شبكة قدس الإخبارية

غطرسة الإرهاب الصهيوني والحق الفلسطيني بالمقاومة

Screen Shot 2023-10-14 at 9.49.22 PM
حسن أبو هنية

 

ترتبط الحرب بالمفاجأة، لكن هجوم "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي الذي شنته فصائل المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، داخل المستوطنات الإسرائيلية في غلاف القطاع، حمل مفاجآت عديدة من جهة توقيت الهجوم المباغت وحجمه وتنظيمه، وبقدراته العسكرية، لكن المفاجأة الأكبر التي فاجأت المقاومة نفسها تمثلت بهشاشة وضعف المنظومة العملياتية والاستخباراتية للجيش الإسرائيلي الذي يعد الأقوى في الشرق الأوسط، والمفاجأة الأخرى أن الحق الفلسطيني بالمقاومة لا يمكن أن تطمسه غطرسة الإرهاب الصهيوني، فجهود تصفية القضية الفلسطينية بعد هزيمة العرب وإخضاعهم من خلال اتفاقات تطبيع مخزية ومذلة، لا تعني خضوع الشعب الفلسطيني وتنازله عن حقوقة المشروعة ومنها الحق بالمقاومة.

لم يكن هجوم المقاومة الفلسطينية في حقيقة الأمر مفاجئا، ولا يعدو حديث المفاجأة عن كونه تبريرا للفشل الذريع والهزيمة العسكرية المذلة للكيان الإسرائيلي، ونتيجة للغطرسة السياسية الصهيونية التي أعمت أبصارهم وافقدتهم أي بصيرة عقب اتفاقات التطبيع واعتقادهم بحلول زمن تصفية القضية الفلسطينية، وأن بإمكانهم حصار وقتل واعتقال الفلسطينيين دون حساب أو اعتراض أو إدانة واستنكار، ودون مقاومة

وقد لخّص الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي سياسات الغطرسة الإسرائيلية وعواقبها بالقول: "نواصل دون تشويش، نعتقل، نقتل، نسيء معاملة، نسلب، نحمي مستوطِني المذابح، نزور قبر يوسف، وقبر عثنيئيل، ومذبح يشوع، وكلها في الأراضي الفلسطينية، وبالطبع نزور "جبل الهيكل"، أكثر من 5000 يهودي في العرش.. نطلق النار على الأبرياء، نقتلع عيونهم ونهشّم الوجوه، نرحّلهم، نصادر أراضيهم وننهبهم، ونخطفهم من أسرّتهم، ونقوم بتطهير عرقي، أيضا نواصل الحصار غير المعقول. وكل شيء سيكون على ما يرام".

بلغت الغطرسة الصهيونية مداها بعد الانقلاب على انتفاضات الربيع العربي وإعادة بناء الدكتاتوريات العربية، حيث ظهرت تصورات جديدة حول مهددات الاستقرار السلطوي في المنطقة اختُزلت بالإسلاميين على اختلاف توجهاتهم السياسية الديمقراطية السلمية والجهادية الثورية، وتبلورت عن رؤية تقوم على تصفية القضية الفلسطينية وإدماج المستوطنة الاستعمارية الإسرائيلية في نسيج المنطقة، من خلال تأسيس تحالف بين الإمبريالية الأمريكية والأوروبية والدكتاتوريات العربية والاستعمارية الإسرائيلية تحت ذريعة مواجهة الخطر المشترك المتمثل بالحركات الإسلامية؛ التي تقوم أيديولوجيتها على مناهضة الإمبريالية والاستبدادية والاستعمارية. فالتصورات الأساسية للمنطقة خضعت للسردية الأمريكية الإسرائيلية حول القضية الفلسطينية ومستقبل الشرق الأوسط.

وكان محمد الضيف، القائد العام لكتائب عز الدين القسام، قد حدد بوضوح أسباب وأهداف عملية "طوفان الأقصى"، وهي: "وضع حد لكل جرائم الاحتلال، وانتهى الوقت الذي يعربد فيه دون محاسب"، وأن العملية جاءت في ظل الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، وتنكّر الاحتلال للقوانين الدولية وفي ظل الدعم الأمريكي والغربي والصمت الدولي.

