شبكة قدس الإخبارية

الدفاع المدني في غزة.. أداء الواجب بين القذائف والصواريخ

WhatsApp Image 2024-10-29 at 1.32.47 PM
تسنيم الزيان

خاص - شبكة قدس الإخبارية: يُعتبر الدفاع المدني عنصرًا حيويًا في أي مجتمع، حيث يلعب دورًا رئيسيًا في حماية السكان من المخاطر المختلفة، سواء كانت طبيعية أو بشرية. 

ومع اندلاع الحرب في قطاع غزة في أكتوبر 2023، واجه الدفاع المدني تحديات غير مسبوقة تتطلب استجابة سريعة وفعالة، خاصة مع استمرار حرب الإبادة فلا يكاد يمر ساعة إلا ويمارس الاحتلال عدوانه بقصف منزل أو سيارة أو حتى مواطنين وهو ما يستدعي أن يكون الدفاع المدني على أُهبة الاستعداد حتى في ظل وجود خطر على حياتهم.

ويهدف التقرير الذي أعدته شبكة قدس الإخبارية إلى استعراض دور الدفاع المدني في غزة خلال هذه الحرب، وشرح مهامه، والتحديات التي واجهها، وأهمية التنسيق بين مختلف الجهات..

وتسبب التصعيد الاسرائيلي في تدمير العديد من المرافق الحيوية، بما في ذلك المخابز والمستشفيات، وفقًا لتقارير متعددة، فقد دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية العديد من المباني، مما أدى إلى وجود عدد لا بأس به من الأشخاص تحت الأنقاض

ويشهد قطاع غزة حرب دامية مستمرة حتى الآن كان للدفاع المدني نصيب كبير من الاستهدافات المباشرة لرجاله ومعداته وتعرضهم للاعتقال أيضا وعلى الرغم من ذلك لم يتخلوا عن مهامهم الإنسانية قبل الخدماتية في مساعدة الناس والتوجه المباشر لمكان الحدث لانتشال الشهداء والمصابين.

 

الدفاع المدني في حرب الإبادة: عمل قاسٍ في أصعب الظروف

وكانت المديرية العامة للدفاع المدني الفلسطيني كشفت عن معطيات رقمية تظهر حجم تعاظم الكارثة الإنسانية في القطاع، في ظل استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية للشهر 12 على التوالي.

وقدرت المديرية في مؤتمر صحفي ، وجود 10 آلاف مفقود تحت الأنقاض، وقرابة 1760 شهيداً تبخرت جثامينهم لم يعد لهم أي أثر؛ بفعل استخدام الاحتلال أسلحة محرمة تتسبب بتبخر الجثامين.

ويؤكد الدفاع المدني أن  “هناك 2210 جثماناً تم اختفائهم من مقابر متفرقة في قطاع غزة، وجثامين شهداء تم فقدانهم من المناطق التي يتوعدها الاحتلال الإسرائيلي”. 

واستطاعت طواقم الدفاع المدني على مدار حرب الإبادة الجماعية انتشال 35 ألف و580 شهيداً من بين 40 ألف شهيد ممن وصلوا إلى المستشفيات.

وأعاق الاحتلال انتشال 14420 شهيداً، وانتشل المواطنون من هؤلاء الشهداء 4420، وبقي 10 آلاف تحت الأنقاض، كما ونقلت طواقم الإسعاف التابعة للدفاع المدني 8973 شهيداً.

وانتشلت طواقم الدفاع المدني 82 ألف و800 جريح ومصاب من أصل أكثر 92 ألف مصاب، فيما نقلت طواقم الإسعاف التابعة للدفاع المدني 21 ألف و240 مصاباً، مشيرة إلى إعاقة الاحتلال انتشال 7552 مصاباً من مناطق متفرقة بقطاع غزة.

وحول إجلاء الأهالي، تمكنت طواقم الدفاع المدني من إجلاء 25 ألف و430 عائلة من مناطق خطرة على مستوى قطاع غزة.

وقال الدفاع المدني “إن إلقاء الاحتلال لقرابة 85 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة تسببت في تدمير ما يزيد عن 80% من البنية الحضرية، و90% من البنية التحتية، منها 17% أسلحة لم تنفجر، وتعتبر مخلفات خطيرة تهدد الحياة”.

 

حرب على الدفاع المدني.. شمال غزة دون خدمات أساسية

من جهة أخرى وفي الخامس من أكتوبر الجاري بدأ جيش الاحتلال عمليات قصف غير مسبوق على مخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة بمحافظة شمال القطاع، قبل أن يعلن اليوم التالي عن بدء اجتياح لهذه المناطق، بزعم "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة"، رغم أن المؤسسات الدولية والحقوقية أكدت أن الهدف الحقيقي هو تهجير الأهالي.

وكان قد أعلن جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة، فجر الخميس الماضي، توقف عمله كاملا في محافظة الشمال، عقب اعتقال جيش الاحتلال الإسرائيلي 5 من عناصره واستهداف 3 آخرين بشكل مباشر، وقصف مركبة الإطفاء الوحيدة شمال القطاع.

وقال عناصر الدفاع المدني في مؤتمر صحفي: لقد توقف عملنا كليا في محافظة الشمال، والوضع أصبح كارثيا هناك، والأهالي أصبحوا دون خدمات إنسانية.

وأضاف أحد عناصر الدفاع المدني في المؤتمر "لقد اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الموجودة في منطقة الشيخ زايد 5 من عناصرنا واقتادتهم إلى مكان مجهول".

