خاص - شبكة قُدس: حذرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، قبل أيام، من كارثة صحية تخيّم على سجن النقب، جراء انتشار مرض الجرب، أو ما يعرف بالسكايبوس.
يأتي هذا التحذير في ظل الأوضاع الصعبة الذي يعاني منها الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، منذ أكثر من عام، حيث تصاعدت الإجراءات القمعية التي تنفذها سلطات الاحتلال ضد الأسرى، منذ 7 تشرين أول/أكتوبر 2023.
وأكدت الهيئة والنادي، أن المئات من الأسرى مصابون بالمرض في سجن النقب، وهم مصابون بأعراض صحية صعبة ومعقدة، مع استمرار إدارة السجن، بترسيخ الأسباب الأساسية التي أدت إلى انتشاره، والتعمد في حرمان الأسرى من العلاج، واستخدامه أداة لتعذيبهم جسدياً ونفسياً.
وكانت الهيئة والنادي قد قالت إنه ومن خلال عدة زيارات أجراها محامو الهيئة والنادي مؤخراً لـ35 أسيراً وفي سجن النقب، من تاريخ 27 إلى 30 تشرين أول/أكتوبر الماضي، عكست إفادات الأسرى، الظروف الاعتقالية المأساوية التي يعيشونها، والتي تؤكد مساعي سلطات الاحتلال، إلى تصفية الأسرى بأي وسيلة ممكنة، ومنها المساهمة في انتشار الأمراض والأوبئة بين صفوفهم، هذا إلى جانب جملة الجرائم الممنهجة وأساسها جرائم التعذيب والجرائم الطبية، خاصة أن هناك المئات من الأسرى في سجن النقب هم من المرضى ومن ذوي الحالات الصحيّة المزمنة والصعبة، مع وجود حالاتٍ مشابهة بباقي السجون.
الأوبة في السجون.. بين النشوء وأسباب الانتشار
في حديث خاص لـ"شبكة قدس"، قال الأسير المحرر والصحفي محمد بدر، إن عدم التعرض لأشعة الشمس والرطوبة العالية في زنازين الأسرى، ساهمت بشكلٍ مباشر في انتشار الأمراض والأوبئة في صفوف الأسرى، فضلاً عن انعدام وسائل ومواد التنظيف ومصادرتها من الأسرى من قبل سلطات الاحتلال، إضافة لمصادرة كافة الملابس بحيث لم يتبق للأسير سوى الملابس التي يرتديها، مع انعدام ماكينات الحلاقة وأدوات تقليم الأظافر، وهو ما أدى لانتشار الأمراض.
وأضاف بدر أن الاكتظاظ الشديد في السجون وعمليات القمع الجماعية، أدت لانتشار الأمراض والعدوى بين الأسرى، كما أن السجانين يستخدمون القيود الحديدية لعدة أسرى بشكلٍ متعدد، بهدف نقل المرض من خلالها.
وأوضح بدر إن سلطات الاحتلال سعت لتعميق معاناة الأمراض بين الأسرى، لإنهاكهم وإضعافهم ومنعهم من القيام بأي خطوات تصعيدية، لتحصيل حقوقهم، فيما تجلت النزعة العدوانية والانتقامية لدى عناصر الاحتلال في السجون، من خلال حرمان الأسرى من العلاج، إضافةً لإضعاف صحة الأسير الفلسطيني وإلحاق أكبر قدر ممكن من الأذى الجسدي والنفسي.
وأكد بدر الذي تحرر مؤخراً من سجن النقب، إن أكثر الأمراض انتشاراً هو مرض السكايبوس، وهو مرض جلدي مُعد، تسببه حشرة "العثة"، حيث تقوم هذه الحشرة بحفر خنادق داخل الطبقة العليا من الجلد وتضع بيضها فيه، ما يسبب حكةً شديدة بجلد الأسير ثم تقرحات مؤلمة، إضافة لفايروسات الإنفلونزا والرشح، التي تطول فترة التعافي منها بسبب عدم توفر علاج.
وبحسب بدر، فإنه إلى جانب هذه الأمراض، يعاني الأسرى أصحاب الأمراض المزمنة بشكلٍ إضافي بسبب حرمانهم من العلاج، وقلة كمية الطعام التي توفرها إدارة السجن وبحالة سيئة وحتى فاسدة، وأدى ذلك إلى ضعف جهاز المناعة لدى الأسرى.
