الضفة المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: يستعد حراك المعلمين لإطلاق إضراب مع اليوم الأول للدوام، في العام الدراسي الجديد، الذي ينطلق غداً، وهو ما يعني تجديداً لأزمة تعددت مراحلها، طوال العامين الماضيين، دون الوصول إلى حل نهائي.
الحراك اتهم في بيان أصدره، الأسبوع الماضي، الحكومة بأنها "أدارت الظهر لمطالبه ولم تنفذ الاتفاقيات"، وقال: "لن نفتتح العام الدراسي الجديد إلا بتحقيق كل المطالب، والإضراب يشمل التوجيهي ولن نُعطي حصة واحدة".
وأعلن الحراك عن اعتصام مركزي أمام مجلس الوزراء، في رام الله، يوم الإثنين المقبل، ودعا كل الجهات المهتمة والفعاليات الشعبية وأولياء الأمور للمشاركة فيه "للضغط على الحكومة للاستجابة لمطالب المعلمين"، كما جاء في البيان.
وأكد الناشط في الحراك، المعلم يوسف اجحا، أن "الحكومة لم تنفذ أياً من المطالب التي اتفق على تنفيذها خلال هذه الفترة منذ انتهاء الإضراب الماضي بعد تدخل عدد من الوسطاء"، وأشار إلى أن المطالب تتعلق بالجانب النقابي الذي يتمحور حول اتحاد المعلمين والانتخابات فيه، والجانب المالي، وفي الجانب القانوني بما يتعلق بما يعرف بــ"مهننة التعليم" وحماية المعلمين.
واعتبر أن الدخول في الإضراب مباشرة منذ بداية العام الدراسي، والإعلان عن فعالية مركزية أمام مقر مجلس الوزراء، يتجاوز الخطوات التدريجية السابقة بهدف "منع استمرار النزيف وإطالة الأزمة التي تدخل في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل عامها الثاني"، في إشارة إلى صرف رواتب الموظفين بنسب غير كاملة، جراء "الأزمة المالية" كما تقول الحكومة.
وأضاف: المطالب التي نطالب بها هي من حقوق المعلمين، ضمن القانون الأساسي، ونتمنى من الموظفين والقطاعات العامة والإعلامية للوقوف والمشاركة بفعالية في فعاليات المعلمين.
ويرى اجحا في لقاء مع "شبكة قدس"، أن الحكومة تتجه نحو "خصخصة التعليم" بعد أن أصبح "على غير سلم أولوياتها"، حسب وصفه، وأوضح: كل مكونات العملية التعليمية تتعرض لتهديد وليست من الأولويات، ويبدو أنهم يتجهون نحو "الخصخصة"، أي دفع القادرين مالياً نحو التوجه إلى المدارس الخاصة.
وأشار إلى بيان القوى الوطنية في القدس المحتلة، الصادر اليوم، الذي تحدث عن استقالات كبيرة للمعلمين في المدينة والمحافظة، في ظل عدم الاهتمام بظروف المعلمين أو السعي لتحسين ظروفهم الاقتصادية، في ظل الهجمة الإسرائيلية الواسعة على التعليم الوطني هناك، وقال: هذا والكل ينظَر حول ضرورة الاهتمام بالقدس والتعليم فيها وبالنسبة لنا كشعب فلسطيني فوزارة التربية والتعليم هي "وزارة الدفاع" الوحيدة التي تمنح المجتمع الأدوات في مواجهة الاحتلال.
وتعليقاً على تصريحات رئيس الحكومة حول أن "الجميع دفع ثمن هذه الأزمة"، أضاف: للأسف هذا غير دقيق لأن المعلمين يعاملون على أنهم الأقل راتباً بين الموظفين، نحن نتحدث عن شريحة واسعة، في الضفة أكثر من 45 ألف معلم، لذلك فهؤلاء يعانون مع عائلاتهم من أزمة كبيرة، ولا يوجد أفق لنهايتها ولا حتى جدولة لسداد المستحقات، وبعد المساس بلقمة العيش لا يوجد ما يخاف الإنسان عليه، رغم كل التهديدات والإجراءات في مراحل سابقة ضد زملاء لنا، كما حصل بعد إضراب 2016 من خلال إحالة عدد من الزملاء للتقاعد، بالإضافة لنقل آخرين والخصومات من الرواتب، وباقي العقوبات التي تعرضنا لها خلال نشاطنا النضالي لتحقيق حقوقنا.
وحول دور الوسطاء خلال هذه الفترة في حل الأزمة، قال: للأسف لم تجر محاولات جدية لحل الملفات كاملة، وعدم الوصول إلى حالة العودة للإضراب، فقط صرفت علاوة 5% على الراتب منذ شهر آذار/ مارس الماضي وفي الأساس كان الاتفاق السابق أن تصرف من بداية العام، ثم جرى الاتفاق على صرفها عن شهري كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير أيضاً، ولم يتحقق هذا البند ولم تلتزم الحكومة بالاتفاق على بذل جهود جدية لصرف الرواتب كاملة انطلاقاً من شهر حزيران/ يونيو الماضي، بالإضافة لصرف علاوة تسمى "اتحاد" وتحول إلى "علاوة طبيعة العمل"، وفي الشق النقابي لم يتلزموا بالبنود المتعلقة بما يتعلق بالاتحاد، ولم يعلنوا عن جدول زمني واضح لإجراء انتخابات تضمن تمثيل المعلمين، لذلك الدور لم يكن إيجابياً واتخذوا خطوات استفزازية، وحتى أسلوب التعويض، خلال الإجازة، كان واضحاً أنه لم يكن لخدمة النطاق التعليمي بل عقاب للمعلمين.
ورداً على تساؤلات في الشارع حول طول مدة الإضراب و"الاستنزاف"، اعتبر اجحا أن الحكومة سعت لــ"شيطنة الإضراب وتشويه الحراك"، وقال: في آخر تصريحات لرئيس الحكومة قال إنها تعمل لتلبية كل احتياجات المعلمين، لإيهام المواطن العادي أن الحكومة حققت مطالب المعلمين، كنت أتمنى أن يوضح للناس ماذا حققت للمعلمين، غلاء المعيشة مقتطع لكل الموظفين منذ سنوات، وهذا موجود في القانون، وعمليا تآكل راتب الموظفين طوال هذه السنوات بسبب الغلاء، والعلاوات لم تصرف إلا 5% ولم تلتزم بالاتفاق بصرفها بأثر رجعي، وقيمتها تقريباً 70 شاقل، ولا يوجد جدول لصرف المستحقات أو أفق لنهاية الأزمة.
وتابع: صرف 85% من الرواتب هذا الشهر يزيد من أعباء الناس، في هذه الأسابيع تزيد المطالب المعيشية بفعل اقتراب العام الدراسي وانطلاق الدراسة في الجامعات، وهذا كله سيعزز الالتفاف حول الحراك.
وأشار إلى أن الحاجة والأزمة المعيشية القاسية التي يعيشها المعلمون مع بقية الفئات أجبرت نسبة منهم على التوجه للعمل في قطاعات مختلفة، بينها الداخل المحتل، وأكد أن من يتحمل المسؤولية هي "سياسات الحكومة"، حسب وصفه، وقال: إذا بقي الحال على هذه الظروف لن يبقى كادر في وزارة التربية والتعليم، في الزمن الجميل كان المعلم يملك قيمة عالية، وكنا نتباهى بهذه المهنة، الآن أصبحت مهنة التعليم لا تكفي لتحقيق لقمة العيش.