من جهته قال المتحدث باسم الدفاع المدني بقطاع غزة محمود بصل: أكثر من 100 ألف فلسطيني في مناطق جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا يتعرضون لحصار وقصف إسرائيلي، مشيرا إلى أن الاحتلال يقتل كل من يحاول تقديم الخدمة إلى أهالي شمالي قطاع غزة.

وأضاف: الكثير من الناس لا نعرف عنهم شيئاً، والاحتلال يمارس سياسة الاستئصال العرقي في شمالي قطاع غزة، فمنذ 22 يوماً لم يتم دخول قطرة ماء أو خبز إلى شمالي قطاع غزة.

بدوره قال مدير دائرة التجهيز في الدفاع المدني، د. محمد المغير:  الدفاع المدني في غزة يواجه تحديات كبيرة ومعقدة، تنعكس بشكل مباشر على قدرته في توفير الخدمات الإنسانية الفورية والضرورية، حيث يواجه العديد والكثير من التحديات أهمها نقص الوقود والزيوت، حيث تواجه الطواقم صعوبة كبيرة في تأمين الوقود والزيوت اللازمة لتشغيل مركبات الإطفاء والإنقاذ، مما يحد من قدرتها على الحركة ويؤثر على عمليات الاستجابة".

 وأضاف في حديثه لشبكة قدس: سوء البنية التحتية، حيث أن البنية التحتية المتضررة والطرق غير المعبدة تُعقّد حركة المركبات، وتزداد الصعوبات بسبب الازدحام والكثافة السكانية في المناطق المستهدفة، أيضا غياب الدعم الدولي وقطع الغيار، لا توجد مؤسسة دولية ترعى احتياجات الدفاع المدني، ما يُصعّب إدخال قطع الغيار والمعدات اللازمة لإصلاح المركبات المتضررة".

وتابع:كذلك استهداف الطواقم والمركبات لاستهداف مباشر، ما أدى إلى تراجع كبير في أعداد المركبات نتيجة الحرق والتدمير من قبل الاحتلال، وفقدان أكثر من 85 موظفًا وإصابة ما يزيد عن 270 آخرين، كذلك نقص المعدات وضعف التنسيق الدولي، حيث تعمل الطواقم المحلية بدون تنسيق دولي، ويعتمدون على جهود الهلال الأحمر المحلي، كما أن المعدات المتوفرة قليلة وضعيفة، في حين أن قطاع غزة يعاني من نقص في المعدات المتخصصة لإنقاذ المحاصرين تحت الأنقاض".

وأشار إلى "الضغوط النفسية والتحديات البشرية"، وأوضح: يعمل أفراد الدفاع المدني تحت ضغوط نفسية كبيرة، ومع تزايد الإصابات والشهداء في الميدان، نقدم جلسات دعم نفسي للطواقم لتخفيف آثار هذه الضغوط.

وحول "التحديات الأمنية وإجراءات الحماية"، ذكر أن الدفاع المدني يحاول "اتخاذ إجراءات لحماية الطواقم عبر الابتعاد عن المراكز الأمنية والمناطق الخطرة، مع توعية الطواقم بإجراءات السلامة عند الاستجابة للحوادث".

ويضيف: ضعف التوعية العامة:، التوعية بالسلوك الآمن أثناء الطوارئ والقصف محدودة بسبب انشغال الكوادر بعمليات الإنقاذ، مما يجعلها أولوية مؤجلة رغم أهميتها".

ووجه المغير رسالته إلى المجتمع المدني قائلا:  الدفاع المدني في غزة هو مؤسسة إنسانية تقدم خدمات الإغاثة والاستجابة الفورية، ويحتاج بشدة إلى دعم دولي عاجل لتوفير الوقود، قطع الغيار، والمعدات الضرورية لمواصلة مهامه الإنسانية.

 وأوضح أن الحصار واستهداف مقدرات الدفاع المدني أدى إلى "تحييد أكثر من 70% من قدراته"، وتابع: المجتمع الدولي مدعو لتحمل مسؤولياته ودعم جهود الدفاع المدني بدلاً من التخاذل.

وفي السياق يذكر أن مقرات الدفاع المدني تعرضت للتدمير الكلي، والقصف المباشر، والتجريف، والضرر الجزئي بشكل يخالف ملحق اتفاقيات جنيف الخاص بحماية أجهزة الدفاع المدني.
وفيما يتعلق بتضرر معدات ومركبات طواقم الدفاع المدني، فأعلنت المديرية العامة فقدان 11 مركبة إطفاء ومركبة إنقاذ، و2 مركبة تدخل سريع، و4 مركبات صهريج، وسلم هيدوليكي واحد، و12 مركبة إدارية.

وتضررت 7 مركبات إطفاء يمكن إصلاحها في حال توفرت الإمكانيات، و3 مركبات إنقاذ، و3 مركبات إسعاف، وصهريج مياه يمكن أن تعود للخدمة في حال سمح الاحتلال بإدخال قطع الغيار المناسبة، بحسب الدفاع المدني.

وشددت المديرية العامة أن الاحتلال يقصد وقف العمل الإنساني وإنقاذ أرواح المواطنين بقطاع غزة، مشيرة إلى أنه يزيد من معاناة المواطنين من خلال منع التدخلات الإنسانية، واستهداف طواقم الدفاع المدني.

#قطاع غزة #جيش الاحتلال #الدفاع المدني #حرب الإبادة