إهمال طبي متعمد
أما الأسير المحرر والصحفي معاذ عمارنة، فقد روى معاناته الخاصة في سجون الاحتلال، بحديث خاص لـ"شبكة قدس" قائلاً: "تعرضت للضرب المبرح من قبل جنود الاحتلال في سجن النقب، ثم فقدت الوعي دون تقديم أي علاج لمدة 4 شهور متواصلة، وحتى في يوم الاعتقال لم يتم إجراء الفحوصات اللازمة، علماً بأنني مُصاب بمرض السكري".
وأضاف عمارنة أنه أُصيب بالتهاب حاد بإصبع قدمه، وتفاقم الالتهاب لدرجة عدم قدرته على المشي، واعتماده على الأسرى بالحركة.
وأكد عمارنة أن الأوبئة بدأت بالانتشار شيئاً فشيئا منذ بداية الحرب، بسبب قطع المياه ومنع مواد التنظيف خاصة تلك المتعلقة بالنظافة الشخصية، خاصة في سجون: النقب وجلبوع وشطة، مع تعمد إدارة سجون الاحتلال بنشر مرض السكابيوس، من خلال خلط الأسرى المصابين بالمرض مع الأسرى غير المصابين، ما أدى لانتشار المرض بكافة السجن، مع عدم تقديم أي علاج.
من جهته قال الأسير المحرر خلدون البرغوثي، إن عمليات التنكيل والضرب والتجويع بحق الأسرى ساهمت بشكلٍ مباشر في انتشار الأمراض في صفوفهم بشكلٍ كبير.
وأكد البرغوثي أن الاحتلال تسبب بأمراض متعددة للأسرى كضمور العضلات والغضاريف التي تلازمهم بعد تحررهم، والنقص الحاد بالفيتامينات والأملاح الذي تستمر انعكاساته حتى بعد تحرر الأسير، إضافة للأمراض المعوية والهضمية بسبب جودة الطعام السيئة.
نشر الأوبئة في قطاع غزة
على مدار عامٍ من حرب الإبادة الإسرائيلية، سعى الاحتلال لنشر الأوبئة والأمراض في قطاع غزة، كما يسعى لنشرها في سجون الاحتلال، في حين تفاقمت الأزمة الصحية في قطاع غزة مع تكدس أطنان النفايات الصلبة في أرجاء القطاع خاصة في مراكز الإيواء ومكبات النفايات العشوائية، وذلك بسبب استهداف جيش الاحتلال لطواقم البلديات خلال قيامهم بمهامهم بجمع النفايات وتصريفها.
وخلال عام من الحرب، حذرت منظمة الصحة العالمية من انتشار الأوبئة والأمراض المعدية بين الفلسطينيين بسبب ظروف الحرب القاسية، وتلوث المياه والنزوح المستمر من مكانٍ إلى مكان إضافة لانتشار القوارض والحشرات بشكلٍ كثيف.
بالإضافة إلى انتشار حالات التسمم الغذائي وذلك بسبب تناول الأغذية الفاسدة والمعلبات منتهية الصلاحية، التي تناولها السكان جراء اشتداد المجاعة في شمال قطاع غزة..
وتساهم المياه الملوثة بانتشار التسمم المعوي، بعد أزمة المياه المتواصلة جراء قصف الاحتلال لمحطات تحلية المياه وتدمير آبار المياه في قطاع غزة، وساهمت مياه الصرف الصحي التي تسربت إلى مياه الشرب بخلق حالات تسمم وأمراض إضافية، وحدث هذا التسرب جراء تدمير الاحتلال للبنية التحتية المتخصصة بعمليات الصرف الصحي في قطاع غزة
إلى جانب هذه الأمراض انتشرت العديد من الأمراض الجلدية التي تسبب التقرحات ما يخلق ألماً جديداً للفلسطينيين، في ظل انعدام الوسائل اللازمة للنظافة الشخصية كالصابون والماء النظيف اللازم للاستحمام.
ولا يكتفي الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين بالرصاص والقنابل والمجازر اليومية في قطاع غزة والضفة الغربية، يسعى لاستكمال الجريمة ضد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال من خلال الضرب والتنكيل تارة، والتجويع تارةً أخرى، ثم نشر الأمراض والأوبئة التي تنعكس على صحة الأسرى لفترات طويلة بعد تحررهم من السجون.