رام الله - خاص قدس الإخبارية: كشفت مصادر فلسطينية وأخرى عبرية أن السلطة الفلسطينية تسلمت عبر الأردن مجموعة من المصفحات والأسلحة لدعم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، بموافقة من الحكومة الإسرائيلية.
ووفق المصادر، فإن هذه المعدات تهدف إلى تعزيز قدرات الأجهزة الأمنية الفلسطينية في مواجهة الخلايا المسلحة الفلسطينية التي تتمركز في جنين ومدينة نابلس.
وقالت المصادر إن السلطة أكدت لمختلف الجهات، وذلك عبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ، الذي يروى أن الكثيرون يرونه وارثاً محتملاً للرئيس محمود عباس بعد رحيله. خلال اجتماعات عقدها مع الجانب الأميركي أكثر من مرة، أكدت السلطة أنها غير قادرة على مواجهة تلك الخلايا التي تنتشر بكثافة في جنين ونابلس وطولكرم، والتي تُعتبر المناطق الأكثر سخونة في الضفة الغربية، حيث تجد قوات الاحتلال صعوبة في اقتحامها بدون دعم جوي وبري.
وأشارت المصادر إلى أن الجانب الأميركي فهم مطالب السلطة بهذا الخصوص وعمل على تزويدها بالعتاد اللازم، سواء المصفحات أو الأسلحة الأوتوماتيكية الحديثة المزودة بالليزر لاستخدامها في عمليات الاقتحام والاشتباك مع الخلايا المسلحة، وخاصة في جنين التي تُعتبر المحافظة الأشرس في المواجهة، وتحديداً المخيم الذي يضم مقاتلين ذوي خبرة منذ الانتفاضتين الأولى عام 1987، والثانية عام 2000.
من ناحيته، يقول الكاتب والباحث في الشأن السياسي ساري عرابي إن السلطة الفلسطينية ليست في وارد مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يعني أن هذه المصفحات ستستخدم في سياق تثبيت قوة السلطة الفلسطينية في الإطار الفلسطيني الداخلي.
ويعتقد عرابي في حديثه لـ "شبكة قدس" أن هناك إرادة إقليمية ودولية وحتى إرادة إسرائيلية بدعم السلطة الفلسطينية وتعزيز استمراريتها ووجودها في السياق الفلسطيني، ليس فقط لأسباب أمنية وإنما أيضاً لأسباب سياسية، إذ إن السلطة مهمة في الإطار السياسي للاحتلال أكثر مما هي مهمة في الإطار الأمني.
ويضيف: "ماذا ستفعل "إسرائيل" بالتجمعات الفلسطينية الضخمة هذه التي تركتها قبل ثلاثين عامًا، وبالتالي فلا بد من وجود قوة فلسطينية ملتزمة بتفاهمات أمنية مع الاحتلال الإسرائيلي، وبدور معين متفق عليه مع المنظومة الإقليمية تدير هذه الرعايا، التي هي من جهة خاضعة للاحتلال، ومن جهة أخرى لا يتحمل هذا الاحتلال أي مسؤولية إدارية أو اقتصادية تجاهها، ومن جهة ثالثة وجود حالة هدوء أو وجود سلطة فلسطينية يتحدث معها الاحتلال".
ويشير عرابي إلى أن هناك إرادة إقليمية لاستعادة السلطة الفلسطينية لقوتها ومكانتها، ولكن هذا في السياق الفلسطيني دون وجود أي أفق سياسي، وهو ما يعني أن السلطة الفلسطينية قد تكون أكثر احتكاكًا مع الجماهير الفلسطينية خلال الفترة المقبلة.
ويستكمل: "في أوقات سابقة ربما كانت الجماهير والناس يفهمون سياسات السلطة لأن هذا المشروع كان في بدايته وكان هناك إشارات لأفق سياسي، ولكن اليوم انتهى مشروع أوسلو، وبالتالي هناك إقناعات مطلقة عند كل الفلسطينيين، بما في ذلك قيادة فتح وقيادة السلطة وقيادة منظمة التحرير، بأن حل الدولتين انتهى وبأن هذا السياق السياسي الموجود في السلطة لن ينتهي بتحقيق أي شيء للفلسطينيين".
دعم إقليمي ودولي للسلطة...
من جهته، يقول أحمد رفيق عوض رئيس مركز القدس للدراسات إن جميع الأطراف الإقليمية والدولية تدعم وجود السلطة واستمراريتها وتعمل على عدم تضييق الخناق عليها أو تضعيفها أو إنهائها، لأن السلطة بشكلها الحالي ومضمونها تعتبر بديلًا مقبولًا عن أي خيارات أخرى.
ويضيف عوض لـ "شبكة قدس" أن السلطة الفلسطينية، حتى اللحظة، تقوم بأدوارها على الأقل، ولكنها دخلت في ممارسات أثارت اعتراض الجمهور الفلسطيني، حيث شهدت الآونة الأخيرة الكثير من الجدل والإشكاليات في بعض ممارساتها.
ويركز عوض على أن السلطة تسعى في الفترة الأخيرة إلى استعادة هيبتها أمام الجمهور واستعادة الثقة أمام الممولين وأمام الإقليم، وهو ما يعكس الممارسات التي نالت رفضاً شعبياً وحقوقياً في الضفة.
ووفق عوض، تريد السلطة أن تفرض سيطرتها وهيبتها في كل مناطق الضفة الغربية، خاصة في مناطق "أ"، وإقناع الجمهور الفلسطيني بذلك. إلا أن الإقناع الحقيقي يأتي بكف الاحتلال عن التجاوز على دماء الفلسطينيين.