خاص - شبكة قدس: على وقع الغارات الوحشية التي شنها طيران الاحتلال على مناطق مختلفة من لبنان، خلال الساعات الماضية، وصل المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين إلى العاصمة بيروت، صباح اليوم، لإجراء محادثات مع المسؤولين اللبنانيين حول "وقف الحرب".
خلال ساعات الليلة الماضية، شن طيران الاحتلال غارات استهدفت مقرات مؤسسة "القرض الحسن"، في بيروت، ومناطق مختلفة من الجنوب والبقاع، كما قصف عدة منازل ومبان سكنية مما أدى لاستشهاد عدد من الأطفال والنساء والمدنيين.
تمثل مؤسسة "القرض الحسن" أهمية لعديد العائلات في الأوساط الشعبية الحاضنة لحزب الله، من خلال القروض التي توفرها لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتتيح لهذه البيئة إقامة اقتصاد يواجه الحصار المفروض عليها، وجاء قصفها كجزء من عمليات الضغط على الحزب للاستجابة للضغوطات الأمريكية والغربية للتوصل إلى اتفاق يحقق مطالب الاحتلال.
صباح اليوم، نشر موقع "والا" العبري أن الاحتلال حمَل هوكشتاين "مبادرة" لوقف الحرب، في لبنان، تقوم على منح جيش الاحتلال بما فيه سلاح الجو حرية العمل في لبنان، والتدخل لما أسماه "منع حزب الله من إعادة تسليح نفسه". رغم أن وقائع الأيام الماضية تقول إن الحزب حافظ على قدرات استراتيجية مهمة وواصل عمليات القصف الصاروخي والتصدي البري، لذلك فإن مصطلح "إعادة تسليح" بما فيه من تضليل كبير عن المشهد، يشير إلى أن "إسرائيل" والولايات المتحدة لن توقفا الحرب قبل استثمار الاغتيالات والنتائج العسكرية على شكل اتفاق سياسي.
هوكشتاين الذي خدم سابقاً في جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومنذ سنوات يعمل مبعوثاً للإدارة الأمريكية في لبنان، وقبل الحرب كان أحد الأطراف الرئيسية التي تدخلت في قضية ترسيم الحدود البحرية وملف الغاز، ويؤكد حزب الله وأوساط سياسية مختلفة ومحللون ومراقبون أن مصطلح وسيط لا يمثل الحقيقة في عمل هوكشتاين، بل هو مفاوض عن الاحتلال يحمل الطروحات التي يريدها ويحاول تحقيق المكاسب له.
ويذكر هوكشتاين بتجربة فيليب حبيب المبعوث الأمريكي خلال حرب 1982، الذي تؤكد الشهادات الفلسطينية من شخصيات عاشت تلك المرحلة وكانت في قلب المفاوضات والميدان والعمل العسكري والسياسي، أنه كان يمثل دولة الاحتلال ويدير الحرب على منظمة التحرير الفلسطينية، وتشير إلى أن كل جولة مفاوضات أو مرحلة تصل فيها إلى طريق مسدود كان الاحتلال يكثف فيها من القصف والمجازر ليمهد الطريق للمبعوث الأمريكي لممارسة الضغط عبر العمل السياسي وتحقيق الأهداف الأمريكية والإسرائيلية.
ومنذ بداية الحرب بشكلها الحالي على لبنان، قالت مصادر إعلامية ودبلوماسية إن الولايات المتحدة التي تؤكد الوقائع والأيام أنها تقود الحرب على غزة ولبنان تسعى من خلال الضغط العسكري لإجراء تعديلات على القرار "1701" الذي صدر خلال 2006 ويقضي بانتشار قوات الجيش اللبناني و"اليونيفيل" في الجنوب ووقف الأعمال القتالية والانتهاكات للسيادة، ومنح قوات الأمم المتحدة صلاحيات اقتحام المنازل في الجنوب وغيرها من مناطق لبنان ومصادرة السلاح وسحب عتاد حزب الله.
ولم تخف السفيرة الأمريكية في لبنان هذه الأهداف حين قالت لحلفائها إن عليهم العمل على مرحلة "ما بعد حزب الله"، حسب تعبيرها، وتزامنت مع حراك من قوى معادية للحزب مثل القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع لانتخاب رئيس يحقق هدف سحب سلاح الحزب، ويطبق القرار "1559" الذي ينص على هذا الهدف أيضاً.
في المؤتمر الصحفي الذي عقده هوكشتاين، ظهر اليوم، بعد اجتماعه مع رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، أكد على المساعي الأمريكية لتحقيق هدف "فصل الساحات" الذي يعمل عليه محور المقاومة، وسعى إلى تثوير اللبنانيين ضد الحزب من خلال الحديث عن "خسائر الحرب والأوضاع الاقتصادية الصعبة في لبنان".
وعملت الولايات المتحدة الأمريكية مع أطراف غربية بينها فرنسا وألمانيا، بالاستفادة من العدوان الإسرائيلي، لفك جبهتي غزة ولبنان، ومنح نتنياهو فرصة الاستفراد بالقطاع لتنفيذ مخططاته في الإبادة الجماعية والاستيطان وتهجير الفلسطينيين، لكن الحزب أعلن عبر أمينه العام الشهيد حسن نصر الله وقادته لاحقاً على الربط بين الجبهتين، وقدموا خطاباً سياسياً يؤكد على خطر دولة الاحتلال على كل المنطقة وليس فقط على فلسطين أو غزة.