ثلاث ساعات فقط كانت أكثر من كافية لألف مقاتل من فصائل المقاومة لاختراق سلسلة من التحصينات الإسرائيلية بسهولة فائقة، دون عوائق إلى عمق المستعمرات، واقتحموا المقار العسكرية الإسرائيلية الشديدة التحصين. وعجز الجيش الإسرائيلي عن صد هجمات المقاومة بإمكانات متواضعة مقارتة بآلة عسكرية ضخمة، وظلَّت المستوطنات وغيرها من المناطق السكانية الإسرائيلية على امتداد الحدود بدون منظومة دفاع، وتواصل الارتباك طوال يوم كامل، حيث تمكنت المقاومة الفلسطينية من فرض سيطرتها على امتداد أكثر من 45 كيلومترا، واقتحمت ما لا يقل عن أربع ثكنات عسكرية، ودمرت فرقة غزة، أسفر هجوم المقاومة خلال ساعات محدودة عن سقوط أكثر من 1300 قتيل إسرائيلي، بينهم جنود يرتدون ملابسهم الداخلية، ووقع نحو 150 شخصا أسرى بيد المقاومة، بينهم ضباط بمراتب عالية وجنود.

ففي اليوم التالي من الحرب بين المقاومة الفلسطينية والمستعمرين الإسرائيليين، أمر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن حاملة الطائرات الأمريكية "يو. إس. إس. جيرالد. فورد"، الأكثر تطورا في الترسانة الأمريكية، بالإبحار إلى شرق البحر الأبيض المتوسط لدعم نظام الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وسرعان ما تبعتها بريطانيا بإرسال سفن حربية، ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتم فيها إرسال سفن حرب أمريكية أو أوروبية لحماية المستعمرين في فلسطين.

أحدث هول هجوم "طوفان الأقصى" المباغت على المستعمرة الإسرائيلية، صدمة نفسية شديدة وهائلة للكيان الإسرائيلي، أفقدته توازنه ومست كبرياءه وأطاحت بغطرسته، وانتابته الشكوك حول بقائه ومستقبله ووجوده، وامتدت الصدمة وتنامت الشكوك لدى الغرب الإمبريالي الراعي للكيان الاستعماري الإسرائيلي حول قدرات جيش وأجهزة استخبارات وحكومة المستعمرة وقدرتها على الصمود والبقاء والسيطرةأصبجت محاولات الولايات المتحدة الأمريكية والأوروبية لإدماج المستعمرة الصهيونية في المنطقة والتطبيع مع الحكومات العربية في مهب الريح، فقد كشفت معركة "طوفان الأقصى" حالة عدم استقرار الكيان لإسرائيلي، وهو ما سيفاقم حالة الانقسام والتشظي، وتنامي المشكلات الداخلية والخارجية. فقد بدأت المظاهرات المطالبة بإقالة ومحاسبة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وسرعان ما سيدخل الكيان الإسرائيلي في حقبة من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية العميقة.

فحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن إسرائيل دخلت بعد هذا الهجوم فصلا جديدا في معضلتها؛ مهما كانت نتيجة الحرب التي بدأت للتو. وحسب مسؤول سابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، فقد كانت إسرائيل قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، تُشكل سندا للعديد من دول المنطقة فيما يتعلق بالقضايا الأمنية.. الصورة الآن أهتزت، إسرائيل أصبحت ضعيفة ولم تعد محل ثقة. وقد أكد أربعة من كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين تحدثوا لـ"نيويورك تايمز" أن الاختراق الأسوأ والأكثر خطورة الذي تعرض له الجيش الإسرائيلي طوال خمسين عاما مضت، صدم القادة الإسرائيليين - العسكريين والسياسيين على حد سواء- وجعلهم يشعرون بالخزي، كما حطَّم الشعور بالأمن والأمان لدى المواطنين الإسرائيليين: لساعات طويلة كان ما كان يُعرف بـ"أقوى جيش في الشرق الأوسط" عاجزا عن القتال.

