شبكة قدس الإخبارية

تقرير"الحزام الأمني".. كيف قلب حزب الله المعادلة على الجبهة الشمالية؟

WhatsApp Image 2024-07-10 at 2.51.57 PM
يزن حاج علي

خاص - شبكة قدس الإخبارية: لم تقف نتائج التصعيد على العسكري على الحدود الشمالية بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي على اشتباكات وقصفٍ متبادل، بل يترتب عليها نتائج أخرى على أرض الواقع، شكلت هذه الحالة انكساراً جديداً للقواعد الأمنية التي حاول الاحتلال ترسيخها على جبهة لبنان منذ عقودٍ طويلة من الزمن وعبر معارك وجولات قتال متسلسلة.

 

استهداف حزب الله للمواقع العسكرية على طول الشريط الحدودي، إضافةً لتعميق دائرة النار التي وصلت المستوطنات الشمالية وهجرت سكانها، وصولاً على دخول الجولان السوري المحتل داخل دائرة نيران الحزب اللبناني، يطرح هذا التصعيد سؤولاً مباشراً عن استراتيجية "الحزام الأمني" التي أقامها الاحتلال في لبنان قبل عام 2000  والتي ينفذها الآن حزب الله داخل الأراضي المحتلة؟


خلفية تاريخية.. تاريخ من النار


بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 ودخول جيش الاحتلال إلى قلب لبنان، أحكم هذا الجيش سيطرته على 160 بلدة لبنانية في الجنوب لبناني وعلى مجمل مساحة تبلغ 11% من مساحة لبنان، وكانت هذه السيطرة برعاية أمريكية ودولية لتأمين الجبهة الشمالية لدولة الاحتلال وفق "عقيدة بن غوريون".

 

أحكم جيش الاحتلال السيطرة على هذه المنطقة من جنوب لبنان وأقام بها المعسكرات ومراكز التحقيق بالتعاون مع مليشيا لحد أو ما يُعرف بجيش لبنان الجنوبي، وخلال سنوات التسعينات شهدت هذه المنطقة عملياتٍ عسكرية نفذتها المقاومة الإسلامية في لبنان (حزب الله)، إلى أن انتهت هذه السيطرة بالاندحار الإسرائيلي عن جنوب لبنان في أيار عام 2000، مع التخلي عن منطقة الحزام الأمني وجعلها على الحدود فقط.


طوفان الأقصى.. قلب معادلة الحزام الأمني


فور اندلاع معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، دخل حزب الله خط المواجهة منذ الأيام الأولى للمعركة، بقصفه لمواقع المراقبة والاستطلاع التي أنشأها جيش الاحتلال على الحدود الشمالية، وما لبثت هذه الاستهدافات لأسابيع حتى تطورت إلى رشقات صاروخية تستهدف المستوطنات الشمالية.

 

دخل عام 2024 وافتتح معه آفقاً أوسع للمواجهة بين حزب الله والاحتلال، فأصبح القصف المتبادل أكثر عنفاً وبمدى أبعد، فيما نجح حزب الله باستهداف قواعد عسكرية في الجليل الأعلى ومستوطنة "كريات شمونة" التي نزح أغلب سكانها، وشمال مدينة صفد المحتلة، التي تحول محيطها إلى حرائق طالت بعض المنازل، وخلال شهر حزيران الماضي بلغت صواريخ حزب الله أعمق مدى منذ حرب عام 2006.

 

بهذه الاستهدافات فرض حزب الله قاعدة "الحزام الأمني" على 1150 كم مربع من شمال الأراضي المحتلة ومزارع شبعا، في قلب معادلة الحزام الأمني التي حاول جيش الاحتلال ترسيخها في جنوب لبنان على مدار عقدين دون جدوى.

 

ليس هذا فحسب بل بلغت عمليات حزب الله العسكرية إلى إقتراب عناصر الحزب من الشريط الحدودي واستهداف النقاط العسكرية من مسافة عدة أمتار، كما وثق الإعلام الحربي للحزب إحدى هذه العمليات.

 

الجولان السوري المحتل.. النار تعيده إلى الذاكرة


تمكن جيش الاحتلال من السيطرة على الجولان السوري في حرب الأيام الستة عام 1967، ومنذ ذلك الحين عمدت حكومات الاحتلال المتعاقبة على طمس الهوية العربية للجولان وإحكام السيطرة العسكرية عليه من خلال إنشاء القواعد العسكرية للجيش وقواعد التجسس والإستخبارات الجوية، إضافة إلى إقامة المستوطنات الزراعية على أراضيه.

 

خلال السنوات الأخيرة أصبح الجولان السوري ضمن طيات الذاكرة البعيدة للأراضي العربية المحتلة، غير أن طوفان الأقصى نجح بإعادة تسليط الأضواء على هذه الأرض، وذلك من خلال قيام مجموعات فلسطينية بإطلاق قذائف صاروخية نحو الجولان خلال الأسابيع الأولى من طوفان الأقصى، وسرعان ما تلاشت هذه الظاهرة بعد عمليات اغتيالات إسرائيلية نُفذت في سوريا ضد شخصيات فلسطينية، يتهمها الاحتلال بالمسؤولية عن قصف الجولان.

 

لم يمض طويلاً على الهدوء الحذر في الجولان حتى تم كسره برشقاتٍ صاروخية أطلقها حزب الله من جنوب لبنان مُعلناً ضم الجولان إلى الحزام الأمني، بعد استهداف قواعد عسكرية إسرائيلية هناك وعدة مستوطنات.

 

وبلغ هذا القصف أوجه يوم أمس الأربعاء 9 تموز 2024 عندما أعلن حزب الله عن قصفه الجولان السوري بصواريخ "الكاتيوشا"، وخلف القصف قتيلين إسرائيليين و8 حرائق اندلعت في أراضي الجولان، فيما بلغت المساحة التي دخلت ضمن نطاق الحزام الأمني من الجولان 600 كم مربع.

 

إضافة إلى إعلان حزب الله عن عملية استخباراتية قامت به طائرات استطلاع تعود له، أُعلن عنها في فيديو لعدة مناطق ومعسكرات في الجولان بثه الحزب يوم أمس.

 

التواجد الفلسطيني في تصعيد الجبهة الشمالية


منذ سبعينيات القرن الماضي اتخذت المقاومة الفلسطينية الجبهة الشمالية مدخلاً تُنفذ من خلالها عملياتها العسكرية داخل الأراضي المحتلة، ومنطقة قصفت من خالالها المقاومة الأرض المحتلة، أبرز هذه العمليات حرب المدفعية عام 1981 عندما قصفت حركة فتح الأراضي المحتلة برشقاتٍ مكثفة من صواريخ الكاتيوشا.

 

وتجددت هذه العمليات لأول مرة في معركة سيف القدس عام 2021 عندما أعلنت كتائب القسام في لبنان قصفها للمستوطنات الشمالية، تجدد ذلك في نيسان 2024 قبل معركة طوفان الأقصى، ونُفذت عمليات قصفٍ خلال الطوفان تبنتها كتائب القسام وسرايا القدس في لبنان.

 

 نجح حزب الله في هدم الحزام الأمني عبر عدة عمليات عسكرية خلال التسعينيات قبل تحرير الجنوب، ونجح بفرضه هذه الأيام بنطاقٍ أوسع شمل الجولان السوري المحتل، دون وجود أفقٍ لحل سياسي للتصعيد على الجبهة الشمالية.

#حزب الله #كريات شمونة #الجبهة الشمالية #الجولان السوري المحتل #مدينة صفد