شبكة قدس الإخبارية

كيف يُفهم التبني السريع من قبل القسام لعملية تل أبيب وغيرها؟

WhatsApp Image 2024-08-20 at 7.36.05 PM

خاص - شبكة قدس الإخبارية: أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، يوم أمس الاثنين مسؤوليتهما المشتركة، عن تنفيذ العملية الاستشهادية التي وقعت مساء يوم الأحد في مدينة "تل أبيب"، وأكدت الكتائب في تصريحها، أن العمليات الاستشهادية بالداخل المحتل 48، ستعود للواجهة طالما تواصلت مجازر الاحتلال وعمليات تهجير المدنيين واستمرار سياسة الاغتيالات.
يأتي هذا البيان ضمن مجموعة من البيانات التي أصدرتها كتائب القسام، والتي تبنت بها العديد من عملياتها العسكرية في الضفة المحتلة والقدس، خلال الشهور الماضية من معركة طوفان الأقصى المستمرة، وما سبقها من عمليات خلال عام 2023 الماضي، ولطالما عملت الكتائب منذ انطلاقتها على تبني عملياتها العسكرية في بيانات وتصريحات مكتوبة، وأخرى في مقاطع مرئية مصورة.
ولكن في خضم المواجهة الشرسة التي تدور حالياً بين الاحتلال والمقاومة، والمراقبة الإسرائيلية الدقيقة للضفة المحتلة، جاءت هذه البيانات وسرعتها بشكلٍ لافتٍ للنظر، وتعكس حجم التنسيق بين مجموعات الكتائب في الضفة وقيادتها، إضافةً للتركيز الإعلامي التي تقوم به على أكثر الجبهات حساسيةً ورعباً لدى الاحتلال وهي جبهة الضفة المحتلة.

 

التبني وتاريخ الإعلام العسكري
انطلقت كتائب القسام بشكلٍ فعلي عام 1991 في ظلال أحداث الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وجاء انطلاقها استكمالاً للعديد من المحاولات التي بذلتها حركة حماس لتأسيس جهازٍ عسكري لها يقوم بمواجهة الاحتلال، ومنذ ذلك الحين وثقت الكتائب عمليتها العسكرية في بيانات ورقية مطبوعة كانت توزع ضمن مناشير الانتفاضة، أو يتم إيصالها للصُحف المحلية، وعملت هذه البيانات على توثيق العمليات والجهود العسكرية من جهة، ورفع الروح المعنوية للجماهير من جهةٍ أخرى، إضافة لتوجيه بعض الرسائل للشعب الفلسطيني وحتى للاحتلال من خلال هذه البيانات.
ومع انطلاقة انتفاضة الأقصى سعى القائد العام لكتائب القسام آنذاك الشهيد الشيخ صلاح شحادة، إلى إنشاء مكتبٍ إعلامي للقسام، مهمته تصوير العمليات العسكرية وتوثيقها، وطباعة البيانات وتصوير وصايا الشهداء، واستمر الإعلام العسكري بذلك حتى وقتنا هذا، مع بذل جهودٍ جبارة توثق عمليات المقاومة في معركة طوفان الأقصى.

وخلال انتفاضة الأقصى والمرحلة التي تبعتها، امتنعت كتائب القسام عن تبني بعض عملياتها وأخرت الإعلان عن مسؤوليتها عنها لسنوات، نظراً لاعتباراتٍ أمنية وحمايةً للمجموعا المنفذة من الملاحقة والاختراق، كعمليات خلية الشهيدين عادل وعماد عوض الله بين عام 2002 – 2004 في منطقة رام الله، حتى جاء تبني عمليات المجموعة بعد اكتشاف خيوطها، ولكن اتسمت سياسة تبني القسام للعمليات بالسرعة في الفترة الحالية، فماذا يعني ذلك؟

 

