صفقة ولعدة أسباب، أولها موقف الرئيس ترامب وتحديده لموعد عشرين من يناير لإنجاز الصفقة وأنهاء الحرب، وثانيها اجتماع الأطراف جميعا، مع تفويض محدود للوفد الإسرائيلي.
أما السبب الثالث، فهو الضغط المتواصل من مختلف الأطراف في الكيان الصهيوني فالجيش ليس له أهداف يعمل على تحقيقها، واستمرار الحرب يعني مزيدا من القتل للأسرى الإسرائيليين بالإضافة إلى أن غالبية الإسرائيليين وخاصة أهالي الأسرى وضغطهم في إتمام الصفقة وانهاء الحرب.
وأخيرًا استمرار المقاومة وفعاليتها وصمود الناس وتضحياتهم وإيجابية الوفد المفاوض وتجاوبه مع كل ما يؤدي إلى وقف الحرب.
- الصفقة شاملة أم جزئية؟ وعلى أي أسس ترتكز العملية التفاوضية؟
حماس تريد صفقة شاملة تؤدي إلى وقف الحرب وعودة الناس لأماكن سكناهم وإيوائهم وإعادة الإعمار وعقد صفقة مشرفة، ولكن نتنياهو يريدها جزئية ومن مرحلة واحدة ويرفض تقديم أي تعهدات بوقف الحرب بعد إتمام الصفقة الإنسانية. وهذا عكس إرادة الوسطاء جميعا في أمريكا ومصر وقطر والمجتمع الدولي من المفاوضات التي أسست على ورقة السابع والعشرين من مايو.
وهي الورقة التي عكست قرار مجلس الأمن ومبادرة الرئيس الأمريكي جو بايدن مع تعديلات أدخلها الجانب الأمريكي ووافقت عليها الحركة وهي على مراحل: المرحلة الأولى، وهي الإنسانية التي يخرج فيها الأطفال والنساء والمرضى والمجندات الإسرائيليات، والمرحلة الثانية المتعلقة بالجنود والانسحاب الكامل للقوات، والمرحلة الثالثة تبادل جميع أشلاء أو رفات الموتى لدى الطرفين بعد الوصول إليهم والتعرف عليهم وإعادة الإعمار التي سوف تأخذ من ثلاث إلى خمس سنوات.
- ما هي الخطوط الحمراء لحماس في هذه المفاوضات؟ وهل ستصر الحركة على الإفراج عن قيادات بارزة من الأسرى الفلسطينيين ضمن الصفقة؟
موقف الحركة من العملية التفاوضية مستند إلى مصلحة أهلنا في قطاع غزة، ولهذا نرفض الوصول إلى اتفاق يعود من خلاله العدو إلى الاستمرار في الحرب على شعبنا، ولذلك لا نقبل باتفاق لا تشمل مراحله وقف إطلاق نار نهائي، وانسحاب شامل من قطاع غزة، وإعادة اعمار ما دمّره العدو، واغاثة شعبنا، والوصول إلى صفقة تبادل مشرّفة، وسنعمل ما في وسعنا لخروج كل المناضلين من أبناء شعبنا من السجون الإسرائيلية لا سيما المعتقلين أثناء المعركة.
- هل ترى الحركة أن انتخاب ترامب سرّع من وتيرة المفاوضات؟
شكّل موقف نتنياهو العقبة الرئيسية أمام الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وقد طرأ تغيرات على موقفه مع انتخاب دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، وهو وفريقه مهتمون بالوصول إلى وقف الحرب، مما شكّل ضغطًا على نتنياهو، ولها نحن نرى بأن هنالك فرصة الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق نار قبل تنصيب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة.
لكن موقف نتنياهو بأن لا يعطي هذا الإنجاز لإدارة منتهية ولذا بمجرد انتهاء الانتخابات وفوز ترامب وحديثه عن انهاء الحرب وإطلاق سراح الأسرى وتحديد تاريخ لذلك، كل ذلك جعل نتنياهو يقرر الذهاب لاتفاق من مرحلة واحدة حتى اللحظة.
- هل فتحت الإدارة الجديدة أي قناة اتصال غير مباشرة معكم بشأن الحرب أو مفاوضات الصفقة؟ أم أن الأمر مرتبط فقط بالوسطاء؟
نحن نرحب بالحوار والاتصال المباشر سواء كان مع الأمريكيين أو الأوروبيين ولا زالت قناة الوسطاء هي الفاعلة حتى اللحظة.
- في حال نجاح الجهود، هل تتوقعون أن يكون للصفقة انعكاسات على المشهد السياسي الفلسطيني أو العلاقات مع الاحتلال؟
ما يحدث في قطاع غزّة ليس حدثًا عابرًا، وإنما الحدث الأكثر أهمية في تاريخ الشعب الفلسطيني، ولهذا سيكون الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار وطي صفحة المعركة العسكرية في حرب الإبادة ضد شعبنا، ارتدادات ليست على المشهد الفلسطيني أو الاحتلال فحسب، وإنما المنطقة ككل.
