رام الله - خاص قدس الإخبارية: منذ بداية العام الحالي، سجلت عمليات المقاومة الفلسطينية في الضفة المحتلة والداخل المحتل مقتل 32 مستوطنًا وجنديًا إسرائيليًا، وامتدت العمليات من شمال الضفة حتى جنوبها، ومدن الداخل المحتل، في أعلى إحصائية منذ عام 2001.
آخر هذه العمليات، هي عملية إطلاق النار في الخليل صباح الاثنين 21 أغسطس\آب 2023، والتي أسفرت عن مقتل مستوطنة، وتحدث الاحتلال عن أن منفذ العملية أطلق 25 رصاصةً، أصابت 23 منها سيارة المستوطنة.
اليوم، ومن مكان عملية الخليل الأخيرة، قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إن هذه العمليات يتم تشجيعها وتمويلها من قبل إيران وأذرعها، وأن قسمًا كبيرًا من العمليات الفلسطينية هي "نتيجة توجيه خارجي على حد قوله"، مع توعده بالوصول إلى المنفذين وداعميهم.
توجيه الاتهامات لإيران، والتحذير من هجوم إيراني محتمل ليسَ أمرًا جديدًا على الاحتلال، لكن الاتهامات الأخيرة من مكان عملية الخليل، أثارت استغرابًا من حدتها ووضوحها، وربطها مباشرة بعملية فلسطينية، ويطرح تساؤلًا حول ماذا يريد نتنياهو من توجيه الاتهام لإيران حول عمليات الضفة المحتلة؟
اتساع رقعة العمليات
لمواجهة تصعيد المقاومة في الضفة، سخر الاحتلال الإسرائيلي طاقته وجنود الاحتياط ودفع بوحدات إضافية في الضفة المحتلة، ومارس أساليب العقاب الجماعي ومحاصرة المدن وإغلاقها، وارتكاب المجازر وقتل الفلسطينيين، وأعطى لجنوده الأوامر بإطلاق النار على كل مشتبه.
وعلى عكس توقعات الاحتلال، امتدت المقاومة الفلسطينية من شمال الضفة المحتلة ومدينتي جنين ونابلس التي شهدت عملية حوارة ومقتل مستوطنين اثنين يوم السبت 19 أغسطس\آب 2023 إلى طولكرم وطوباس، مرورًا إلى جنوبها في مدينتي وبيت لحم والخليل، وقد شهدت الأخيرة عملية إطلاق نار أسفرت عن مقتل مستوطنة.
حول ذلك، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي جمعة التايه إن هذه العمليات مستمرة إلى فترة بعيدة، منذ معركة سيف القدس، أي ما يقارب سنتين ونصف، استخدم خلالها نتنياهو وقبله من لابيد ونفتالي بينيت رؤساء الحكومة السابقين، كل الأدوات الممكنة من قتل وحصار لإنهاء هذه الظاهرة في الضفة المحتلة ولكنها تمددت.
ويوضح التايه في حديثه لـ "شبكة قدس" أن الصحفيين الإسرائيليين وجهوا انتقادات لنتنياهو عندما اتهم إيران بالوقوف خلف العمليات، وينقل التايه قولهم: "نحن في فلسطين، ونقاتل المقاومين، ولا دخل لإيران في الأمر، وأن هذا الموضوع هروب من الأزمات الداخلية ومن استحقاقات جيش الاحتلال.
ويستدرك التايه قوله إن الاحتلال يعتبر إيران خطرًا استراتيجيًا يهدد وجوده، مستدلًا على ما أفضى إليه التقرير الأمني الصادر من هرتسيليا عن خبراء لدى الاحتلال بأن إيران هي الخطر الأول تليها حزب الله ومن ثم المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركتا حماس والجهاد الإسلامي.
التلويح بضربة قريبة
في حديثه لـ "شبكة قدس"، يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات إن "الاتهامات الموجهة لإيران ليست جديدًا، ودائمًا ما اتهمت حكومة الاحتلال حزب الله وإيران بدعمهم جنين، لكن هذه الاتهامات الأعلى تصعيدًا ووضوحًا بتنفيذ إيران للعمليات ودعمها تطور الأوضاع الأمنية في الضفة المحتلة."
ويضيف بشارات أن اتهام إيران يعبر عن فشل نتنياهو في التقليل من حالة المقاومة أو منع اتساعها، كما يعني تضخيم الحدث إعلاميًا الاستعداد لحدث قادم في الضفة المحتلة أو قطاع غزة أو في الساعة الخارجية.
ويرى بشارات أن نتنياهو يريد بتصريحاته الدفع نحو زيادة الضغط في الضفة المحتلة وتنفيذ عمليات عسكرية واغتيالات فيها، والتركيز على محاولة تنفيذ نشاطات أمنية في الخارج وخاصة ضد القيادي في حماس صالح العاروري وقيادات ميدانية أخرى.
ويشير بشارات إلى اتهامات مباشرة لغزة التي تصفها إسرائيل بأنها "ذراع إيران" تمول وتوجه العمل المقاوم في الضفة المحتلة، وهناك اتهامات لحماس بتهريب السلاح وإشعال الضفة.
ويرجح بشارات إلى ما توحيه التصريحات من الاستعداد لحدث أمني قادم في غزة أو في الخارج، مع رجوح كفة ساحة غزة لأنها الساحة الأكثر قدرة على التحكم فيها من الساحة الخارجية.