يكاد أن يجمع المحللون بأن صفقة التبادل أقرب لأن ترى النور هذه المرة من أي فترة سابقة، ولكن معظمهم غير واثقين من أنها ستتم.
التقدم الحاصل ظهر في أن :
اولا حماس تخلت عن مطلبها بإيقاف الحرب بضمانات دولية في المرحلة الأولى مقابل أن تستمر المفاوضات في المرحلة الأولى مع وقف القتال وحتى يتم الاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار.
ثانيا حماس تنازلت عن مطلب انسحاب الجيش الاسرائيلي في المرحلة الاولى ، على أن يتم بالكامل مع تطبيق الاتفاق.
وحماس فعلت ذلك لأنها تريد تخفيف الأعباء عن الشعب الفلسطيني وأخذ فرصة لإلتقاط الأنفاس وإعادة تنظيم الصفوف، ولأنها تريد تحميل حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن استمرار الحرب إذا لم تتم الصفقة.
في المقابل إسرائيل وافقت على مبادرة بايدن التي عارضتها _رغم إدعاء المسؤولين الأمريكيين أنها مبادرتها_على إطلاق سراح ٢٢ من المحتجزين والاسرى الإسرائيليين بدون تحديد حتى الان على الاقل أحياء أو أموات، وعن مفتاح تبادل الأسرى حيث تراجعت عن وضع فيتو على بعض الاسرى في البداية كان الفيتو يشمل ٢٠٠ أسير ثم ١٠٠ أسير ثم بدون فيتو على أحد، التفاوض سيكون إلى أين سيتم إطلاق سراحهم إلى أماكن اعتقالهم وسكناهم أم إلى الخارج.
يرجع التفاؤل إلى أن الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي يتحدثان بايجابية عن التقدم الحاصل وإمكانية الإتفاق هذه المرة ، أما التشاؤم فيعود إلى أن نتنياهو أكد في مكالمته مع بايدن بأن إتمام الصفقة لا يعني أن حكومته لن تواصل الحرب حتى تحقيق كل أهدافها، وأن بإمكانها العودة إلى القتال إذا رأت أن حماس تخرق الإتفاق.
سؤال المليون دولار هل ستتم الصفقة، والجواب من المؤكد أن لها فرصة أكبر بالنجاح خصوصا لتطبيق المرحلة الأولى، وهذا بحد ذاته ينطوي على لغم فنتنياهو في حقيقة موقفه لا يريد أي صفقة لأنها تشكل إعترافا بحماس وأن أهدافه لم تتحقق، وهذا يظهر من أنه يريد أن يعقد الصفقة مع حماس ويهدد بانه سيواصل مساعيه للقضاء على حماس، وهو كذلك يخشى من احتمال فرط حكومته إذا تمت الصفقة،
من جهة أخرى زادت الضغوط الداخلية والخارجية عليه لإتمام الصفقة، فقد ظهر للعلن أن الجيش والأمن يدفعان لعقد الصفقة، لدرجة أن الأمن أعلن عن استلام رد حماس الإيجابي وطالب بعقد الصفقة لإحراج نتنياهو، وأن ستة جنرالات بعضهم في هيئة الأركان طالبوا بإتمام الصفقة حتى لو استمرّت حماس بحكم غزة وقادة الفرق الموجودة في غزة ذهبوا في نفس الاتجاه وأن الضباط والجنود مستنزفين وبحاجة إلى راحة ، وأهالي الأسرى هددوا بتنظيم مظاهرات مليونية إذا لم تتم الصفقة، كما ان نتنياهو يريد أن يرطب الأجواء مع إدارة بايدن خصوصا عشية زيارته لواشنطن.
وهناك عامل في منتهى الأهمية هو الخشية من تحول حرب الإسناد في الشمال إلى حرب شاملة، وهذا مع أن الجيش الاسرائيلي غير جاهز للحرب في جبهات أخرى، رغم التصريحات بخلاف ذلك، والأهم، وهذا أي التصعيد ما لا تريده واشنطن، والتصعيد الذي شهدته هذه الجبهة عدة مرات آخرها يوم الخميس الماضي حين أطلق حزب الله أكثر من ٢٠٠ صاروخ و٢٠ مسيرة خلال ساعتين وهذا يحدث للمرة الأولى بهذه الكثافة، وهذا كله يدفع نحو إتمام الصفقة بين المقاومة والاحتلال، لتجنب حرب مفتوحة على احتمالات مخيفة، وفي ظل المعادلة التي يصر عليها حزب الله هي لا وقف لحرب الإسناد إلا بوقف حرب الإبادة.
ولكن قيل سابقا الشيطآن يكمن في التفاصيل، لذا التفاؤل يجب أن يبقى حذرا،ويمكن أن يفشل عدم الاتفاق على التفاصيل المفاوضات.