شبكة قدس الإخبارية

هكذا تؤسس السلطة لاقتتال مجتمعي داخلي.. ما هو دور مجموعتها على مواقع التواصل الاجتماعي؟ 

photo_2024-12-31_18-07-28
هيئة التحرير

خاص - شبكة قُدس: يهدد والد الضابط في حرس الرئيس حسين نصار من يطا جنوب الخليل، الذي قُتل في مخيم جنين، باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والعشائرية بحق من قال إنهم قتلة ابنه. وذلك رغم عدم وجود نتائج تحقيق مستقل ووجود روايات متضاربة حول مقتله، والتي يشير بعضها إلى أنه أصيب خلال إعداد طائرة مسيرة انتحارية لتفجيرها في مجموعة من المقاومين، بينما تقول روايات أخرى إنه قُتل برصاصهم. 

ما من شك أن البعد الاجتماعي في حديث والد نصار كان حاضرا حتى وإن كان ابنه في مهمة عسكرية بقرار أمني من سلطة ينتسب لها، فهو لم يقاتل من أجل عائلته ولا عشيرته ولا في خلاف مجتمعي، وإنما بتوجيهات من أعلى من مستوى في السلطة الفلسطينية. وبالتالي فإن الذي يجب أن يقدّم إجابة لهذا الأب الذي فقد ابنه، هو من اتخذ القرار بإرساله إلى ذلك المكان.

لكن لا يُلام من فقد، وإنما من يؤجج هذا الخطاب الاجتماعي الذي يهدد السلم الأهلي والمجتمعي، ويُغرق المجتمع في ثارات اجتماعية من الشمال إلى الجنوب. تلقفت مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي حديث والد نصار، وتناقلتها ومركزتها في خطابها. فإذا كان الهدف المعلن من عملية السلطة هو "حماية وطن"، ماذا عن الثارات الاجتماعية التي تخلقها وتؤججها وتمنحها حيزا في المجال العام الفلسطيني؟!. 

إمعانا في هذا الخطاب، بدأت مجموعات محسوبة على السلطة مثل؛ إعلام الثورة وغيرها، بإنتاج مقاطع فيديو "تعريفية" لمطاردين لقوات الاحتلال من مخيم جنين، تضمنت إشارات واضحة عن مسؤوليتهم عن قتل أفراد في أجهزة أمن السلطة خلال الاشتباكات الجارية في المخيم. هؤلاء المطاردون أصبحوا مهددين من نار الاحتلال وأجهزة أمن السلطة ونار الثأر المجتمعي، رغم أن أهدافهم لم تتجاوز يوما الاحتلال.

تدرك هذه السلطة، تعقيدات قواعد التنظيم الاجتماعي في المجتمع الفلسطيني. مثل هذا الخطاب المشار إليه، هو وصفة جاهزة لاقتتال مجتمعي بين عائلات وبلدات ومخيمات، وكل ذلك تحت شعار "حماية وطن". أحد مقاطع الفيديو يشير إلى أحد المطاردين ويدّعي أنه مسؤول عن قتل الضابط في أجهزة أمن السلطة ساهر ارحيل. لم يعتقل المطارد المذكور، ولم يتم التحقيق معه، ولم يثبت قانونيا وقوفه وراء هذه الحادثة، لكن خطاب السلطة كان جاهزا لاتهامه، وكأنه يقول لعائلة القتيل: هذا هو العدو الذي قتل ابنكم، فماذا أنتم فاعلون كعائلة مع هذا المطارد وأهله وعشيرته؟!. حتى أكثر النماذج استبدادية وقمعا لم تستخدم هذا الأسلوب الذي يؤسس لمظاهر اقتتال مجتمعي. 

ويبدو أن السلطة تراهن على مقتل المزيد من أفراد أجهزتها الأمنية، لتوريط مخيم جنين ومقاوميه في أزمة اجتماعية لن تنته بانتهاء العملية العسكرية في المخيم. تنشر مجموعات قريبة من السلطة أسماء 12 مقاوما من عائلات مختلفة تتهمهم بالوقوف وراء مقتل عناصرها. وفي حين لم يتم الوصول لأحد منهم، يستمر خطاب السلطة في إنتاج الفوضى الاجتماعية مستغلا فهمه الدقيق لتداعيات خطابه اجتماعيا. 

ما سبق يعني، أن المشروع الأمني للسلطة لم يعد يستهدف المقاومة كحالة نخبوية، وإنما المجتمع الأوسع. فيما يصر الرئيس ومن حوله وقادة أجهزته على استمرار العملية على حساب البعد الاجتماعي والوطني والتاريخي، ويرفضون كل مبادرة من شأنها حقن الدم ومنع التدهور في حالة الاشتباك الداخلي. المؤسف والمحزن أن قرار هذه العملية لم يتم اتخاذه في رام الله، وإنما في تل أبيب، بينما الضحية هم الفلسطينيون.