لم تكن فكرة إنشاء الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة إلا نتيجة واستحقاق طبيعي لمستلزمات ومتطلبات بناء القوة ضمن مسار ومنهجية إدارة الصراع مع الاحتلال وامتلاك أدوات القوة ومراكمتها ضمن استراتيجية ومنهج التحرير، أن بقاء قوى المقاومة في مربع الممارسة الفردية والحزبية وهي تواجه الاحتلال أنتج على مدار العقود الفائتة إهدار مساحة كبيرة من الجهد والإمكانيات فضلا عما حققه الاحتلال من قدرة على السيطرة والاستفراد بقوى المقاومة وبالتالي إفشال كثير من الأهداف للعمل المقاوم.
ولأن عدونا يملك من القدرة والامكانيات والدعم الكثير فاني مجابهته والوقوف في وجهه تستدعي امتلاك مقومات أساسية تجابه ولو نسبيا ما يمتلكه من قدرات، ولذا كان لا بد على قوى المقاومة أن تبدأ بأهم جانبا يحاربه الاحتلال ويمثل عصب رئيس للمقاومة يبنى عليه ما تبقى من استحقاقات النصر والإعداد له وهو وحدة الحال والموقف والرؤية في إدارة الصراع.
ان ترشيد العمل المقاوم وتبادل الخبرات والأدوار وتوزيع المهام وتحديد الأهداف وفق الرؤية السياسية للمرحلة، باتت لازمة وطنية وضرورة عملية في سياق التحضير الاستراتيجي لمعركة التحرير والعودة، فضلا على متطلبات مشاغلة العدو والتصدي لتغولاته وعدواناته المستمرة ضد أبناء شعبنا ومقدساتنا، الأمر الذي يستوجب امتلاك الجرأة والنظرة المستقبلية العميقة بما يحقق البقاء على مسار البناء ومراكمة القوة والإعداد، إلى جانب عدم تجاهل جرائم الاحتلال والرد عليها بالقدر الذي لا يضر بالأهداف الاستراتيجية لعملية الإعداد لمعركة التحرير.
ولذلك وفي كثير من المحطات يفقد العديد من الناس ومن ضمنهم أبناء المقاومة، القدرة على قراءة المشهد وبالتالي القدرة على تحديد متطلبات التعامل معه، وهذا يعطي الاحتلال مزيدا من الفرص لإرباك وتعطيل واستنزاف قوى المقاومة على مدار الساعة الأمر الذي ينحت في بنية الاعداد والبناء لقدرات المقاومة ويحدث حالة من التآكل في مقدراتها والتأخير في مسار بلوغها لأهدافها الاستراتيجية، فضلا عما يمكن أن يحدثه ذلك من خلاف ونزاع بين أبناء المقاومة "ولا تنازعوا فتفشلون وتذهبون ريحكم".
ما هو المطلوب إذن؟
أولا: شيء من العمق في فهم متطلبات الصراع مع عدو بهذا القدر والامكانيات.
ثانيا: تقدير عملياتي لواقع قدرات المقاومة وامكانياتها، وبالتالي توظيفا منطقيا لهذه القدرات.
ثالثا: نقاش متجرد بين قوى المقاومة بعيدا عن الحزبية والمصالح الفئوية والسلوك التنافسي المضر، للوصول الى رؤية وتوافق في كل مرحلة.
رابعا: احترام متبادل لواقع تركيبة جسم المقاومة بالقدر الذي يحقق هدف الوحدة والتماسك وعدم إعطاء العدو فرصة زرع الشقاق والخلاف.
خامسا: الالتزام بما يتم التوافق عليه ضمن مكون غرفة العمليات المشتركة وعدم الشطط والانسياب ناحية العاطفة وضغوط الشارع.