شبكة قدس الإخبارية

حُفر إخفاء الإبادة .. المقابر الجماعية من مجزرة الطنطورة إلى حرب غزة

حُفر إخفاء الإبادة .. المقابر الجماعية من مجزرة الطنطورة إلى حرب غزة
دينا هيثم

منذ بدء الحرب "الإسرائيلية" على غزة، ويمارس الاحتلال أبشع الجرائم بحق الفلسطينيين، ما بين القصف والتجويع والاعتقال والتعذيب إلى القتل الجماعي للأطباء والجرحى والنازحين في المستشفيات ودفنهم في مقابر كوسيلة لإخفاء معالم جريمته.

تُعَرِّف الأمم المتحدة المقبرة الجماعية بأنها قبر واحد أو حفرة أو سرداب يحتوي على 3 جثث بشريّة أو أكثر، وقد دفنوا بعد إعدامهم، سواء أكانت هويتهم معروفة أم غير معروفة.

على مدار نصف عام من الإبادة عاث الاحتلال فساداً في جميع أنحاء القطاع، فعدم وجود رادع دولي حقيقي جعله يكرر الجريمة وهو أمن من العقاب، وتعتبر المقابر الجماعية واحدة من سلسلة جرائم ضد الانسانية ارتكبها الاحتلال في شمال وجنوب القطاع على السواء، ولا يعتبر إعدام الفلسطينيين أو دفنهم أحياء، كباراً كانوا أم صغاراً جريمة جديدة، فتاريخ الاحتلال حافل بجرائم تندى لها الانسانية.

وأقرب الأدلة على ذلك ما تم اكتشافه في وقت ليس بالبعيد عن مقابر جماعية لفلسطينيين في قرية الطنطورة التي تقع إلى الجنوب من مدينة حيفا، حيث احتلتها العصابات الصهيونية في 23 مايو/أيار 1948 ونفذت بداخلها "مجزرة الطنطورة" التي راح ضحيتها أكثر من 280 فلسطينيا وهو ما كشفت عنه وكالة الأبحاث البريطانية "فورنسيك أركيتكتشر" بالتعاون مع لجنة أهالي الطنطورة في تحقيق يحدد مواقع المقابر الجماعية للمجزرة التي وقعت في القرية قبل 75 عاماً، واكتشف 4 مواقع لمقابر جماعية لم تكن معروفة من قبل.

يكرر الاحتلال نفس الأسلوب في قطاع غزة ولكن هذه المرة داخل أروقة المستشفيات التي تعتبر محمية بموجب القانون الدولي حيث أقام الاحتلال 6 مقابر جماعية داخل مستشفيات القطاع، ليتم في وقتٍ سابق انتشال جثامين 471 شهيداً منها منذ بداية الحرب.

أول مقبرة جماعية اكتُشفت داخل مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزة، وانتُشل منها 29 جثماناً من الشهداء الذين أعدمهم الاحتلال. بالإضافة إلى مقبرتين جماعيتين في مجمع الشفاء الطبي؛ انتُشل منها 33 شهيد، أما عن المقابر الثلاث الأخرى كانت في مجمع ناصر الطبي انتُشل منها 392 شهيد حتى اللحظة، وفقاً لمدير المكتب الإعلامي الحكومي، إسماعيل الثوابتة.

أما عن حالة الجثامين التي عثر عليها فقد بدى عليها ملامح التنكيل، بعضها مربوطة اليدين والساقين والقدمين، وأخرى دون أطراف، وبعضها بلا جلود، والغالبية سُرقت أعضاءها. من الجدير بالذكر أن الاحتلال يمتلك أكبر بنك للجلود في العالم، تم تشييده في العام 1986، وبالرجوع إلى وجود جثامين بدون جلود وأعضاء يؤكد حقيقة السرقة لتغذية البنك. وفقاً لتحقيقات تم إجراءها مسبقاً كشف خبراء "إسرائيليون"، عن سرقة جلود وأعضاء الشهداء وزرعها في أجساد مرضى يهود واستعمالها في كليات الطب بالجامعات "الاسرائيلية".

تصديقاً للاكتشاف المروع للمقابر الجماعية وما يجب فعله بهذه الأدلة، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك: "من المهم أن يتم الاحتفاظ بهذه الأدلة". وذكر أن الأمم المتحدة دعت إلى إجراء تحقيق دولي بشأنها في غزة.

وأكدت أيضاً منظمة العفو الدولية أن الاكتشاف "المروع" للمقابر الجماعية في قطاع غزة يستدعي "الحاجة الملحة للحفاظ على الأدلة وضمان الوصول الفوري" لمحققي حقوق الإنسان إلى القطاع.

من الناحية القانونية يُقرّ نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن التمثيل بجثث الموتى جريمة حرب، ويدعو القانون الدولي والإنساني إلى احترام الموتى، ومنع العبث بالقبور وتشويه الجثامين، وضمان التعرف على رفاتها ودفنها بشكل لائق.