فلسطين المحتلة - خاص شبكة قُدس: قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس حسام بدران خلال حديث مع "شبكة قدس"، إن معركة طوفان الأقصى بعد مرور عام على انطلاقتها؛ حققت آثارًا وتداعياتٍ استراتيجية طالت دولة الاحتلال الإسرائيلي وهددت كيانه الوجودي رغم ما قدّمه الشعب الفلسطيني من تضحيات جرّاء قساوة استمرار العدوان والحرب.
وتابع بدران: "أعاد طوفان الأقصى تعريف الاحتلال باعتباره عدوًا مركزيًا للشعب الفلسطيني أولًا، وللشعوب العربية والإسلامية، وبات نموذجًا للإرهاب والقتل والوحشية لدى كل أحرار العالم، كما أثبتت التجربة والتاريخ أن مسار المقاومة والكفاح المسلح رغم تكلفته إلا أنه المسار المثمر والعملي لتحصيل الحقوق الفلسطينية، وما سنحققه في هذه المعركة، لا يشترط أن يرى أثناء يومياتها، ولكنه سيرى عند انتهائها وكتابة الفصل الأخير بها، والذي يتمثل بتحقيق تطلعات وأهداف شعبنا الفلسطيني، فالمقاومة هي الحالة الطبيعية لمواجهته".
وعن أثر طوفان الأقصى عربيًا ودوليًا، أجاب بدران: "أعادت معركة طوفان الأقصى، القضية الفلسطينية لمركزية الاهتمام العربي والإسلامي والعالمي، وهذا هو الأهم بالنسبة لنا، فنحن قمنا بهذا الطوفان والعمل البطولي من أجل شعبنا وقضيتنا". مضيفًا أن حماس الآن من أهم اللاعبين في المنطقة، ولن يُقضى أمر يتعلق بالقضية الفلسطينية دون أن تقول حماس كلمتها فيه، إذ أن حماس لديها علاقات واتصالات رسمية مع العديد من الأطراف إقليميًا ودوليًا، وهذه العلاقات بعضها معلن والبعض الآخر يتم وفق طرق مختلفة، بحسب بدران.
ولفت بدران إلى أن التنسيق بين قوى محور المقاومة في لبنان، والعراق، واليمن مستمر على كافة المستويات الاستراتيجية والعملياتية منذ بدء المعركة. وأضاف: "فعالية جبهات المقاومة تظهر من سلوك العدو ومن خلفه المؤسسة الأمريكية التي استخدمت كل وسائل الإغراء والعروض لكل من جبهات القتال التي ساندت شعبنا، سواءً في اليمن أو حزب الله في لبنان على أمل أن تتوقف هذه الجبهات ويتوقف تأثيرها، ثم استخدمت معها وسائل الضغط بكافة أنواعها، ومن ذلك الاغتيالات والترهيب بتدمير البنى التحتية، لكن المشهد الآن هو انخراط جبهات المقاومة كما هو في لبنان بثقلها، إضافة إلى ردّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية قبل أيام".
وأوضح القيادي في حماس أن مفاوضات وقف إطلاق النار، مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمدى استجابة الاحتلال لمطالب الشعب الفلسطيني وحقوقه وتضحياته بشقيها السياسي والإنساني. مشيرًا إلى أن "العدو هو الذي يراوح أمام واقع عدم تحقيق أهدافه المعلنة في هذه الحرب ولا يستطيع تقديم رواية لجبهته الداخلية تقنعه بالإنجازات التي حققها وذلك رغم القتل والدمار الشديد (...) ونحن الآن أول ما نريده هو الوقف الشامل للعمليات العسكرية في القطاع، وانسحابًا للعدو من كل شبر في قطاع غزة، وصفقة تبادل أسرى مشرفة، وكسر الحصار، وإعادة الإعمار بعدما تسبب العدو بموجة دمار ضخمة في كل من قطاع غزة أو الضفة الغربية".
وعن الجهود الفصائلية في تنفيذ بنود اتفاق بكّين الموقّع عليه في 23 يوليو/تموز الماضي، أفاد بدران بأن حماس عقدت العديد من اللقاءات والاتصالات مع مختلف الفصائل الفلسطينية، وآخرها كان خلال الأيام القليلة الماضية، وأكدت حماس أنها متمسّكة باتفاق بكّين وخاصّة فيما يتعلق بتشكيل حكومة التوافق الوطني.
