رام الله - خاص قدس الإخبارية: تشكل العبوات الناسفة في الضفة الغربية المحتلة بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي خطرًا حقيقيًا متصاعدًا في ضوء تصاعد استخدامها من قبل المقاومة الفلسطينية في أكثر من منطقة ومحور والتي تعتمد بالأساس على الصناعات المحلية.
ويتهم الاحتلال الإسرائيلي المقاومة في غزة بالوقوف وراء الصناعات المحلية التي تجري في الضفة الغربية من خلال الدعم المقدم للمجموعات والخلايا المسلحة وعمليات التعليم والتوجيه التي تتم لتطوير هذه العبوات لتصبح ذات فعالية أكبر.
وفي هذه الأثناء، حذّر ضباط النخبة في الجيش الإسرائيلي، اليوم الأحد 3 سبتمبر 2023، من خطر انتشار العبوات المتفجرة بالضفة المحتلة، ونقص المعلومات الاستخبارية.
ونقل موقع والا العبري عن هؤلاء قولهم: "إن "العمليات بالضفة أصبحت تشكل خطرًا كبيرًا على القوات، الجميع يعلم إلى أين يتجه هذا الأمر"، وأضافوا، "نقص المركبات المدرعة كان محسوسًا بشكل كبير مؤخرًا، بالإضافة إلى ذلك، هناك نقص في جودة المعلومات الاستخبارية قبل البدء في أي عملية."
وأوضحوا أن "الجيش الإسرائيلي لا يفتقر إلى المركبات المدرعة فحسب، بل إن مستوى توفرها الفني آخذ في الانخفاض أيضًا، ولهذا السبب يتم تنفيذ عدد غير قليل من الاعتقالات في الضفة المحتلة سيرًا على الأقدام وليس في سيارات الجيب المدرعة."
وأكد ضباط الجيش الإسرائيلي أنهم أبلغوا قيادتهم أن سيارات الجيب المدرعة التابعة للجيش غير قادرة على التعامل مع المتفجرات، وأن هذا يشكل تهديدًا حقيقيًا للقوات التي تدخل في العمليات كل ليلة في الضفة الغربية.
وقبل أيام، أصيب أربعة جنود في جيش الاحتلال، بينهم قائد فصيلة، بجروح مختلفة، بعد استهدافهم بعبوات ناسفة قوية، أثناء اقتحامهم لقبر يوسف في ضواحي نابلس.
في الأثناء، يقول الكاتب والباحث في الشأن السياسي ساري عرابي إنه وبالنظر إلى الظروف شبه المستحيلة بالنسبة للمقاومة في الضفة الغربية من حيث الإطباق الأمني للاحتلال على الضفة المحتلة، والعوامل الهائلة التي تناوئ قضية المقاومة في الضفة الغربية فإن أي عمل مقاوم في الضفة المحتلة ينجح هو اختراق وإنجاز، بما في ذلك العبوات الناسفة.
ويضيف عرابي لـ "شبكة قدس" إنه ومع تطور العبوات الناسفة وانتشار هذا النمط من العمل المقاوم واستمرار أعمال المقاومة الأخرى وليس فقط العبوات الناسفة ولا سيما عمليات إطلاق النار في أماكن متعددة داخل الضفة المحتلة، فإن هذا ينم على أنه المحاولات للقيام بعمل مقاوم في الضفة المحتلة واسعة سواء على المستوى التنظيمي أو على مستوى إرادة الشبان الفلسطينيين للقيام بعمل مقاوم.
ويردف بالقول: "من غير الممكن أن يجري تجاوز القدرات الأمنية الهائلة المطبقة على الضفة المحتلة للاحتلال ولغير الاحتلال من القوى المناوئة لفكرة المقاومة في الضفة الغربية، فإن حصول نجاحات متعددة وواسعة ومستمرة من هذه القدرات والتحديات الأمنية الهائلة يعني أن المحاولات لاستئناف العمل المقاوم وتوسيع العمل المقاوم هي محاولات كثيرة وواسعة."
ويشير عرابي إلى أن النجاحات تولد وتغري بتكرار التجربة وبمحاكاة التجربة وهذا أهم شيء يحصل في الضفة المحتلة منذ سنوات كونه يولد الرغبة بمحاكاة هذا العمل المقاوم، فالشهيد يلهم آخرين لتنفيذ عمل مقاوم آخر وهذا أكثر ما يخشاه الاحتلال الإسرائيلي.
