القدس المحتلة - قدس الإخبارية: خلال أغسطس\آب 2023، صادقت حكومة الاحتلال على الخطة الخمسية الثانية تحت عنوان "تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية في القدس الشرقية" بقيمة تصل إلى 3.2 مليار شاقل، بزعم "تطوير شرق القدس للأعوام 2024-2028".
ليست المرة الأولى التي يصادق فيها الاحتلال على مخططات استيطانية وتهويدية في مدينة القدس، لكن الميزانية الضخمة والمشاريع المطروحة التي رصدها الاحتلال في الخطة الخمسية الثانية تعتبر الأعلى والأضخم في استهداف المدينة.
ماذا تعني الخطة؟
المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول إن الخطة الخمسية هي غطاء لمشاريع الاستيطان والتهويد بمسميات جديدة وتطويرية وذلك لتقليل اعتراض المجتمع الدولي عليها.
ويرى أبو دياب في حديثه لـ "شبكة قدس"، أن الخطة ستلتهم وتصادر الكثير من أراضي القدس وتهيؤها وتحسن بنيتها التحتية وتشق الطرق، لتهيئة الطريق أمام مشاريع الاستيطان وتنقل المستوطنين بشكل كبير.
كما أنها تسعى، وفق أبو دياب، إلى ترسيخ تبعية الاقتصاد المقدسي للإسرائيلي، وافقاد المقدسيين الاستقلالية في اقتصادهم من جهة، ومن جهة أخرى تستهدف التعليم بشكلٍ أساسي، واستبدال المنهاج الفلسطيني بآخر إسرائيلي.
ويضيف أبو دياب: تسعى الخطة إلى تذويب الشخصية المقدسية، وتغيير ملامح المدينة المقدسة، وتقليل الفوارق وتهويدها، ولو كان الاحتلال صادقًا بأن الخطة ستبي وحدات سكنية للمقدسيين، لألغى أوامر الهدم بحق المنازل المقدسية.
ووفقًا لقرار حكومة الاحتلال فإن الخطة الخمسية تشمل "استثمارات" في قطاعات مختلفة منها: التربية والتعليم بقيمة 800 مليون شاقل وظيفته الأبرز أسرلة وتهويد المناهج التعليمية، وقطاع التوظيف في التنمية الاقتصادية بقيمة 506 ملايين شاقل "لدمج الفلسطينيين في سوق العمل الإسرائيلي"، وقطاع البنية التحتية بقيمة 833 مليون شاقل "للدمج العمراني" بين شرقي وغربي المدينة بما يعزز الزحف الاستيطاني.
وقطاع "التخطيط القانوني وتصميم المباني العامة" بقيمة 132 مليون شاقل لاستكمال سرقة ونهب الأراضي وتسجيلها كأملاك غائبين أو بأسماء ملاك يهود مزعومين، وجمعيات استيطانية، وقطاع خدمات المقيمين بقيمة 900 مليون شاقل لتوسيع السيطرة المجتمعية على المقدسيين إلى جانب السيطرة الأمنية بزيادة عدد أفراد القوات، ومفتشي البلدية وإضافة كاميرات مراقبة وإنشاء مراكز أخرى لقوات الاحتلال.
لماذا أقر الاحتلال الخطة الخمسية؟
بحسب رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي فإن الاحتلال وصل لـ "مرحلة من اليأس وصعوبة الموقف نتيجة عدم حسم الصراع في مدينة القدس، الي تمثل أيقونة السيادة والسيطرة، ولا سيادة لدولة الاحتلال ما لم يسيطر عليها كاملة، وبالتحديد المسجد الأقصى المبارك"
ويضيف الهدمي، في حديثه لـ "شبكة قدس"، أن الاحتلال يقدم مدينة القدس على أنها العاصمة الأبدية والموحدة له، ولكن أي زائر للمدينة يستطيع أن يرى كذب هذا الادعاء، حيث يتجلى الفرق بين القسم الشرقي والغربي من المدينة من ناحية البنية التحتية والصورة الحضرية والعمرانية."
ويتابع: "الأمر الآخر أن الاحتلال وجد ندًا له في المسجد الأقصى وباب العامود وحي سلوان وغيرها من الأماكن المقدسية، وقد فقد السيطرة على هذه الأماكن أكثر من مرة."
ويوضح الهدمي أن الاحتلال فشل أيضًا في تغيير الميزان الديموغرافي المدينة المقدسة، كان من المفترض وفق خططه السابقة أن تصل نسبة المقدسيين هذه الأيام إلى 13٪، لكنها اليوم 40٪.
ويؤكد على أن الاحتلال يهدف من خلال الخطة الخمسية تهويد القدس بالكامل، وجعلها موحدة بطابع إسرائيلي، ويغرقها بالمستوطنين ويحيّد الفلسطينيين عن مجرى الأحداث.
أين تكمن الخطورة؟
من وجهة نظر الباحث في الشأن المقدسي عبدالله معروف، فإن خطورة الخطة الخمسية تكمن في "محاولة تدجين المجتمع المقدسي وتأطيره ضمن إطار السلطة الإسرائيلية وجعل سلطة الاحتلال المرجعية الوحيدة القائمة للمجتمع الفلسطيني."
ويضيف معروف لـ "شبكة قدس" إن الخطة لا تعترف بالمقدسيين في المدينة، وتحاول أن تربط المجتمع الفلسطيني في مدينة القدس بغرب المدينة بشكل أكبر، بحيث تمحو أي إمكانية للمقدسيين في المستقبل لتخلص بالتبعية من الاحتلال الإسرائيلي في النواحي التعليمية والاجتماعية والاقتصادية.
ويصف معروف الخطة بـ "الجزرة" التي يحاول الاحتلال من خلالها تحييد وتدجين الشعب الفلسطيني بالداخل عبر ربطه بالكامل بالاحتلال، وبما يساهم من وجهة نظر الاحتلال في منع أي اصطدام بالمجتمع الفلسطيني لمنع فقدان أي مقومات الحياة التي تعتمد على الاحتلال الإسرائيلي حسب الخطة.