الضفة الغربية - قُدس الأخبارية: أثارت تسريبات حديثة تعود لوزير مالية الاحتلال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش، مخاوف وردات فعل لدى الشارع الفلسطيني، والتي قال فيها إن هناك إجماعا وموافقة لدى حكومة الاحتلال بشأن قرار ضم مساحات من أراضي الضفة الغربية المحتلة.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز"، قد كشفت تفاصيل تسريب يعود لسموتريش في إحدى خطاباته ذات العلاقة بملف الضفة في التاسع من حزيران الجاري، قال فيه "إن هناك جهودا سرية لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية".
وقال سموتريش في منشور على حسابه على من إكس يوم الأحد إن "تحقيق نيويورك تايمز لم يكشف أي سر.." مُقللاً من أهمية التحقيق ومُجاهراً بتصريحاته الأخيرة التي تسعى لتعزيز الاستيطان وإنهاء أي محاولة لإقامة دولةً فلسطينية.
وفي وقتٍ سابق كان قد صدر قرار عن محكمة الاحتلال العليا يفيد أن حكم الاحتلال للضفة الغربية يرقي لمستوى احتلال عسكري مؤقت، يُشرف عليه جنرالات جيش الاحتلال وليس ضماً مدنياً دائماً يديره موظفون في الإدارة المدنية التابعة للاحتلال.
قرار الضم وإنهاء السيادة الفلسطينية على الضفة
وتعقيبا على تسريبات سموتريش، يقول الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق، إن ما تحتويه التسريبات ليس جديداً، حيث إن قرار الاحتلال بضم الضفة الغربية كان قد صدر في حكومة رئيس وزراء الاحتلال بينت لابيد عام 2021 والتي طرحت في وقتها خطة الضم، وسموتريش الآن يسعى لتنفيذ خطة معدة سابقاً، وينفذ الآن في الضفة الغربية جزءا من خطة تقضي بتقليل عدد الفلسطينيين في الضفة، من خلال قرارات منع البناء وطرد التجمعات البدوية وتقليل حصة الفلسطينيين من الماء، يتزامن ذلك مع الحصار المالي والتضييق المفروض على السلطة الفلسطينية من قبل حكومة الاحتلال.
ويضيف القيق في تصريح خاص لـ "شبكة قدس"، أن الأثر السياسي لهذا القرار ينعكس بنزع السيادة الفلسطينية عن الضفة الغربية بالكامل، وهذا يقوله الاحتلال علناً مع مساعٍ إسرائيلية بجعل الضفة الغربية تحت حكم إدارة مدنية تدير شؤونها.
وتشهد الضفة الغربية توغلاً استيطانياً غير مسبوق يهدد الوجود الفلسطيني ككل، مع إطلاق اليد لقطعان المستوطنين بالاستيلاء عنوةً على أراضي الفلسطينيين بالضفة الغربية وارتكاب الاعتداءات التي تطال ممتلكات الفلسطينيين في قرى وبلدات الضفة الغربية.
من جانبه، يؤكد المختص في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة، أن نوايا وزير مالية الاحتلال سموتريش واضحة على الأرض وتهدف إلى إنهاء كافة أشكال الوجود الفلسطيني، ولا جديد في هذه التسريبات التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، لأن كل ما بثته التسريبات تتبناه حكومة نتنياهو منذ توليها للحكم وتنفيذ هذا يتم على الأرض بشكل فعلي.
ويقول هلسة في تصريح خاص لـ "شبكة قدس"، إن "مناخ الحرب بعد اندلاع معركة طوفان الأقصى أصبح ملائماً لإنفاذ هذه المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية وحدوث انفلاتٍ استيطاني في الضفة الغربية، وهذا الانفلات تقوده دولة المستوطنين الذي تم السعي لإقامتها ودعمها وتقويتها على مدار حكومات الاحتلال المتعاقبة".
ويضيف الباحث في الشأن الإسرائيلي، أنه حتى لو تم تفكيك حكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو وتم تشكيل حكومة جديدة، فإن أي حكومة جديدة ستكمل ما بدأت به حكومة سموتريش ونتنياهو، وأن هذه الحكومة ترفض الوجود الفلسطيني رفضاً قاطعاً.
