قلقيلية - خاص قُدس الإخبارية: أصبح المرور عبر الشارع القريب من بلدة عزون شرق قلقيلية، عبئاً نفسياً وأمنياً على المستوطنين وقوات الاحتلال، جراء عمليات المقاومة الشعبية اليومية، التي تتنوع بين رشق الحجارة والزجاجات الحارقة والعبوات محلية الصنع.
رصدت "شبكة قدس" إصابة 25 مستوطناً قرب مدخل البلدة ومحيطها، خلال الشهور الماضية، بفعل عمليات المقاومة الشعبية اليومية، وشملت الإصابات جنديين أصيبا بالعبوات محلية الصنع والحجارة، وبشكل شبه يومي تتداول المواقع الإسرائيلية صوراً لمركبات مستوطنين بعد تحطيمها بالحجارة في محيط عزون.
أقام الاحتلال الشارع الاستيطاني رقم "55"، حسب تسميته، قرب البلدة وتحول مع السنوات إلى هدف دائم، لنشطاء البلدة، التي يبلغ عدد سكانها نحو 12 ألفا، وتتعرض لعقوبات جماعية دائمة، بين إقامة بوابات عسكرية على مداخلها مدعومة بأبراج مراقبة، وانتشار مكثف طوال اليوم لقوات الاحتلال في محيطها، بالإضافة لإقامة حزام مستوطنات على أراضيها وحولها، وهي: "كرني شمرون"، و"ألفي منشيه"، و"معاليه شمرون"، و"جينات شمرون"، "تصوفيم".
قدمت البلدة في تاريخها النضالي عشرات الشهداء ومئات الأسرى، ومنذ عام 2009 ارتقى خمسة من أبناء البلدة، بينهم أربعة في المواجهات وعمليات رشق الحجارة والزجاجات الحارقة، ويحتجز الاحتلال نحو 80 شاباً من عزون، في سجونه، 3 منهم يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد، وما بين 2008 حتى صفقة "وفاء الأحرار" كان الاحتلال يحتجز في سجونه من أبناء البلدة نحو 180 شاباً.
الاستيطان، والحواجز الدائمة، وعمليات التنكيل، والاعتقالات وقتل الشبان، كلها عوامل دفعت البلدة إلى ترتيب متقدم بين نقاط المواجهة الدائمة، في الضفة المحتلة، ولم تحقق للأجهزة الأمنية والعسكرية في دولة الاحتلال هدف "تحييد" الأهالي، عن المقاومة، في البلدة دائمة الذكر في سجلات المقاومة الفلسطينية، منذ عهد الاحتلال البريطاني.
وفي المرحلة الحالية من المقاومة، كان لعزون مشاركتها الفاعلة في المواجهة اليومية مع قوات الاحتلال والمستوطنين، ولبت البلدة نداءات مجموعات "عرين الأسود"، عبر بلاغاتها العسكرية، طوال شهور، وكان الشبان يندفعون بعد بيان إلى إغلاق المداخل وإشعال الإطارات واستهداف قوات الاحتلال والمستوطنين، على شارع "55" الاستيطاني، بالزجاجات الحارقة والحجارة والعبوات محلية الصنع، وبعد كل جريمة ارتكبتها ميلشيات المستوطنين في ترمسعيا، وحوارة، وأم صفا وغيرها كان الرد لا يتأخر من البلد، وعلى بند المواجهات اليومية في كل حرب عدوانية على قطاع غزة، يحضر اسم عزون.
يقول أحد نشطاء عزون لـ"قدس": المواجهة الشعبية لا تنتهي بيوم أو يومين، وإذا مرت ثلاثة أو أربعة أيام هادئة بدون إلقاء حجارة فمخابرات الاحتلال تلقائياً تشعر بشيء غريب وغير مألوف، الاقتحامات والاجتياحات المتكررة لجنين ومخيمها ولنابلس يولّد حالة نضالية وثورية، ويزيد من اشتعال المواجهات.
ويشير إلى أن استشهاد مجموعة من الشبان، في السنوات الماضية، بينهم يحيى عدوان، ومحمد نضال سليم، وعائد سليم خلال مواجهات في البلدة، خلال العامين الماضيين، بالإضافة للشرطي طارق بدوان خلال اقتحام الاحتلال لجنين، عام 2020، زاد من دافعية النشطاء في عزون نحو مقاومين الاحتلال.
القرار في عزون هو "منع المستوطنين من دخولها"، يؤكد أهالي البلدة، ويشيرون إلى أن تحطيم مركباتهم هو جزء من القرار التنفيذي، ويشيرون إلى حادثة قبل أسابيع وهي هروب مستوطن إلى بستان زيتون، في البلدة، بعد تحطيم مركبته، وإخراجه لاحقاً من قبل قوة كبيرة من جيش الاحتلال هرعت إلى المنطقة.
"الجيل الجديد الذي يواجه الاحتلال بالحجارة والزجاجات الحارقة في عزون تترواح أعماره بين 15 إلى 25 سنة"، يقول النشطاء، وأحد مميزات هذا الجيل هي "الجرأة" إذ قرر توسيع نطاق المواجهة الشعبية، فنقل عمليات رشق الحجارة والزجاجات الحارقة من مدخل البلد ومحيطها إلى مناطق أبعد وقرى مجاورة، وتنوعت وسائلهم بين الكمائن والمواجهة المباشرة.
القنابل المصنعة محليا "الأكواع" أحد أبرز هذه الوسائل، ويشير النشطاء إلى "التطور" الذي تحقق عليها وظهرت نتائجه، في المواجهات الأخيرة مع جيش الاحتلال، وأدت لإصابة جندي، بعد استهداف قوة من المشاة كانت تنتشر في محيط البلدة.
"جيل يورث الجيل اللاحق المقاومة"، يختصر نشطاء عزون تاريخ بلدتهم، ويؤكدون أن "الحالة النضالية لن تنته مهما اشتدت مضايقات الاحتلال وأساليبه".