على صعيد المشهد الفلسطيني، فسنشهد تغيرات عميقة في مختلف الصعد والمستويات، السياسية والاجتماعية والاقتصادية إلخ، وخريطة التوازنات داخل شعبنا الفلسطيني ستختلف، فمن أحسن خلال حرب الإبادة واتخذ مواقف قريبة من شعبه سيرفعه شعبنا بكل تأكيد، ومن عمل ضد مصالحهم، وتواطئ مع عدّونا، فمكانته ستتراجع.
كما أن الانقسامات عميقة أفقية وعمودية في المجتمع الإسرائيلي، والوصول إلى اتفاق، سيفتح المجال أمام هذه الانقسامات لتطفوا إلى السطح، وتتحول إلى صدامات، نتيجة إخفاقات مؤسسة الجيش والأمن، وانتهازية نتنياهو التي لا تخفى على أحد، وعديد من الانقسامات الأخرى.
- فيما يتعلق بملف تشكيل اللجنة "لجنة إسناد غزة"، إلى أين وصلت الجهود ولماذا تتقدم الأمور ببطء؟ وهل يمكن القول إن مرحلة حكم الحركة للقطاع قد انتهت أمام هذا الواقع؟
حركة حماس ليست حريصة على حكم قطاع غزة، وهذا الموقف تعرفه الفصائل، وسبق معركة طوفان الأقصى وحاولنا تذليل العقبات أمام الوحدة الوطنية لكن لم ننجح. عرضت جمهورية مصر العربية مؤخرًا فكرة تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة من تكنوقراط تتفق على أسمائهم الفصائل، ولاقت هذه الفكرة استحسان جميع الفصائل الفلسطينية إلا حركة فتح، وفي الواقع، نحن نؤيد هذه اللجنة، وشرطنا الوحيد أن تتشكل هذه اللجنة من شخصيات وطنية ونزيهة ليست فاسدة.
كما أننا نرى بأن هذه اللجنة أنها ستساهم في تعجيل عملية إعادة اعمار غزة، وإغاثة شعبنا. ووافقنا أن تكون المرجعية السياسية للرئيس أبو مازن، والإدارية والمالية للحكومة الفلسطينية ضمانًا أن يكون القطاع والضفة وحدة واحدة وإدارة واحدة.
- هل ترفض حركة فتح فعلاً تشكيل اللجنة معكم بالشراكة ضمن إطار واقعي أم أن الأمر متعلق بتيارات داخل السلطة والحركة لا تريد وجود حماس في المشهد السياسي الفلسطيني؟
في الحقيقة هنالك تباين في الموقف داخل حركة فتح، لكن الرئيس أبو مازن لا يريد اتخاذ أي موقف، وهو في حالة انتظار، ولهذا ذهبنا إلى موسكو مطلع 2024 واتفاقنا على عدّة قضايا وطنية، ولم تلتزم حركة فتح، ثم ذهبنا إلى بكين، واتفقنا على تشكيل حكومة وحدة وطنية بمرسوم رئاسي، وتفعيل الاطار القيادي أيضًا بدعوة من الرئيس أبو مازن، ومع ذلك أفشل الاتفاق موقف حركة فتح، رغم حرص الصين ورغبتها الصادقة في رأب الصدع الفلسطيني، وبالمجمل هذه المواقف المعطلة لا تخدم الشعب الفلسطيني، وهذا التعطيل المتضرر منه بالدرجة الأولى شعبنا، ويجب أن يدرك الجميع بأنه لا يستطيع أي فصيل فلسطيني شطب الآخر، فلا حماس قادرة على شطب فتح، ولا فتح قادرة على شطب حماس.
هنالك أكثر من رأي داخل حركة فتح، وهنالك من ينتظر انهاء حماس ووراثتها، ومنهم من يوافق على اللجنة الإدارية، ومنهم من يرى أن تشكيل حكومة فلسطينية باتفاق وطني وتُشرف هي على تشكيل لجنة لإدارة غزة، ولكن القرار النهائي كان رفض ما تم الاتفاق عليه من تشكيل للجنة الاسناد المجتمعي برعاية مصرية.
- كيف تصف العلاقة مع الروس والصينيين حاليًا؟ هل يمكن أن يكن لأحدهما أو كلاهما دور في المشهد؟
العلاقة ممتازة مع الطرفين وهم مساندون للشعب الفلسطيني وخاصة في مجلس الأمن والمحافظة الدولية والحركة أرادت أكثر من مرة مشاركتهم في المشهد التفاوضي، ولكن الجانب الآخر رفض أي مشاركة لهم