بيروت - قدس الإخبارية: يواصل الاحتلال الإسرائيلي الجيش ارتكاب خروقات جديدة لاتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، تجاوز عددها 305 خرقًا، منذ بدء سريان الاتفاق في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وفقا لإحصائية وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.
أبرز هذه الخروقات، توغل جيش الاحتلال في وادي الحجير جنوب لبنان، لأول مرة منذ عام 2006، وتنفيذ عمليات تمشيط فيها.
وأفادت مصادر لبنانية بتحليق طيران الاحتلال المسير فوق بلدات القنطرة ووادي الحجير ودير سريان والبلدات المتاخمة للوادي بعد تقدم جيش الاحتلال.
وبحسب المصادر، عمد جيش الاحتلال على إنشاء ساتر ترابي وقطع وفصل طريق وادي السلوقي عن وادي الحجير.
وأفادت الوكالة الوطنية اللبنانية أن قوة من جيش العدو خطفت أثناء توغلها في وادي الحجير، المواطن حسام فواز من بلدة تبنين، خلال توجهه إلى مركز عمله في مركز الكتيبة الإندونيسية التابعة لـ"اليونيفيل" في بلدة عدشيت القصير قضاء مرجعيون.
وأضافت مصادر لبنانية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي خطف 3 لبنانيين على طريق وادي الحجير في الجنوب مساء يوم أمس وفقد الاتصال معهم.
لأول مرة منذ مجرزة الدبابات
ويقع وادي الحجير في منطقة جبل عامل جنوب لبنان، بين أقضية مرجعيون وبنت جبيل والنبطية، وهو واد سحيق ويمتد من مجرى نهر الليطاني أسفل النبطية إلى المناطق الملاصقة للحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة.
وشهد وادي الحجير مجزرة الدبابات، التي وقعت في اليوم الـ32 من عدوان 2006 في تموز/يوليو، بعد عجز الاحتلال عن تحقيق اختراق للوصول إلى نهر الليطاني، والتي أسفرت عن مقتل 34 من ضباط وجنود الاحتلال، فضلا عن إعطاب أكثر من 20 دبابة بعضها احترق بالكامل.
وياتي التوغل الإسرائيلي غير المسبوق اليوم في وادي حجير، بعد يومٍ واحد مما كشفته صحيفة "معاريف" العبرية أن الطيران الحربي الإسرائيلي شن فجر الأربعاء غارة على منطقة البقاع شرقي لبنان لأول مرة منذ إعلان وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية إن الطيران الإسرائيلي قصف منزلا في سهل بلدة طاريا غربي بعلبك قرب مجرى نهر الليطاني، دون الإبلاغ عن وقوع إصابات. وتعد هذه الغارة الأولى التي تستهدف المنطقة منذ بدء تنفيذ الاتفاق الهش لوقف إطلاق النار بين الاحتلال وحزب الله.
كما شهدت الضاحية الجنوبية أمس تحليقا لطائرة مسيّرة إسرائيلية على علو منخفض، كما نفذ جيش الاحتلال في قضاء مرجعيون عملية تفجير استهدفت عددا من المنازل في بلدة كفركلا.
أما في قضاء بنت جبيل، فقد أقدم جنود الجيش الإسرائيلي على إحراق منزل في بلدة مارون الراس، بالتزامن مع إطلاق نيران كثيفة من أسلحة رشاشة ثقيلة ومتوسطة داخل أحياء البلدة، مما تسبب في أضرار مادية كبيرة.
إدانات لبنانية ودولية
في غضون ذلك، قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) في بيان رسمي: "إنها تشعر بالقلق إزاء استمرار التدمير الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي في المناطق السكنية، والأراضي الزراعية، والطرق في جنوب لبنان، في انتهاك للقرار 1701."
ودعت اليونيفيل إلى تسريع انسحاب جيش الاحتلال من جنوب لبنان واستكمال انتشار الجيش اللبناني في المنطقة. كما ندعو الطرفين إلى استخدام الآلية الجديدة التي تم الاتفاق عليها في إطار الاتفاق.
بدوره، قالت الجيش اللبناني، إن العدو الإسرائيلي يواصل تماديه في خرق اتفاق وقف إطلاق النار والاعتداء على سيادة البلاد، وإن قوات العدو توغلت في عدة نقاط في القنطرة وعدشيت القصير ووادي الحجير جنوبي البلاد.
فيما قال وزير العمل في الحكومة اللبنانية مصطفى بيرم بعد توغل قوات الاحتلال في وادي الحجير: "عبرة تاريخية واستنتاج حتمي بأن الخيار والحل الوحيد فقط وفقط المقاومة وفشل ذريع لكل الحلول الأخرى".
من ناحيته، اعتبر النائب في كتلة حزب الله في البرلمان اللبناني، علي فياض توغل قوات العدو الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية وصولاً إلى وادي الحجير تطوراً شديد الخطورة ويشكل تهديداً جدياً لإعلان الإجراءات التنفيذية للقرار 1701 وتقويضاً للمصداقية الواهنة للجنة المشرفة على تنفيذه.
وأضاف فياض أن على الدولة اللبنانية حكومة وجيشاً وجهات معنية إعادة تقويم الموقف بصورة فورية، يجب مراجعة الأداء الحالي الذي أظهر فشلاً ذريعاً في الحد من الإمعان الإسرائيلي في استمرار الأعمال العدائية.
ووفقا لإحصائيات وزارة الصحة اللبنانية، استشهد 32 شخصا وأصيب 38 آخرين، منذ توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار.
خطط بقاء وبناء مواقع
قالت صحيفة "هآرتس" العبرية، إن جيش الاحتلال يخطط لاحتمال البقاء في جنوبي لبنان بعد فترة الـ60 يوما المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في جيش الاحتلال أنه يعتزم البقاء بعد انقضاء فترة الشهرين في 27 يناير/كانون الثاني المقبل إن لم يتمكن الجيش اللبناني من الوفاء بالتزاماته المضمنة في الاتفاق ببسط سيطرته على كامل الجنوب.
وأضافت المصادر أنه في هذه الحالة ستبقى قوات الاحتلال في المناطق التي تسيطر عليها حاليا حتى يكمل الجيش اللبناني انتشاره.
وبحسب هآرتس، فإن جيش الاحتلال متواجد حاليا في كل القرى اللبنانية القريبة من السياج الحدودي، وباشر وضع البنية التحتية لإقامة نقاط عسكرية في المنطقة الغازلة.
وينص اتفاق وقف إطلاق النار على انسحاب تدريجي لقوات الاحتلال إلى جنوب الخط الأزرق في غضون 60 يوما، على أن يتولى الجيش اللبناني مهمة حفظ الأمن في الجنوب وتفكيك البنية التحتية والمواقع العسكرية لحزب الله ومصادرة الأسلحة غير المرخصة.
والخط الأزرق هو خط مؤقت يبلغ طوله 120 كيلومترا، أنشأته الأمم المتحدة للتحقق من انسحاب قوات الاحتلال من جنوب لبنان عام 2000.
وفي أول رد على الخروقات، استهدف حزب الله اللبناني في الثاني من ديسمبر/كانون الأول الماضي موقع "رويسات العلم" العسكري في تلال كفر شوبا المحتلة بقصف صاروخي.
وبلغ عدد الشهداء اللبنانيين خلال العدوان الإسرائيلي الأخير 4063 شخصا، بينهم العديد من النساء والأطفال، في حين أصيب 16 ألفا و663 شخصا بجروح، ونزح 1.4 مليون شخص معظمهم خلال تصعيد سبتمبر/أيلول الماضي.