شبكة قدس الإخبارية

غياب الأب والأم: قصة نضال عائلة سعدات تحت وطأة الاحتلال

غياب الأب والأم: قصة نضال عائلة سعدات تحت وطأة الاحتلال
ثائر أبو عياش

في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي في استهداف القيادات الفلسطينية وأسرهم، يبرز اعتقال أحمد سعدات، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وزوجته عبلة سعدات، كحدث يعكس الأبعاد الإنسانية والاجتماعية للصراع. لم يكن هذا الاعتقال مجرد استهداف لشخصيات سياسية فحسب، بل هو انتهاك مباشر للأسرة الفلسطينية، ما يثير تساؤلات حول تداعيات غياب دور الأب والأم في ظل قمع الاحتلال.

الأب | رمز النضال المغيب

منذ اعتقاله عام 2006 من سجن أريحا، تحول أحمد سعدات إلى رمز للمقاومة الفلسطينية، لكنه في الوقت ذاته أصبح أباً مغيباً قسراً عن عائلته. بُعده عن أطفاله جعلهم يكبرون في غياب صوته الحنون وتوجيهاته الإنسانية. بالرغم من هذا الفقدان، حمل الأبناء في قلوبهم إرث والدهم النضالي، متسلحين بقيم الصمود التي غرسها فيهم قبل اعتقاله.

أحمد سعدات، الذي يعتبر من أبرز القادة الفلسطينيين، أمضى سنوات طويلة في سجون الاحتلال بسبب قيادته ودوره في المقاومة. اعتقاله لم يكن فقط محاولة لتجريده من دوره السياسي، بل هو أيضًا فصل قسري له عن عائلته. كأب، سعدات كان رمزًا للصمود لأبنائه، وغيابه عن المنزل يترك أثرًا نفسيًا عميقًا على الأسرة بأكملها.

الأم | الغياب الذي لا يعوض

اعتقال عبلة سعدات في 17أيلول/سبتمبر 2024 ليس مجرد تغييب لشخصيتها كمناضلة سياسية، بل حرمان لعائلتها من الدور الأهم: الأمومة. تلك الأم التي تسهر على راحة أبنائها وتمنحهم دفء الحب والاحتواء في ظل غياب الأب، أصبحت اليوم رهينة خلف القضبان. هذا الغياب أحدث فجوة وجدانية كبيرة، حيث تحمل الأبناء المسؤوليات ليكملوا المشوار وسط واقع مليء بالتحديات.

عبلة سعدات ليست فقط زوجة قائد، فقد أسهمت سعدات في دفع الأبناء دون تمييز إلى نجاحات ذاتية مهمة، مسلحة إياهم بثقة الأمل والتفاؤل بالغد كما تقول أبنتها صمود، وبل هي أم فلسطينية ومناضلة بحد ذاتها. اعتقالها يُبرز استهداف الاحتلال للمرأة الفلسطينية، ومحاولاته لتفكيك الأسرة كجزء من سياساته القمعية. عبلة، التي كانت حاضنة وداعمة لأبنائها ولزوجها، تواجه اليوم ظروف الأسر القاسية، ما يُعري الاحتلال أمام هذا العالم الصامت عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.

الأبناء| شخصيات تُصقل وسط التحديات

الغياب القسري للأب والأم ترك أثراً نفسياً واجتماعياً عميقاً على أبناء عائلة سعدات. أصبح عليهم مواجهة تساؤلات الحياة الكبرى وحدهم، متأرجحين بين مشاعر الفقدان والخوف من المجهول. رغم ذلك، نجد أن هذه المعاناة صقلت شخصياتهم، وجعلت منهم نماذج للصمود في وجه الاحتلال.

اعتقال الوالدين معًا يمثل حالة استثنائية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويؤدي إلى تداعيات نفسية واجتماعية كبيرة على الأبناء. غياب الأب والأم يخلق فجوة في الحياة اليومية للأطفال، حيث يضطرون لمواجهة الحياة دون دعم معنوي أو إرشاد مباشر من والديهم. هذا الوضع يُبرز معاناة الطفل الفلسطيني، الذي لا يواجه فقط احتلال الأرض، بل أيضًا حرمانه من الحنان الأسري.

عبلة وأحمد| نموذج لاستهدف الأسرة الفلسطينية

الاحتلال الإسرائيلي لا يستهدف القادة السياسيين فقط، بل يتعمد المساس بأسس المجتمع الفلسطيني. باعتقال أحمد وعبلة سعدات، يرسل الاحتلال رسالة واضحة بأن الأسرة الفلسطينية ليست محصنة من سياساته القمعية. هذا الاستهداف يهدف إلى كسر الروح المعنوية للشعب الفلسطيني وزعزعة استقراره الاجتماعي، وغالباً ما يكون الفشل ضربة في عمق مخططات الاحتلال في هذا السياق.

عبلة وأحمد سعدات هما مثال حي على أن دور الأم والأب في المقاومة لا يقتصر على تربية الأبناء فقط، بل يتسع ليشمل تقديم النموذج المثالي للصمود والتحدي. رغم اعتقالهما، يبقى تأثيرهما حاضرًا في المجتمع الفلسطيني كرموز للنضال والمقاومة في ظل مرحلةٍ معقدة وصعبة يمر بها الشعب الفلسطيني.

ويُظهر اعتقالهم الوجه الحقيقي للاحتلال، الذي لا يتردد في استهداف القيادات والأسر الفلسطينية. ورغم غياب الأب والأم، يظل الشعب الفلسطيني قادرًا على مواصلة دربه في مقاومة الاحتلال، مستمدًا قوته من صمود رموزه وإرادة أبنائه في الحرية والكرامة، وتُثبت عائلة سعدات أنّ عائلة عن عائلة تفرق.

رسالة إنسانية | الأمل في الأفق

في زوايا الحياة الفلسطينية، يتجسد الألم حين تُغيب قيود الاحتلال الأدوار الأساسية للأب والأم داخل الأسرة، حيث قصة أحمد وعبلة سعدات هي انعكاس لما يعانيه آلاف الأسرى الفلسطينيين وعائلاتهم، حيث تتحول غرف السجون إلى محطات انتظار طويلة، ويُصبح السجن هو البيت، خصوصاً ما بعد معركة "طوفان الأقصى"، إذ يغيب الاطمئنان، والنوم، في ظل شح المعلومات عن واقع السجون، وحالة الأسرى ما بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023.