خاص - شبكة قُدس: أول أمس، 8 أكتوبر، نشرت القناة 13 العبرية تقريرا تحت عنوان "ظروف اعتقال أسرى النخبة في السجون" تضمن مشاهد لاقتحام وحدات القمع الإسرائيلية من بينها وحدة المتسادا، لقسم 21 في سجن عوفر، وقد أظهر جانبا من الاعتداء على الأسرى وسحلهم والتنكيل بهم. فيما تشير معلومات "شبكة قدس" أن القسم المذكور لا يقبع فيه أي من أسرى "النخبة" الذين يقبعون في قسم 23 من سجن عوفر، وهو ما يعني تضليلا وتسويقا إعلاميا له عدة أهداف.
ويتضح من شهادات أسرى محررين، من بينهم الأسير الصحفي محمد بدر، أن ما ظهر من مشاهد تنكيل، هو الحد الأدنى من التعذيب الذي يتعرض له الأسرى في سجون الاحتلال، إذ أن الحقيقة أضعاف ما توثقها الكاميرا، على حد وصفه، موضحا أن عمليات الاقتحام يرافقها تعذيب شديد يتمثل بالضرب وإطلاق الكلاب البوليسية والرش بالغاز.
وحول أهداف الاحتلال من التضليل المذكور في التقرير، يقول الصحفي بدر إن الاحتلال يريد أولا أن يرضي جمهور مستوطنيه عبر التأكيد لهم بأن أسرى "النخبة" يعيشون ظروفا صعبة، وأيضا يريد أن يضلل الرأي العام العالمي بأن المستهدفين من هذه الاقتحامات هم أسرى عملية طوفان الأقصى، وليس أسرى لا علاقة لهم بما حدث.
ويشير بدر في مقابلة مع "شبكة قدس" إلى أن ما ورد في التقرير حول وجود معلومات استخباراتية حول نية الأسرى تنفيذ عمليات طعن؛ هو تبرير سخيف للاقتحام، إذ أن الأسرى حاليا يعيشون في زنازين لا يوجد فيها أي أدوات حديدية يمكن تحويلها إلى أدوات هجومية، ويجري تفتيش زنازينهم باستمرار.
ولفت إلى أنه في 16 مايو تعرض هو وآخرون للضرب على يد وحدات القمع دون مبرر أو سبب، بينما كان أحد الضباط يقول على جهاز اللاسلكي أنه جرى إحباط عملية تمرد، وقد تفاجأ بدر ومن معه بذلك، إذ أن عملية قمعهم كان تفسيرها الوحيد؛ ردع أكبر عدد ممكن من الأسرى من خلال قمع عدد منهم بشكل واضح وجلي أمام الآخرين.
وبيّن أن الأسرى الآن رهائن للعقد النفسية والاجتماعية والتوجهات الأيديولوجية والنزعات الشخصية للسجانين، إذ أن السجان يقرر متى شاء وكيفما شاء أن يعذب الأسير وفقا لمزاجه ورغبته دون أي رادع أو ضابط، وهذا كان واضحا مثلا في سجن النقب الذي يعمل فيه سجانون من منطقة الجنوب التي تعرضت بشكل أساسي لعملية طوفان الأقصى في أيامها الأولى، وقد مارس هؤلاء السجانون تعذيبا شديدا ضد الأسرى يختلف نسبيا عن سجون أخرى.
ويؤكد بدر أن بعض عمليات التعذيب كان تجري في مناطق مستحدثة بالقرب من شوارع رئيسية يمر منها المستوطنون، والهدف هو رفع معنوياتهم التي تضررت كثيرا في السابع من أكتوبر الماضي، وقد جرى ذلك في بداية الحرب فيما كان يُعرف بـ"حفلات التعذيب" التي كان يتضمنها تحقيقات ميدانية.
وتواصل منظومة سجون الاحتلال الإسرائيليّ، بث المزيد من الفيديوهات والصور للتّنكيل بالأسرى داخل سجون الاحتلال، بشكل متعمد، في محاولة مستمرة من الاحتلال، باستهداف إرادة الأسير الفلسطينيّ، والمساس بالوعيّ الجمعيّ لصورته كمناضل، وترهيب عائلات الأسرى، والتسابق على من يحقق مستوى أكبر من التوحش للحصول على المزيد من التأييد وإشباع رغبته بالانتقام، وذلك دون أدنى اعتبار لما تحمله هذه الصور والفيديوهات، من انتهاك جسيم للقوانين والأعراف الإنسانية، وامتهان للكرامة الإنسانية، بحسب بيان لنادي الأسير الفلسطيني.
وقال نادي الأسير الفلسطيني في بيان له، إنّ منظومة الاحتلال استخدمت هذه السّياسة الممنهجة قبل وبعد الحرب، وتحديدًا منذ وصول حكومة المستوطنين الحالية وعلى رأسهم الوزير المتطرف بن غفير إلى سدة الحكم، وتصاعدت حالة استعراض للجرائم التي يرتكبها بحقّ الأسرى، ووصلت ذروتها منذ بدء حرب الإبادة، حيث تعمد جنود الاحتلال الإسرائيليّ تصوير المعتقلين في ظروف مذّلة وحاطة بالكرامة الإنسانية، وبعض تلك الفيديوهات، جاءت من خلال الإعلام الإسرائيليّ تحت عنوان (فيديوهات مسرّبة)، وكان من بينها نشر مقطع فيديو لمعتقل يتعرض للاغتصاب في معسكر (سديه تيمان).
وقال نادي الأسير، إن وقع هذه المشاهد مسّت بمشاعر العديد من العائلات، وهذا جزء من الأهداف المركزية التي تسعى منظومة الاحتلال على ترسيخها في ذهن ووعي الفلسطينيّ، وخلق صورة معينة عنه يريدها الاحتلال فقط.
وأكّد نادي الأسير، أنّ هذه الصور والمقاطع، تشكّل جزءًا يسيرا من عمليات التّعذيب الممنهجة بحقّ الأسرى والمعتقلين التي نفذتها منظومة الاحتلال في مختلف السّجون والمعسكرات.
ولفت نادي الأسير، إلى أنّ الاحتلال وبعد كل فيديو مسرّب يتضمن جريمة، يبدأ بالحديث عن نيته بفتح تحقيقا بشأن ذلك، وهي جزء من المسرحيات الهزلية التي يبثها الاحتلال حتّى يعفي نفسه من أي محاسبة دولية، مشيرا إلى أنّ هذه المشاهد لن تتوقف طالما استمرت حالة التواطؤ الدولية بدعمها لحرب الإبادة، وإبقاء الاحتلال في حالة استثناء من الحساب والعقاب.
يشار إلى أنّ عدد الأسرى في سجون الاحتلال بلغ حتى بداية تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، أكثر من عشرة آلاف ومئة، وهذا المعطى لا يشمل معتقلي غزة كافة، المحتجزين في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، والذين يتعرضون لجريمة الإخفاء القسري.
من جانبها، قالت حركة حماس، إن ما تم نشره من مشاهد صادمة وثقت عمليات اعتداء وتنكيل بحق الأسرى الفلسطينيين في سجن عوفر وبإشراف وأوامر مباشرة من الوزير إيتمار بن غفير، يكشف الوجه الحقيقي الإجرامي لهذا المحتل النازي، وتأكيد مصور لطبيعية الظروف المأساوية التي يعيشها أسرانا داخل السجون.
وأكدت أن بث هذه المشاهد بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لمعركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، هي محاولة فاشلة لمسح فشل الاحتلال وهيبته التي تهشمت، وذله وانكساره الذي تحقق على أيدي مقاومتنا الباسلة.