قطاع غزة - قدس الإخبارية: بينما يرتكب جيش الاحتلال المجازر الفظيعة في شمال قطاع غزة، يطل شبح المجاعة من جديد ليحاصر النازحين في باقي مناطق القطاع، في حين لم تغب معاناة المجاعة كثيراً.
خلال الشهور الماضية، وتحديداً في شهري أيار وحزيران، أثقلت المجاعة كاهل سكان شمال القطاع، فيما طوقت بدرجة أقل باقي مناطق القطاع، بسبب إحكام الاحتلال إغلاقه للمعابر المحيطة، ومنعه من إدخال أي مساعدات، ومن ضمنها الإنزالات الجوية التي باتت شكلاً من أشكال الموت الذي يفتك بالفلسطينيين هناك.
بين الموت والنزوح المستمر والجوع
ويعيش سكان جنوب القطاع نزوحاً مستمراً منذ الاجتياح الإسرائيلي لمدينة رفح قبل 5 شهور، وارتكابه مجازر مروعة هناك أودت بحياة الالاف، والتنقل بعدوانه البري بين رفح وخان يونس والمحافظة الوسطى، وتستمر التوغلات إلى يومنا هذا، مع استمرار معاناة النزوح، فبين مشقة التنقل بالعراء والرعب اليومي، تنضم المجاعة لتشكل ثالوث موت يواجهه الفلسطينيين بأجسادهم النحيلة.
وينحسر الغذاء المتوفر هناك ببعض أصناف المعلبات كالفاصولياء والبازيلاء بجودة سيئة، ومع آثار صحية سيئة بسبب احتوائها على المواد الحافظة وتعرضها لأشعة الشمس فتراتٍ طوال، ومع تشديد الاحتلال ومنعه إدخال المساعدات بدأت هذه الأصناف بالنفاذ.
أما الدقيق فبدأ بالنفاذ أيضاً ولم يعد يتوفر منه سوى كميات شحيحة انتشر بها "السوس"، بينما لا يجد السكان ما يسدوا به رمق أطفالهم سوا هذا الدقيق والمعلبات الفاسدة.
17 ألف امرأة حامل تواجه خطر المجاعة
قبل عدة أيام، حذر نيستور أوموهانغي، ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين من أن أكثر من 17 ألف امرأة حامل في قطاع غزة على حافة المجاعة، بينما تعيش 11 ألف امرأة حامل بالفعل في ظروف تشبه ظروف المجاعة.
وقال نيستور أوموهانغي في أعقاب زيارته لقطاع غزة التي استمرت 8 أيام، إن سوء التغذية والقلق يعوقان الرضاعة الطبيعية لثلاثة أرباع الأمهات الجدد، في وقت لا يتوفر فيه حليب الأطفال لحديثي الولادة.
قائلا: "ووصف أوموهانغي ما شاهده قائلاً: خلال زيارتي لوحدة العناية المركزة في مستشفى ناصر في خان يونس، لاحظت 3 أطفال حديثي الولادة يتشاركون حاضنة واحدة، وأبلغني الموظفون أن هؤلاء الأطفال يعتبرون في الواقع من المحظوظين. أخبرني الأطباء في مستشفى ناصر وفي مستشفى الهيئة الطبية الدولية الميداني أنهم يرون معدلا متزايدا من حالات الإجهاض بالإضافة إلى تشوهات القلب بين الأطفال حديثي الولادة".
ودعا الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية، جوزيب بوريل ، حكومة إسرائيل لاتخاذ "إجراءات سريعة" لضمان إيصال المساعدات إلى مناطق قطاع غزة وحماية السكان من المجاعة حتى الموت.
وقال بوريل في بيان أكد به وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة: "يجب على حكومة الاحتلال أن، تتخذ إجراءات سريعة لمنع السكان المدنيين من الموت جوعا والامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي"، حسبما قالت صحيفة لابانجورديا الإسبانية.
المجاعة مع الإبادة في شمال القطاع
وأكد مكتب الأمم المتحدة، لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع يواجه عراقيل كثيرة، ومن أصل 423 حركة مساعدات إنسانية تم التنسيق لها مع جيش الاحتلال في الفترة من الأول إلى 20 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تم تسهيل 151 حركة فقط، ورفض 189، وتم تعطيل البقية.
وفيما يتعلق بحركة وصول المساعدات إلى شمال القطاع، قال المكتب الأممي إنه تم تسهيل 4 حركات فقط من أصل 66 حركة مخططا لها.
وأوضح المكتب أن حكومة الاحتلال رفضت أيضا طلبا منفصلا يوم الاثنين الماضي للوصول إلى منطقة جباليا لتوزيع الغذاء والأدوية والوقود لتشغيل مرافق المياه، وسط انقطاع التيار الكهربائي المستمر ونفاد الوقود اللازم لتشغيل مرافق المياه، مشيرا إلى أن الناس يخاطرون بحياتهم إما للعثور على مياه الشرب وإما لاستهلاك المياه من مصادر غير آمنة.
وبحسب مكتب أوتشا، فإن "هناك حاجة ماسة إلى فتح ممرات آمنة ومستدامة للوصول إلى شمال غزة والمناطق الأخرى في القطاع"، مشددا على أن "المعابر المحدودة وغير الموثوقة تعيق عمليات الإغاثة الإنسانية وتجعلها غير فعالة".
وفي أول أسبوعين من شهر تشرين الأول/أكتوبر الجاري 2024، لم تدخل أي شاحنة إلى قطاع غزة عبر معبر إيريز (معبر بيت حانون) ولا معبر إيريز الغربي، وهما المعبران المستخدمان لإدخال المساعدات إلى شمالي القطاع، وبحسب البيانات حتى 16 تشرين الاول/أكتوبر من العام 2024، لم يدخل شمال غزة إلا 50 شاحنة منذ أول الشهر، علماً أنه كان يدخلها عشرات الشاحنات بشكل يومي، وقد دخل المعبرين أكثر من 900 شاحنة في أيلول/سبتمبر.
ولم يتجاوز عدد الشاحنات التي مرت من كل معابر غزة 400 شاحنة بحسب البيانات المتاحة في تشرين الأول/أكتوبر، علماً أنه في الشهر الماضي دخل عبر معابر غزة أكثر من 3000 شاحنة وما يفوق من ذلك في الأشهر السابقة.
