خاص - شبكة قدس الإخبارية: تعيش محافظة طوباس حالة نضالية متصاعدة، كسائر محافظات شمال الضفة المحتلة في خضم معركة طوفان الأقصى، المستمر منذ 7 تشرين أول/أكتوبر 2023، لم يكن انخراط طوباس في حالة المقاومة العسكرية بالأمر الجديد والمفاجئ خلال الطوفان، بل امتدادٍ لعدة محاولات خلال العامين الماضيين.
تعرضت تلك المحاولات للإفشال في ظل ملاحقة أمنية مكثفة من قبل الاحتلال والسلطة الفلسطينية، شملت اعتقال العشرات من الشبان الذين وجهت إليهم تُهم محاولات تشكيل خلايا مقاومة في المدينة، غير أن الشهور الأخيرة قد أظهرت جهداً عسكرياً مُلاحظاً نشط في المدينة ومخيم الفارعة القريب منها، يحاول هذا التقرير تسليط الضوء على المقاومة المسلحة في طوباس وظروف نشأتها.
تجربة جنين ونابلس والإلتحاق بها
حمل عام 2021 مرحلة جديدة غابت عن ساحة الضفة المحتلة منذ نهاية انتفاضة الأقصى، تجسد ذلك بنشوء مجموعات عسكرية للمقاومة في جنين ونابلس، تشتبك مع جيش الاحتلال وتنفذ عمليات إطلاق نار، تخلل هذا المشهد استشهاد العديد من المقاومين القائمين على هذه الحالة، وزيادة اقتحامات قوات الاحتلال لتلك المناطق.
ونظراً للموقع الجغرافي الذي تحظى به طوباس وتشترك به مع مدينتي جنين ونابلس، سعى بعض الشبان لنقل التجربة إلى المدينة، غير أن الملاحقة التي قامت بها السلطة قد أفشلت تلك الجهود، إضافة لاعتقال القائمين عليها، ثم اعتقالهم من قبل الاحتلال فور الإفراج عنهم من سجون السلطة.
ورغم شراسة حملة الاعتقالات تلك، شهدت المدينة مواجهات عنيفة مع جيش الاحتلال عند كل عملية اقتحام للمدينة، تخللها استهداف دوريات الاحتلال بالزجاجات الحارقة والعبوات محلية الصنع "الأكواع".
المقاومة وتخطي الحيز الجغرافي
أواخر عام 2022، استشهد الشاب أحمد دراغمة (أبو سياج)، بعد استهدافه برصاص قناصٍ إسرائيلي، خلال اشتباكات مسلحة شهدها محيط قبر يوسف شرق نابلس، عقب ارتقاء أبو سياج صرح بعض رفاقه لعائلته أن الشهيد كان يتوجه لمدينة نابلس عند كل عملية اقتحام، ويشترك بالاشتباكات الدائرة هناك، تلا ذلك اعتقال أصدقائه من قبل الاحتلال، ولا زالوا في السجون.
عكس استشهاد أحمد تطوراً مخفياً في طوباس، وهو اشتراك مقاوميها بمواجهة جيش الاحتلال عند اقتحام المدن المجاورة (جنين ونابلس) ما أكد خروج الشباب المقاوم من الحيز الجغرافي لمدينتهم، والمشاركة في ميادين اشتباك خارج المدينة، وقد سبق أحمد العديد من الشبان في هذا السير، بالمشاركة في اشتباكات جنين ونابلس، كان مصيرهم الاعتقال في سجون الاحتلال.
طوفان الأقصى والنهوض من جديد
ما إن اندلعت معركة طوفان الأقصى في تشرين أول/أكتوبر 2023، حتى سارت محافظة طوباس بركب الاشتباك من جديد، وشهدت اشتباكات مسلحة عند كل عملية اقتحام للمدينة ومخيم الفارعة وبلدة طمون القريبة منها، مُعلنةً مرحلة جديدة أساسها مواجهة الاحتلال، وبدأت المجموعات المقاومة في طوباس باستهداف حاجز تياسير قرب المدينة بعمليات إطلاق نار، ثم استهداف آليات الاحتلال بالعبوات الناسفة أثناء الاقتحامات.
ولم تقتصر هذه الحالة على المدينة، بل امتدت لمخيم الفارعة وبلدة طمون، التي نُفذت بها عمليات تفجير عبوات ناسفة بشكل ناجح ضد آليات الاحتلال وجرافاته، أبرزها تفجير عبوة ناسفة بجرافة إسرائيلية وإعطابها في شهر كانون ثاني/يناير الماضي، وعشرات العمليات المشابهة.
أما مخيم الفارعة فيشهد اقتحامات مستمرة، أوقعت عدة شهداء فيه، أبرز تلك الاقتحامات في 8 كانون أول/ديسمبر 2023، استشهد على إثره 6 شهداء من شبان المخيم، خلال مواجهات واشتباكات مع وحدة المستعربين التي اقتحمت المخيم وتعزيزات جيش الاحتلال التي حاصرت المخيم، تخلل تلك المواجهات اشتباكات عنيفة وتفجير عبوات ناسفة على مدار ساعات الاقتحام.
بين مطرقة الاحتلال وسندان السلطة
رغم شراسة الملاحقة المزدوجة التي لقيتها مجموعات المقاومة في طوباس، استطاعت تطوير أساليب المقاومة وإيقاع الخسائر في صفوف جيش الاحتلال بعد إيقاعه بكمائن محكمة، آخرها كمين "وادي تياسير" الذي دمر آلية عسكرية بعد تفجير عبوة ناسفة بها قبل أيام.
وخلال هذه المرحلة ارتقى قادة المجموعات المقاومة كالشهيد أحمد دراغمة قائد كتيبة طوباس – سرايا القدس، والشهيد محمد رسول دراغمة قائد كتائب القسام، بعليات اغتيال إسرائيلية، مع استمرار حالة الاشتباك في طوباس بعد رحيلهما، إضافة لشن اقتحامات موسعة تلحق أضراراً في ممتلكات الفلسطينيين في المدينة ومخيم الفارعة.
ولم تنفك السلطة عن محاولات الإجهاز على المقاومة في طوباس، عبر الاعتقالات المتكررة واقتحامات منازل المطاردين وتكسيرها، أو ملاحقتهم بشكلٍ مباشر واستهدافاهم.
كانت أبرز تلك الوقائع، محاولة اعتقال قائد كتيبة طوباس الشهيد أحمد دراغمة "الجغل" وتحطيم سيارته، غير أنه تمكن من الفرار، أضافة لاقتحام منزل الشهيد محمد رسول دراغمة أثناء فترة مطاردته، إضافة لاعتقال عشرات الشبان والزج بهم في سجن أريحا، تخلل تلك الاعتقال إضرابات عن الطعام مطالبة بالإفراج عنهم.
وتعمل أجهزة السلطة على تفكيك ومصادرة العبوات الناسفة المزروعة لاستهداف الاحتلال قرب مداخل بلدة طمون وبعض مناطق طوباس.