من المفارقة أن يلجأ كيان استعماري قام على الإرهاب بوصف من يقاوم الاحتلال بالإرهابي، ففي كل مرة ينتفض فيها الفلسطينيون، يستحضر الغرب الإمبريالي والاستعمار الإسرائيلي الإرهاب، فمنذ اللحظات الأولى لعملية "طوفان الأقصى"، أصبحت مفردة "الإرهاب" الكلمة السحرية الأكثر تداولا على ألسنة قادة كيان الاحتلال الصهيوني ورعاته الإمبرياليين الغربيين، وليس أي إرهاب بل إرهاب تنظيم الدول (داعش) الذي يمثل صورة الإرهاب والشر الخالص في المخيلة الغربية، والذي أزاح تنظيم "القاعدة" عن عرش الإرهاب، وبقفزة بهلوانية أصبحت "حماس هي داعش"، ونُشرت أخبار كاذبة ومزيفة مثل ذبح النساء والأطفال على يد حماس، وهو سرعان ما ثبت كذبه.

ومع ذلك استمرت عملية نشر خرافة "حماس هي داعش" بل النسخة الأكثر شرا ووحشية وسنهزمها كما هزم العالم المتنور "داعش"، حسب قول نتنياهو. وأصبحت عبارة "حماس هي داعش" هي الأكثر ترددا على لسان نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت وكذلك وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، وسرعان ما تردد صدى أكذوبة "حماس" هي "داعش"، حيث وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن حركة "حماس" بأنها داعش، قائلا: "حماس هي داعش، وداعش تم سحقها وحماس يجب أن تُسحق وأن تُلفظ من كل المجتمعات الدولية، ومن يتحالفون مع حماس يجب أن يعاقبوا"، وتبعه باقي أركان إدارته من وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى وزير الدفاع لويد أوستين، وسرعان ما كرر الأكذوبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبقية الجوقة الغربية الإمبريالية.

وعبارة حماس هي داعش ليست جديدة في الخطاب الإسرائيلي والأمريكي، فقد جاءت في خطاب الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب في قمّة الرياض الإسلاميّة التي عقدت في 21 أيّار/ مايو 2017، والذي قال فيه: "إنّ حماس شكل من أشكال الإرهاب في العالم، وأنّها تمارس الوحشيّة نفسها كالقاعدة وداعش".

لسنا بحاجة إلى تفنيد ترهات تشبيه حماس بداعش، فالخلافات الأيديولوجية والسياسية بينهما معروفة، بل إن "داعش" يعتبر حماس مرتدة كافرة، ودخلت حماس في قتال مع أنصار داعش في غزة واعتقلتهم، وأصدرت فتاوى عديدة ضده التنظيم.

وثمة إجماع لدى الشعوب العربية والإسلامية على أن حماس هي حركة مقاومة إسلامية ضد الاحتلال الصهيوني، ورغم عداء معظم الأنظمة العربية لحركة حماس لم تصنف على لوائح المنظمات الإرهابية في أي دولة عربية أو إسلامية، رغم أن دولا عربية عدة صنفت جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية.

وحسب تسفي بارئيل، المحلل البارز في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فإن الحملة الإسرائيلية بجعل حماس داعش محكوم عليها بالفشل، فالمقارنات بين حماس وتنظيم الدولة لا يمكن أن تخفي الاختلافات العميقة بينهما، وهو ما يحول دون تحقيق أهداف إسرائيل بتشكيل تحالف دولي ضد حماس كما حدث في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة.

وتكشف المسألة الفلسطينية وحالة حماس عن ذاتية مصطلح "الإرهاب" وغير موضوعيته، إذ يشكل مصطلح "الإرهاب" دالا مبنيا سياسيا، لا تجمعه بالضرورة علاقة تناسب طبيعية بالمدلول، ويرتبط بإرادة المعرفة وإرادة الهيمنة، وهو خطاب أدائي للسلطة السيادية في علاقات القوة، يرتبط بالمصالح الجيوسياسية كتوظيف سياسي.