التنسيق بين الساحات
منذ عام 2023 الماضي، استطاعت كتائب القسام القيام بعملياتٍ قاتلة في الضفة المحتلة نفذتها خلاياها وعناصرها، كان أبرز هذه العمليات عملية إطلاق نار استهدفت مستوطنة "عيلي" على طريق رام الله – نابلس وقد أدت لمقتل 4 مستوطنين، وجرى تبني العملية ونعي منفذيها الشهيدين مهند شحادة وخالد صباح، إضافة لعمليات أخرى كعمليتي حوارة وعملية "كدوميم" الأولى العام الماضي، فيما جاءت بيانات القسام في حينها تحمل رسالةً للاستيطان في الضفة المحتلة، مفادها بأنه الهدف الأول للمقاومة، إضافة لمخاطبة الشعب الفلسطيني بضرورة مقاومة مليشيات المستوطنين التي باتت تعيث في الضفة فساداً.
ومن جانبٍ آخر تطرقت الكتائب في بيانتها إلى وجود وحدة ساحاتٍ حقيقية بين قوى المقاومة ولا سيما في الضفة المحتلة وقطاع غزة، وكان هذا السياق انسجاماً مع رؤية حركتي حماس والجهاد الإسلامي وباقي فصائل المقاومة، فيما أكد القيادي الشهيد صالح العاروري آنذاك عن أهمية ساحة الضفة الغربية وقدرتها على إحداث تغير جوهري في الصراع، مع ارتباطها في واقع المقاومة في غزة وجنوب لبنان، وضرورة التصدي للتوغل الاستيطاني هناك، وجاءت عملية تل أبيب يوم الأحد كجزء من هذه المعادلة.
وشمل ذلك إعلاناتٍ مشتركة بين القسام وسرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى في التصدي لاقتحامات جيش الاحتلال لمخيمات ومدن شمال الضفة خاصة في جنين وطولكرم، وهو ما يعكس مدى التنسيق بين المجموعات المقاومة على أرض الواقع وفي الإعلام.

 

طوفان الأقصى وواقع  التبني الجديد
بعد معركة طوفان الأقصى قامت كتائب القسام بعددٍ من العمليات، لكن ثمة تغيرٍ جديد طرأ على المعادلة، وهو تصوير تلك العمليات، كعملية إطلاق النار التي قُتل بها ضابط من جيش الاحتلال قرب مفترق بيت ليد في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، حيث تم تصوير العملية ثم تصوير الكمين المركب الذي تبعها ووقع به جنود الاحتلال، فكانت أول عملية عسكرية مصورة في الضفة منذ أكثر من عقدٍ زمني.
تبعها مجموعة من العمليات والكمائن المصورة، وعمليات التصدي لاقتحامات الاحتلال، وقد تم تبني هذه العمليات بشكلٍ فوري بعد وقوعها، كعملية تفجير عبوة ناسفة بسيارة للمستوطنين قرب مستعمرة حرميش في تموز الماضي، ما يعكس قوة التنسيق كما ذُكر، وارتباط مسار خلايا المقاومة في الضفة ارتباطاً وثيقاً بمعركة طوفان الأقصى، وبما يُرتكب من مجازر إسرائيلية في قطاع غزة.
وقد برز ذلك في تصريح القسام يوم أمس والذي ربط العملية بالمجازر والجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وسياسة التهجير في القطاع، وبالتزامن مع تعنت حكومة الاحتلال في جولة التفاوض الأخيرة ورفضها وقف العداون على القطاع.
وحمل هذا التبني تركيزاً واضحاً على أكثر الأساليب التي يخشاها الاحتلال وهي العمليات الاستشهادية والتي اختفت منذ انتهاء انتفاضة الأقصى، مع إشارة التصريح إلى عودتها في ظل استمرار الجرائم والاغتيالات الإسرائيلية، بالإضافة لأكثر جبهات المواجهة عمقاً وحساسيةً وهو عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة خاصة في منطقة وسط هذا العمق المتمثل بتل أبيب ومحيطها.
في الختام تعكس استراتيجية التبني السريع لعمليات القسام، مستوى متقدماً من التنسيق في العمل العسكري لدى الكتائب، مع إضافة تكتيكٍ إعلامي يوصل الرسائل الواضحة للاحتلال من جهة، ويؤكد على وحدة جهود المقاومة واستمرار توسع نشاطها في الضفة المحتلة وسط ظروفٍ مُعقدة للغاية.

#كتائب القسام #الضفة الغربية #طوفان الأقصى