جنين - قُدس الإخبارية: حملت الساعات الماضية تحريضاً واسعاً من جانب قادة المستوطنين ووزراء في حكومة الاحتلال وصحفيين إسرائيليين، على شن حملة عسكرية واسعة ضد جنين ومخيمها، بعد الخسائر الفادحة التي تلقتها القوات يوم أمس، بعد وقوعها في كمين عبوات.
المحلل في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشع، قال إن الصور التي خرجت من جنين، يوم أمس، لبقايا المركبات العسكرية التي تضررت بفعل العبوات الناسفة "سيئة جداً للردع"، واعتبر أن المستقبل بالنسبة لدولة الاحتلال في هذه المنطقة "لا يبشر بالخير".
ويرى المحلل الإسرائيلي أن تصاعد المقاومة في شمال الضفة المحتلة هدفه ردع قوات الاحتلال عن الدخول إليها، بهدف تحقيق "حرية العمل على تعاظم القوة" كما حصل في قطاع غزة، حسب وصفه.
من جانبه، حرض رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة المحتلة، يوسي داغان، جيش الاحتلال على شن ما أسماها "عملية السور الواقي 2"، وقال: "ابدأوا العملية الآن، ولا تنتظروا أن يكون هناك المزيد من الدماء".
وفي سياق متصل، قالت نائبة وزير المالية في حكومة الاحتلال ميخال ميريام فولديغير، إن "إسرائيل" بحاجة إلى "عملية كبيرة تعيد الهدوء والردع إلى جنين"، حسب زعمها.
وأكدت قناة "كان" العبرية، أن المؤسسة الأمنية والعسكرية في دولة الاحتلال ترى أن هدف المقاومة، في شمال الضفة المحتلة، هو ردع "إسرائيل" عن العمل فيها، حسب فيها، بهدف تحويلها إلى ما يشبه "غزة ولبنان".
ومنذ انتفاضة الأقصى، ترى المؤسسة الأمنية في دولة الاحتلال أن الخلاصة المهمة من الأحداث هو "عدم القبول" بواقع عدم العمل في عمق الضفة المحتلة، والوصول إلى واقع ما حصل خلال الانتفاضة، التي وجهت المقاومة خلالها ضربات نوعية للعمق الإسرائيلي.
وفي المقابلات الأخيرة مع رئيس أركان جيش الاحتلال السابق، أفيف كوخافي، ركز على أن الهدف الذي رسمته دولة الاحتلال منذ عملية "السور الواقي" التي نفذتها في الضفة المحتلة، في نيسان/ إبريل 2002، هو بناء منظومة عمل عسكري دائمة تمنع الفلسطينيين من مراكمة بناء تنظيمي وميداني مقاوم، يزعزع المشاريع الاستيطانية في المنطقة.
ويأتي الحراك الثوري الحالي، في شمال الضفة المحتلة، الذي تخشى دولة الاحتلال امتداده إلى مناطق أخرى في الوسط والجنوب زعزعة لاستقرار النموذج العسكري الذي عملت المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية على تثبيته وهو "حرية العمل" في قلب الضفة، دون أي مواجهة أو مقاومة.
شمال الضفة وعلى رأسه جنين الذي تعرض لحملات عسكرية واسعة، طوال السنوات الماضية، واعتقد الاحتلال أن يستطيع إدارة الوضع الميداني فيه على نسق "الهدوء والاستقرار"، تبخر في شهور بعد صعود مجموعات للمقاومة، أعادت عهد الاشتباك، بعد سنوات من ظهور خلايا في المحافظة حاولت محو الزمن الذي حاول الاحتلال تثبيته في الوعي.
الكمائن القاسية التي تعرضت لها قوات الاحتلال خلال عدوانها في جنين، يوم أمس، وطريقة التفجير والتصوير أشعلت "جرس الإنذار" لدى المستويات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، من بناء نموذج فلسطيني يجعل الاقتحامات فرصة لإيقاع خسائر فادحة بين جنود الاحتلال، مما يؤثر على "حرية العمل العسكري" في عمق الضفة المحتلة، خاصة في شمالها.
العمليات الأخيرة في منطقة جنين جاءت بعد حملة نفسية وإعلامية خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي حول "تراجع المقاومة"، في شمال الضفة المحتلة، بعد حملة الاغتيالات والاعتقالات الواسعة ومخططات تحييد مجموعات المقاومة.
مثلت مرحلة المقاومة الحالية في الضفة دفعاً نفسياً عالي المستوى للشعب الفلسطيني، خاصة في الضفة، نحو استعادة المبادرة وتوسيع العمل المقاوم على مستويات أبعد من المعتاد، في السنوات الماضية، بعد انتفاضة الأقصى.