فلسطين المحتلة - متابعة شبكة قُدس: بعد أسابيع قليلة من الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة؛ ظهرت أزمة مياه الصرف الصحي إلى الواجهة، والتي تجلت مؤخرا بالكشف عن وجود فيروس شلل الأطفال فيها ما يهدد حياة مئات آلاف النازحين.
فبالإضافة إلى استخدام التجويع كأسلوب من أساليب حرب الإبادة، فإن الحرمان من الغذاء والخدمات الطبية والخدمات الأساسية، أدى إلى خلق مكرهة صحية وبيئية ناتجة عن شح وتلوث المياه وتوقف محطات معالجة مياه الصرف الصحي، وتكدس أطنان من النفايات.
ويمكن أن يشكل ذلك بموجب القانون الدولي فرضاً متعمداً لظروف معيشية تهدف إلى إحداث التدمير المادي لمجموعة محمية، كليًا أو جزئيًا، وبالتالي يشكل عملاً من أعمال الإبادة الجماعية.
وأثارت الملوثات داخل مياه الصرف الصحي، مخاوف كبيرة، بسبب تدمير الاحتلال البنية التحتية في قطاع غزة حيث باتت مياه الصرف الصحي تتدفق في الطرقات وبين أماكن يتجمع فيها آلاف النازحين، الذين يعانون ليس فقط من رائحتها الكريهة بل من الأمراض التي ترافقها، حيث تشكل تحديا صعبا بالتزامن مع تفاقم الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة وشحّ المياه النظيفة خاصة تلك الصالحة للشرب، وتدمير النظام الصحي ونقص الإمدادات الطبية وكذلك سوء نوعية المياه.
وجاءت أزمة مياه الصرف الصحي، بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل مضخات الصرف الصحي في قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي الخانق الذي يعاني منه القطاع، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية الذي فاقم من أوضاع شبكات الصرف الصحي.
وهذه الأزمة؛ تهدد حياة كل من تتدفق هذه المياه بقربهم، خاصة الأطفال، في ظل المنظومة الصحية المدمرة جراء خروج عدد كبير من المستشفيات والمراكز الصحية عن الخدمة، بسبب الاستهداف الإسرائيلي الممنهج.
ومن المتوقع أن تستمر أزمة مياه الصرف الصحية في قطاع غزة، بالتزامن مع منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال الوقود لقطاع غزة لتشغيل مضخات شبكات الصرف الصحي.
والخميس، قالت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، إنها عثرت على فيروس شلل الأطفال بعد إجراء فحوصات لعينات من الصرف الصحي التي تتجمع وتجري بين خيام النازحين وفي أماكن تواجد السكان نتيجة تدمير البنية التحتية بما يمثل كارثة صحية جديدة.
وهذا الكشف عن الفيروس (شلل الأطفال)، يتزامن مع وجود الزحام الشديد مع شح المياه المتوفرة وتلوثها بمياه الصرف الصحي وتراكم أطنان القمامة ومنع الاحتلال لإدخال مواد النظافة بما يشكله ذلك من بيئة مناسبة لانتشار الأوبئة المختلفة.
والعينات التي ثبت وجود فيروس شلل الأطفال فيها تم جمعها من ستة مواقع في مدينتي خانيونس ودير البلح، ما يهدد حياة آلاف النازحين، خاصة وأن معدلات التطعيم ضد شلل الأطفال بعد الحرب في قطاع غزة انخفضت بشكل كبير بعدما وصلت قبل الحرب إلى 95%.
وهذا الخطر المتزايد لفيروس شلل الأطفال، بحسب منظمة الصحة العالمية، يمكن الوقاية منه باللقاحات المخصصة، ويُعد شلل الأطفال مرضاً فيروسياً شديد العدوى يغزو الجهاز العصبي، وهو كفيل بإحداث الشلل التام في غضون ساعات من الزمن.
وفي وقت سابق، حذرت مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية من تراكم أطنان النفايات وتسرب مياه الصرف الصحي في الشوارع، ومراكز إيواء النازحين في قطاع غزة، وتداعيات ذلك على الصحة العامة للسكان وطالبت بتفعيل شبكات المياه والصرف الصحي، والسماح بجمع النفايات ونقلها إلى المكبات، وذلك تماشياً مع التدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية، ومنع وقوع أضرار لا يمكن إصلاحها.
ووفقاً للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فمنذ بدء الحرب، دمرت قوات الاحتلال بشكل شامل البنية التحتية وأوقفت ضح الوقود إلى القطاع، وتعطلت جميع محطات وأنظمة معالجة المياه العادمة، والتي تشمل ست محطات، وتوقفت حوالي 65 مضخة للصرف الصحي، وتدمر نحو 70 كم من شبكات الصرف الصحي، ونتيجة لذلك، يتم التخلص من مياه الصرف الصحي، والتي تقدر بحوالي 130,000 متر مكعب يومياً، دون معالجة، إما إلى البحر أو في وادي غزة، بينما يتسرب جزء كبير منها إلى الشوارع والطرقات، وأحياناً داخل المنازل بسبب تدمير أنابيب الصرف الصحي أو انسدادها، كما تشكلت برك في ساحات مراكز الإيواء وأمام خيم النازحين، ما وفر بيئة خصبة لانتشار الأوبئة والأمراض.