رام الله - قدس الإخبارية: تصاعدت وتيرة الاعتقالات والملاحقة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة المحتلة خلال الفترة الأخيرة ضد المقاومين المطاردين والناشطين، وصلت إلى حد إطلاق النار المباشر أو على المركبات الخاصة بهم.
ولا تعتبر الفترة الحالية هي الأولى في حالة التصادم بين المقاومين والأجهزة الأمنية الفلسطينية إذ أن هناك شواهد كثيرة مثل مصعب اشتية أحد قادة عرين الأسود في نابلس، ومراد ملايشة ومحمد براهمة من كتيبة جبع في سرايا القدس.
خلفية تاريخية..تنكيل وملاحقات منذ التأسيس
بعد قدومها إلى قطاع غزة ومدينة أريحا عام 1994 في أعقاب اتفاق أوسلو، قامت السلطة الفلسطينية بتأسيس مجموعةٍ من الأجهزة الأمنية والعسكرية، أولى هذه الأجهزة جهازي الأمن الوقائي والمخابرات العامة، وتولت هذه الأجهزة مهمة التبادل الاستخباري مع جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" وفق جهود مشتركة لإنهاء حالة المقاومة في الضفة الغربية وقطاع غزة وحماية الاتفاق من الإنهيار.
أثناء تلك الفترة عمدت الأجهزة الأمنية على ملاحقة المطاردين واعتقالهم من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، ومصادرة سلاحهم وعتادهم، وتسليم بعضهم بشكل مباشر إلى الاحتلال، كالأسير حسن سلامة عام 1996، وتسليم أعضاء خلية صوريف المطاردين عام 1998، وتضييق الخناق على المطاردين آنذاك كالشهداء: عادل وعماد عوض الله، ومحي الدين الشريف، ومحمود أبو هنود.
إضافة إلى اعتقال المئات من نشطاء المقاومة حتى باتت سجن الأجهزة الأمنية المركزية تتشابه مع سجون الاحتلال من حيث الاكتظاظ، أبرز الشخصيات التي مكثت لسنوات في سجون السلطة الشهيد القائد في سرايا القدس نعمان طحاينة وقادة كتائب القسام كالشهيد عبد الله القواسمي ويوسف السركجي.
تراجعت حدة ملاحقة السلطة للمقاومين مع تفجر أحداث انتفاضة الأقصى عام 2000 فتم الإفراج عن جميع المعتقلين بسبب قصف طائرات الاحتلال لمقرات السلطة وسجونها.
عودة الملاحقة مع "الفلسطيني الجديد" وفق هندسة "دايتون"
بعد انتهاء الانتفاضة وتولي محمود عباس رئاسة السلطة الفلسطينية، تم تبني رؤية إسرائيلية -أمريكية بضرورة إعادة هيكلية الأجهزة الأمنية في السلطة، وتدريبهم وفق عقيدة جديدة تقتضي بضرورة ملاحقة المقاومة بكافة الوسائل، وتدريب الدفعات الجديدة من المنتسبين إلى الأجهزة في الأردن والعديد من الدول، ودعم ميزانية الأجهزة مع توفير سيارات مدرعة وسلاح جديد.
كان بداية حصاد زرع "دايتون" في مدينة قلقيلية صيف عام 2009 عندما قامت الأجهزة الأمنية بحصار مجموعة من مطاردين كتائب القسام هناك وتصفية عددٍ منهم واعتقال آخرين، إضافة إلى تضيقات مباشرة على مطاردين كتائب شهداء الأقصى الذين رفضوا تسليم سلاحهم في نابلس ومخيم بلاطة كالشهداء: أحمد سناقرة وهاني الكعبي.
تطور المهام مع تطور المقاومة في الضفة الغربية
لم تقف مهام السلطة على التبادل الاستخباراتي مع الاحتلال فقط بل تطورت إلى حد تفكيك العبوات الناسفة التي تزرعها خلايا المقاومة لجيش الاحتلال، كتفيك الأجهزة الأمنية لعبوات ناسفة زرعت في طريق جيبات الاحتلال قرب قرية علار بمدينة طولكرم، وتحديد الكمائن، وإزالة الحواجز التي وضعها المطاردون على مداخل المخيمات لصد اقتحامات جيش الاحتلال، إضافة إلى قمع المظاهرات المنددة بجرائم الاحتلال واستهداف المشاركين بها بالرصاص الحي وقنابل الغاز السام، واعتقال المطاردين، أقدم هذه الحالات اعتقال جهاز الأمن الوقائي للمطارد مصعب اشتية في نابلس عام 2022 والذي لا زال رهن الاعتقال المتواصل في سجون السلطة.
خلال العام الماضي ارتفعت وتيرة ملاحقة الأجهزة الأمنية للمقاومين في طولكرم وجنين إضافةً إلى مخيم بلاطة شرق نابلس، مع تركيزها على محاولات اعتقال لبعض المطاردين واطلاق النار اتجاههم، فقتل رصاص السلطة الشاب عبد أبو عقل على مدخل مخيم طولكرم أثناء إزالة الأجهزة الأمنية للسواتر التي وضعها المطاردون في المخيم.
وفي طوفان الأقصى قتلت الأجهزة الأمنية المطارد للاحتلال معتصم العارف بعد إطلاق النار عليه في طولكرم، إضافة إلى إطلاق النار اتجاه قائد كتيبة طولكرم المطارد أبو شجاع الجابر ومحاولة اعتقاله ومصادرة سيارة للكتيبة، وآخر عمليات القتل التي نفذتها السلطة طالت المطارد أحمد أبو الفول من كتيبة طولكرم والذي استشهد بعد إطلاق عناصر الأجهزة الأمنية النار على سيارته.
وتواصل الأجهزة الأمنية ملاحقة المطاردين في محافظة طوباس عبر ملاحقتهم وإطلاق النار عليهم لأكثر من مرة خلال شهور قليلة، إضافة إلى مصادرة وتفكيك عبوات ناسفة زرعها المقاومون قرب مدخل قرية طمون ومنطقة تياسير لاستهداف آليات الاحتلال عند الاقتحامات.
وخلال اجتياح مخيم جنين في العام الماضي قامت الأجهزة الأمنية باعتقال المطاردين مراد ملايشة قائد كتيبة جبع والمطارد محمد براهمة أثناء توجههم إلى مخيم جنين للمشاركة في التصدي لقوات الاحتلال المُقتحمة، ومر عام كامل على اعتقالهم ولا زالوا رهن الاعتقال.