تستخدم الولايات المتحدة مصطلح "الدولة الراعية للإرهاب"، ضد الكيانات السياسية المعارضة للتوجهات الأمريكية، وهوية الإرهابي رهن التسمية وليس الفعل في سياق خطابي تحدده المصالح القومية. وفي الوقت الذي يصعب من الناحية النقدية وصف حماس بالإرهابية، يمكن بسهولة وصف إسرائيل دولة إرهابية،وكانت بوليفيا قدأدرجت فعلا الكيان الإسرائيلي على قائمتها للدول الإرهابية في تموز/ يوليو 2014 احتجاجا على العدوان الذي شنه جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة آنذاك، فـ"الإرهاب" تسمية مفروضة وغير مفترضة واستراتيجية القوى الغاشمة للهيمنة والسيطرة وترتبط بهوية الفاعل وليس الفعل، وتنفرد الحالة الفلسطينية بالإجماع والتوافق الأمريكي حول هوية "الإرهابيين"، فلطالما اتفق الديمقراطيون والجمهوريون على أن الفلسطينيين هم مرتكبو الأعمال الإرهابية، وليسوا أبدا ضحاياها، فيما اعتبروا أن الإسرائيليين هم دائما ضحايا الإرهاب.

يتصور الخطاب الإمبريالي الغربي والكولونيالي الصهيوني أنه يمكن قلب الحقائق وفرضها بالقوة، فلطالما وصفت الإمبريالية والكولونيالية المقاومة بالإرهاب، لكن الحقيقة أن الكيان الاستعماري الصهيوني قام على الإبادة والتطهير العرقي والإرهاب، ولا يزال يستخدم الإرهاب في قمع مقاومة الشعب الفلسطيني، فالإرهاب الصهيوني موثق بصورة جلية دون لبس. وحسب توماس سواريز في كتابه "دولة الإرهاب: كيف خلق الإرهاب إسرائيل الحديثة"، مارس الكيان الصهيوني الإرهاب على أساس يومي تقريبا منذ العام 1937، في الوقت نفسه الذي كان فيه البلطجية النازيون يُرهبون اليهود الأوروبيين، حيث نفذت العصابات الصهيونية المشكلة من الغرباء اليهود "حملات محسوبة من الإرهاب" ضد الفلسطينيين الأصليين.

وفي هذه الحملة، تعرض الفلسطينيون للذبح والتشويه والترويع بلا رحمة جراء التفجيرات المتكررة أو الهجمات بالبنادق الرشاشة والقنابل اليدوية على المقاهي الفلسطينية وعلى "المارة العرضيين"، وعلى السيارات والحافلات الفلسطينية وقطارات الركاب، ودور الأيتام والمدارس والمتاجر والأسواق والأحياء العربية. وأغارت العصابات اليهودية على القرى العربية، وزرعت الألغام الأرضية، وأعدمت بدم بارد على غرار النازية القرويين المحاصرين، وضاعفت عصابة الأرغون العسكرية القومية الإرهاب من خلال التهديد بـقطع الأيدي العربية التي ترتفع ضد القضية اليهودية.

إن الاستعمار اليهودي الصهيوني لفلسطين بنية وعملية مستمرة وليس حدثا منفصلا، كما بيّنت أبحاث باتريك وولف، فمنذ أكثر من سبعة عقود قام الاستعمار الاستيطاني اليهودي في فلسطين بعمليات ممنهجة من الإبادة والتدمير وتهجير الفلسطينيين قسرا من بيوتهم وأراضيهم وقامت بالاستيلاء على ممتلكاتهم خلال النكبة التي بدأت عام 1948، حيث دمرت المليشيات الصهيونية 531 قرية فلسطينية، وارتكبت أكثر من 70 مجزرة موثقة، وقتلت أكثر من 15 ألف فلسطيني بين عاميّ 1947 و1949. ونتيجة ذلك أدت النكبة إلى لجوء حوالي ثلثيّ الشعب الفلسطيني، وأفضت إلى عملية تهجير داخلي لثلث من بَقِيَ أعقاب الحرب، ولا تزال دولة الاحتلال الإسرائيلي تحرمهم منذ ذلك الوقت من حقّهم في العودة إلى قراهم وبلداتهم ومدنهم الأصلية، ولا يزال النهج الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي مستمر دون توقف، فعمليات الاقتلاع ومصادرة الأراضي وترحيل السكان، وسياسات الفصل العنصري؛ مكونات راسخة للمشروع الاستعماري الاستيطاني اليهودي الصهيوني في فلسطين.