وعن تنفيذ الضم يرى هلسة أن الاحتلال بدأ بضم مناطق "ج" وهي أكثر المناطق المعنية فيها حكومة الاحتلال، مع الإشارة إلى أن نهاية الحرب في قطاع غزة ونتائج المعركة ستنعكس على واقع الضفة الغربية بشكلٍ مباشر.
"حل الدولتين"
أما عن الواقع السياسي الذي ستحدثه تسريبات سموتريش إذا ما تم تنفيذها، فيقول الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي إن "خطة سموتريش تتم الآن على أراضي الضفة الغربية واصفاً إياها بأنها "تنسف ما يسمى بحل الدولتين وحتى قيام دولة فلسطينية مستقلة".
وعن الوضع السياسي للسلطة فيؤكد البرغوثي في تصريح خاص لـ "شبكة قدس" أن السلطة عاجزة عن فعل أي شيء في مواجهة المخاطر الإسرائيلية الاستيطانية المحدقة بالضفة الغربية، وأنه لا يوجد أمام السلطة أي حلٍ إلا تشكيل قيادة وطنية فلسطينية موحدة على برنامجٍ وطني كفاحي موحد بعد فشل اتفاق أوسلو والحلول السلمية.
ويضيف أن على الصعيد الدولي لم يتم التحرك حتى الآن بشكلٍ جدي، وليس أمام الشعب الفلسطيني إلا قرار واحد هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وإلا ستستمر حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.
خطوات السلطة في مواجهة خطة سموتريش
هذا الواقع الجديد يعدّ تحدياً يُفرض على الوجود الفلسطيني بالضفة الغربية بما فيها السلطة التي تتعرض لعملية تضييق إسرائيلي، وتقع على عاتقها مواجهة هذه الحملة الإسرائيلية المُخططة في الضفة الغربية، مما يحتم على السلطة اتخاذ قرارات وخطوات جدية في مواجهة كل ذلك.
أما عن المشهد الاستيطاني في الضفة الغربية فيقول رئيس هيئة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان، إن المخططات الإسرائيلية الجارية على الأرض تدل على تسريع وتيرة السيطرة الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية.
ويقول شعبان في تصريح خاص لـ "شبكة قدس" إن "هناك تصريحا إسرائيليا بالرغبة بمصادرة والاستيلاء على أكثر من 20 ألف دونم حتى نهاية العام، وتسريع وتيرة المصادقة على مخططات استيطانية وتسريع وتيرة شرعنة وتسوية أوضاع بؤر استيطانية، وتسريع وتيرة هدم البناء الفلسطيني وبالمقابل الحفاظ على ما يبنيه المستوطنون في أراضي الضفة، هذا هو السيناريو القريب والترجمة الفعلية لما يجري الحديث عنه".
وعن الخطوات التي ستتخذها هيئة مكافحة الجدار والاستيطان كجهة رسمية فلسطينية، أوضح رئيس الهيئة، أن لدى الهيئة 3 خططٍ إستراتيجية لمواجهة هذه الخطة وهي: البرنامج الأول المتمثل دعم صمود الفلسطينيين وتوفير احتياجاتهم وجبر أضرارهم، بالإضافة إلى العمل بأسرع وقت على تفعيل لجان الحماية في الكثير من المواقع، و"لدينا اليوم عدد لا بأس به من اللجان النشطة، لكن نسعى إلى زيادة العدد وتوسيع النطاقات".
وبحسب شعبان فإن البرنامج الثاني هو البرنامج القانوني، الذي ينطلق وفق رؤية أن الجانب القانوني هو ساحة استراتيجية للصراع مع الاحتلال من أجل إحباط مخططاته، وهي ساحة تعمل على التفاصيل الصغيرة تنشغل بها ولا تهملها للوصول إلى العناوين الكبرى المرتبطة بالإنسان والأرض والأبنية.
أما البرنامج الثالث، فهو برنامج توثيق انتهاكات الاحتلال وفضح جرائمه، وهذا برنامج يهدف إلى إظهار وجه الاحتلال الحقيقي القبيح أمام العالم، وهو يغذي الرأي العام العالمي بما يلزمه من حقائق تكشف زيف وكذب الرواية الاحتلالية على الأرض وفقاً لشعبان.