وفي رده على سؤال غياب اللقاءات الفصائلية العلنية منذ اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في 31 يوليو/تموز الماضي، وما إن أثر غيابه على العلاقات مع الفصائل، قال بدران: "هذا ليس صحيحًا، اللقاءات العلنية والتواصل مع الفصائل والمكونات، والشخصيات الفلسطينية والعربية والإسلامية له ظروفه وحيثياته ويتم وفق سياسة الحركة المعروفة، ولكنه بالطبع ليس متعلقًا بوجود شخصية قيادية من عدمه، فحماس تنظيم مؤسسي وكبير، وإدارة العلاقات فيه تدار ضمن المؤسسة، وعمليًا تمت العديد من اللقاءات العلنية على المستوى الوطني خلال الشهرين الماضيين، وأعلنت عنها الحركة تباعًا على وسائل الإعلام الرسمية".
وردًا على زعم الاحتلال تنفيذ العديد من الاغتيالات بحقّ قادة حماس العسكريين والسياسيين، أكد بدران أن حماس بنت مؤسسات ضخمة وقوية ومهنية، ولديها القدرة على تجديد نفسها ورفد شواغرها القيادية والميدانية بشكل مستمر ودائم. والشاهد على ذلك، هو أن حماس خلال أسبوع، نظّمت أمورها الداخلية بعد استشهاد هنية، وبذلك يقاس الأمر في الحالات المشابهة بقطاع غزة والضفة الغربية وكل أماكن تواجد الحركة، ما يعني أن الحركة استطاعت التكيّف مع أشد الظروف في معظم فتراتها التاريخية وخرجت منها أشد صلابة وقوة.
وشدد بدران على أن حماس لن تقبل أن تكون قضايا اليوم التالي للحرب، والمتعلّقة بالإدارة والحكم ومعبر رفح وملفات الحالة الوطنية إلا شأنًا ونقاشًا فلسطينيًا بحت، وأنها لن تسمح بأن يتم التدخل الخارجي بتحديد سقف هذه القضايا من قبل أي طرف إن كان من الاحتلال أو الولايات المتحدة الأمريكية. وما دون ذلك، فإن حماس منفتحة ولديها مرونة لإنجازات التوافقات الفلسطينية على كافة القضايا، شريطة أن لا تمسّ الحقّ بالمقاومة، وأن لا تتأثر إسرائيليًا، وفق تعبيره.
وبدا لافتًا في الآونة الأخيرة أن حماس كثّقت من عملياتها المقاومة، خاصّة في الداخل المحتل، حيث كان آخرها تبنّي كتائب القسام لعملية يافا التي أدت لمقتل 8 مستوطنين، وأصيب فيها 25 آخرين، في الأول من الشهر الجاري. وفي السياق يقول بدران إن هذا العمل المقاومة ليس مجرّد قرار عند حماس، بل هو عمل جهادي في صلب فلسفتها واستراتيجيّتها، وسيستمر طالما استمر الاحتلال، وخاصّة في ظل حرب الإبادة.
وبحسب بدران فإن حماس منخرطة في المعركة بكل الساحات التي يتاح لها بذلك، سواءً في غزة والضفة ولبنان، ويبدو ذلك واضحًا في بلاغات كتائب الشهيد عزّ الدين القسّام.
أما في الجانب الإغاثي في لبنان، فإن لدى حماس مؤسسات اجتماعية مسؤولة عن إدارة وتنظيم أحوال المجتمع الفلسطيني هناك، وهذه المؤسسات وظيفتها تنظيم الحالة الاجتماعية وترتيب أمور الإغاثة والتنسيق مع الجهات الفاعلة في هذا الإطار وفق بدران الذي أوضح أن حماس ما زالت تتحمل مسؤولياتها تجاه اللاجئين في المخيمات اللبنانية، وتتابع الاحتياجات المستجدة وتتعامل معها وفق ما يلزم.
وختم بدران حديثه بأن موقف حماس متوافق الآن مع كافة قوى المقاومة، طالما بقيت حرب الإبادة في غزة والضفة والقدس، وطالما استمر العدو في سياسته الاجرامية ضد كل شعوب المنطقة، فستبقى المقاومة توجه له الضربات وتقاتله في كل مكان تصل اليه. مضيفًا "حينما يدرك العدو عبثية طموحه الإبادي، ويدرك بأنه لن يستطيع إجهاض القضية الفلسطينية وتصفيتها، ويفكر بتحقيق ما طالبنا به في بداية الحرب، حينها لكل حادث حديث".