كان إيلان بابيه قد شرح الاستراتيجية الصهيونية في دراساته وكتبه، فالاستعمار الاستيطاني قام على القضاء على السكان الأصليين عند تأسيسه في القرن الماضي، وفي الوقت الحالي يجري استخدام مزيج من أساليب الماضي: التطهير العرقي، وسياسات الإبادة الجماعية، والتسييج، والطرد، أحيانا على نطاق صغير، ولكن بشكل مستمر ويومي. فالمشروع الاستعماري الاستيطاني لا يتوقف للحصول على أكبر قدر من الأرض، دون سكانها الأصليين. ولا تزال هذه هي الرؤية والاستراتيجية الرئيسية، إذ لم تكن قيادة الدولة الاستيطانية، وقبلها حركة الاستيطان، متفقة دائما على التكتيكات، بل كانت متفقة على الرؤية.

في محاولة لاستعادة قوة الردع الإسرائيلي التي أصبحت من الماضي، والهروب إلى الأمام باستثمار هجوم المقاومة الفلسطينية، عاد نتنياهو إلى استراتيجية الاستعمار الاستيطاني بتطهير غزة وتهجير أهلها والقضاء على المقاومة وفي مقدمتها حماس تحت الرعاية الأمريكية الأوروبية، فقد قال: "إننا في حالة حرب ولسنا في حملة عسكرية".

وشرعت قوات الاحتلال بفرض حصار على غزة واستخدم تكتيكات الأرض المحروقة باستهداف المدنيين بطرائق جنونية، وتدمير البنايات السكنية والمدارس والمستشفيات والمساجد، كما قطعت الكهرباء والمياه عن القطاع، بهدف تهحير الفلسطينيين ودفعهم باتجاه سيناء، لكن تلك الحملة الانتقامية الجوية والمدفعية لم تحقق أهدافها، فقد سبق أن استُخدمت في الماضي عبر ست حملات دون جدوى، بل على العكس من ذلك تنامت قوة المقاومة. واليوم بات النقاش حول الحرب بين الدخول في حرب برية شاملة أم محدودة، وهو ما يحول المواجهة إلى حرب مدن تكون فيها الأفضلية للمقاومة، إذ يشكك معظم الخبراء في قدرتها على تحقيق أهدافها، ومن المرجح أن تشتعل وتتوحد ساحات المقاومة وتتسع رقعة المواجهة، فحزب الله مستعد للدخول في الحرب إذا شعر أن وجوده مهدد. وقد خلص عدد من الخبراء إلى أن تفكيك حماس والقضاء عليها تزامنا مع تحرير الرهائن وتقليل الخسائر البشرية مهمة معقدة للغاية وشبه مستحيلة بالنسبة للجيش الاسرائيلي.

خلاصة القول أن الغطرسة الصهيونية بدعم وغطاء أمريكي أوروبي تحاول استعادة قوة الردع، لكن ذلك بات حلما بعيد المنال، فقد قهر الجيش الذي توهم أنه لا يُقهر، ومُني بهزيمة مذلة منكرة لا يمكن أن تُمحى، وذلك منذ الساعات الأولى لعملية "طوفان الأقصى"، ولن تتمكن عملية "السيوف الحديدية" الإسرائيلية من طمس حقيقة الواقع، ولن تفلح الدعاية البلاغية الصهيونية بأن حماس هي داعش بترجمتها إلى تحالف دولي، ولم يُمنح الاحتلال رخصة لإبادة غزة كالموصل والرقة، ومع كل يوم تتنامى حركة الاحتجاجات والمظاهرات المناهضة للاحتلال الصهيوني والمؤيدة للمقاومة الفلسطينية.

إن ما حدث يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر قد هز أركان المشروع الاستعماري الصهيوني ورعاته الإمبرياليين الغربيين، ومهما ارتكبت المستعمرة من إرهاب ومجازر لن تتمكن من تجاوز حقيقة الواقع، فلأول مرة قامت المقاومة الفلسطينية بنقل المعارك إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتمكنت خلال ساعات من السيطرة على مساحات شاسعة دون مقاومة تذكر.. إن عملية "طوفان الأقصى" لن تمحى من الذاكرة.

 

#حماس #المقاومة #القسام #طوفان_الأقصى