ويلفت إلى أن هناك قلق أمني من هذا العمل كونه يمكن أن يفضي إلى إصابات في صفوف جنود الاحتلال، فضلًا عن أنها تصعب عمليات الاقتحام، ومرور الدوريات الاسرائيلية في المناطق المختلفة والمتعددة، بمعنى يزيد من حذر القوات الإسرائيلية ويصعب من عملها في المناطق.
ويؤكد على أن انتشار العبوات من شأنه أن يصعب من كلفة الحضور الأمني داخل الضفة المحتلة على المستوى المادي والاقتصادي وعلى مستوى ضخ قوات للاحتلال داخل الضفة في ظل تحديات متعددة في أماكن متعددة، على اعتبار أن دخول الضفة على خط المقاومة بهذا الشكل من شأنه أن يساهم في تشتيت الجهد الأمني والعسكري للاحتلال الإسرائيلي، ويهيئها أن تكون أكثر حضورًا في أي مواجهة ذات طبيعة شاملة مع الاحتلال الاسرائيلي سواء من داخل قطاع غزة أو من قوى إقليمية أخرى.
الرؤية الإسرائيلية: كيف ينظر الاحتلال للعبوات الناسفة
من جانبه، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات إن الاحتلال الإسرائيلي ينظر بخطورة إلى انتشار العبوات الناسفة في أكثر من مدينة ومنطقة بالضفة المحتلة كونها أصبحت مقلقة لقوات الاحتلال وهناك تأثير ملموس لها على الأرض.
ويضيف بشارات لـ "شبكة قدس" إن ما حصل في جنين خلال فترة الاجتياح الأخير للمدينة وضع جيش الاحتلال أمام تحدٍ حساس بالنسبة لهم وبات الأمر له أبعاد خطيرة على اعتبار أن هذه العبوات بدائية بعض الشيء مقارنة بعبوات غزة وإيران شديدة الخطورة.
ويرى أن تطور العبوات الناسفة في الضفة المحتلة من شأنه أن يؤثر على شكل الاجتياحات واقتحامات المدن والقرى الفلسطينية هناك، وهو ما يجعل الاحتلال ينظر لها من اتجاهين الأول يتعلق بالنتائج والخسائر البشرية من إصابات وقتلى، والاتجاه الثاني من إمكانية استخدامها في عمليات داخل الأراضي المحتلة عام 1948 كما حصل خلال فترة الانتفاضة الثانية وعودة تفجيرات الباصات والأسواق وتجمعات المستوطنين.
ويلفت بشارات إلى أن السيناريو الأصعب بالنسبة للمنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية يتمثل في تطور هذه العبوات لتصبح أكثر احترافية وأكثر انتشارًا في مدن الضفة، وهو ما يتضح من حجم التلويح بعودة الاغتيالات ضمن التصريحات التي أطلقها نتنياهو.
نظرة عسكرية: ما الذي يعنيه انتشار هذه العبوات؟
من جهته، يرى المختص في الشأن العسكري اللواء واصف عريقات أن انتشار هذه العبوات يعني وجود قرار من المقاومين الفلسطينيين بالصمود والتحدي في ظل ضعف الإمكانيات العسكرية في ضوء تعرضهم للملاحقة اليومية في ضوء الاقتحامات.
ويقول عريقات لـ "شبكة قدس" إن هذه العبوات بمثابة رسالة للإسرائيليين بالمواجهة ضدهم وفقًا للإمكانيات المتاحة من خلال صناعة العبوات ضمن المواد المتاحة التي تضمن صناعتها محليًا.
ويشير إلى أن المعركة بين الفلسطينيين والاحتلال معركة إرادة وعقول وأدمغة، فالفلسطينيين من حقهم استخدام كل الأدوات المتاحة والحصول على إمكانيات الدافع في ضوء العدوان الإسرائيلي المتكرر والمتصاعد.
ويلفت عريقات إلى أن الفلسطيني لا يعدم إمكانيات التطور سواء في الأداء العسكري أو الإمكانيات المتاحة وتاريخيًا فإن المقاومة الفلسطينية طورت من أدواتها ووسائلها العسكرية المتاحة سواء كانت أسلحة رشاشة أو عبوات ناسفة أو غيرها من الأدوات.
ويؤكد على أن استخدام العبوات الناسفة ليس بالسهل سواء من التصنيع أو حتى النقل وزراعتها مرورًا بمرحلة التفجير في الاحتلال =، وهي عملية صعبة تحتاج إلى عقل وتخطيط ومعرفة مسبقة بخطط وتكتيكيات الاحتلال.