غزة - قدس الإخبارية: دخلت حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة يومها الـ 200، واصل خلالها الاحتلال الإسرائيلي أبشع أنواع المجازر في تاريخ الإنسانية، استهدفت جميع أشكال الحياة في القطاع، من البشر إلى الحجر والبنية التحتية.
ومع بدء عملية طوفان الأقصى التي بدأت يوم العبور الكبير في السابع من أكتوبر\تشرين الأول الماضي وتمكنت خلالها المقاومة من قتل ما يزيد على ثلاثمئة وأربعة وخمسين ضابطا وجنديا إسرائيليا، وأسر أكثر من 250 إسرائيليًا، أعلن الاحتلال عن حرب الإبادة، تحت غطاء أهدافٍ معلنة حددها بالقضاء على حماس وتفكيكها.
وعلى الرغم من مرور 200 يومٍ على بدء الإبادة، قصفت المقاومة الفلسطينية مستوطنة سديروت المحتلة من شمال قطاع غزة، هذا الشمال الذي انسحب منه الاحتلال بعد أن تبجح بأنه قضى على المقاومة الفلسطينية ومقاتلي كتائب الشهيد عز الدين القسام.
وليس قبل استمرار انطلاق الرشقات الصاروخية من شمال القطاع، إلا استعادة شرطة قطاع غزة الأمن والسيطرة على مقطاع غزة بأكمله وتوزيع المساعدات وتأمينها، بعد أن فشلت مجددًا خطة الاحتلال ومن ورائها السلطة الفلسطينية في استقطاب العشائر لصالح الاحتلال، وخلق الفوضى.
حول ذلك، يصف الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي، فشل الاحتلال بالعجز المركب، موضحًا أن الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه المعلنة المتمثلة بالقضاء على حركة حماس وتفكيكها في الكامل على المستوى التنظيمي والإداري والعسكري والحكومي، وفي استعادة الأسرى الإسرائيليين أحياء لدى المقاومة الفلسطينية.
ويضيف عرابي، في حديثه لـ "شبكة قدس"، إن الاحتلال عجز عن تحقيق هذه الأهداف في أطول حرب في تاريخه، وفي أضيق منطقة جغرافية، وبمواجهة تنظيم فلسطيني صغير يقاتل بالأسلحة الخفيفة، مضيفًا: "ولا يبدو حتى اللحظة أن تحقيق هذه الأهداف قريب".
ويستدرك عرابي: بالرغم من ذلك عجزت، كل هذه الدولة الهائلة التي تمتلك كل هذه المقومات والقدرات العسكرية والأمنية والتسليحية والاقتصادية والتكنولوجية والمدعومة من أقوى قوة في العالم وهي الولايات المتحدة وقوى أوروبية وعربية، في تحقيق أهدافها أمام تنظيم محاصر في غزة.
أما الفشل الثاني الذي مُني به الاحتلال، فهو الانكشاف الاستراتيجي وفق عرابي، موضحًا: " انكشاف استراتيجي على نوع من الضعف والهشاشة الذاتية لدى الاحتلال الإسرائيلي، وإمكانية تحقيق أهداف في مرماه لو كانت هناك قوة تتربص به."
ويتابع عربي، أن الاحتلال وجد نفسه أمام معضلة استراتيجية لأن كل خيارات الاحتلال صعبة، فاستمرار الحرب إلى ما لا نهاية أمر صعب، ولو انسحب فيعني ذلك هزيمة للاحتلال الإسرائيلي.
ويقول عربي، "لو سلمنا جدلًا أنه حقق أهدافه بتفكيك حركة حماس، هذا يعني انه سيجد نفسه غارقًا في حقائق القضية الفلسطينية، بما ينقض كل المكاسب التي حققها في اتفاقية أوسلو إلى اليوم، لأن الاحتلال كرس وجوده وخلق تحالفاته واخترق الإقليم والعالم بالتأسيس على أن هناك مسار تسوية وأن هناك محاولات لخلق سلام مع الفلسطينيين"
وبحسب الكاتب والمحلل السياسي، فلو احتل قطاع غزة أو مناطق منها، وبقيت حالة المقاومة موجودة، فذلك يعني استمرار حالة التوتر، ما يفضي إلى نقض المكاسب التي حققها على أساس السلام.
"راكم الركام والإحباط"
بالنسبة للمحاضر في جامعة بيرزيت عبد الجواد عمر، فإن الاحتلال كما راكم الركام في قطاع غزة، إلا أنه أيضا راكم الكثير من الإحباط.
ويوضح عمر، في حديثه لـ "شبكة قدس"، أن دولة الاحتلال نجحت في مراكمة بعض الانجازات التكتيكية في مواجهة المقاومة في غزة ولبنان، على صعيد الاغتيالات وتدمير بعض من البنى التحتية، كما أنها تمتلك باللحظة الحالية نفوذًا في صياغة شكل ونوع المساعدات وطبيعة إعادة الإعمار الممكن في قطاع غزة بعد التدمير الهائل الذي طال القطاع، بما فيه قدرة فصل شماله عن جنوبه.
على الرغم من ذلك، يستدرك عمر، أن دولة الاحتلال يعاني من فشل استراتيجي حتى الآن في الوصول إلى نصر مطلق كما تعرفه هي، أي القضاء المقاومة في قطاع غزة، وفتح مواجهة مع لبنان تفرض على المقاومة على حدود الشمالية إعادة التموضع خلف نهر الليطاني.
ويشير عمر إلى أن منظومة الردع التراكمي والمباشر مع خصومها تآكلت كما أظهرت تبادل الضربات المباشرة مع إيران.
ويؤكد أن أحد أهم مفاصل الفشل في هذه المعركة هو إعادة أسراه من قبضة المقاومة، وإعادة مستوطني الجنوب أو الشمال لبيوتهم، كما أنه لم ينج في صياغة رؤية سياسية واضحة المعالم لما يريده عقب الحرب.