كان أحمد أبو طواحينة "25 عاماً" يحلم دائماً بأن يخلع عن نفسه سنوات من الظلمة غلّفت حياته بسبب فقدانه لنعمة البصر بعد إصابته بعيار ناري في العين من قبل جنود الاحتلال في انتفاضة الأقصي عام 2000.
لكنه لم يدرك أن الحلم سيصبح حقيقة، وأن معاناته ستنتهي بمجرد ارتدائه لنظارة ناطقة توجهه وترشده، بل وتساعده على قراءة الرسائل النصية.
بصمة علمية
فالمهندستان إيمان الشياح وجهاد أبو شقرة "22عاماً" من قطاع غزة ابتكرتا نظارة ناطقة للمكفوفين، لتكن بذلك أولى بصماتهما العلمية بعد تخرجهما من الجامعة.
جلسن طويلاً وبحثن كثيراً عن أكثر الفئات التي تحتاج منهما أن يمنحاها بصيص أمل بما منحهن الله من العلم، فكان للمكفوفين نصيب وافر في ذلك.
وتقوم النظارة الذكية بتنبيه المكفوفين من عوائق الطريق وإرشادهم للسير في الاتجاه السليم، كما تساعدهم على التنقل والحركة دون مساعدة الآخرين، وتوجيهم.
تقول إيمان الشياح لـ "الرأي"، إن النظارة الذكية عبارة عن نظارة يرتديها الكفيف، موصولة بسماعة أذن خفيفة، لنقل التوجيهات والتنبيهات صوتيا للكفيف، حيث يستطيع الكفيف وضع لوحة تحكم صغيرة على منطقة الخصر، موصولة بالنظارة الذكية المخصصة للجهاز، مع سماعة أذن ومجسين موجودين أعلى القدمين".
وأشارت إلى أن النظارة ستتولى توجيه المكفوفين بشكل آلي غبر أوامر صوتية عن طريق سماعة الأذن عند وجود أي عائق.
وتعمل المهندستان حالياً على إضافة تطبيق للنظارة يقرأ رسائل الهاتف المحمول للمكفوفين تلقائياً، علاوة على تصنيف العملات والنصوص الموجودة عليها.
نقله نوعيه
وتتوقع إيمان أن يكون الاختراع إضافة نوعية في حياة المكفوفين وستحل لهم الكثير من المشكلات التي تواجههم في حياتهم اليومية، ومنحهم المزيد من الثقة في أنفسهم واعتمادهم بصورة كاملة على ذواتهم دون الحاجة للآخرين في تلبية احتياجاتهم أي كانت.
وابتكرت المهندسات الشياح والأشقر هذه النظارة ضمن شركتهما Helping Handsالمحتضنة ضمن مشروع مبادرون "2" لدعم وتطوير الأفكار الريادية بالجامعة الإسلامية والممول من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي ضمن برنامج تشغيل الشباب لمؤسسة التعاون.
وشارك المشروع في معرض الابتكار والإبداع في طاجاكستان الشهر الماضي، ونال إعجاب القائمين على المعرض إضافةً إلى الزوار.
عطاء لن يتوقف
أما جهاد فأكدت أن دراسة المشروع استغرقت وقتاً طويلاً من كافة النواحي، بذلت فيها جهود وصفتها بالمضنية، مشيرةً إلى أن فرض الحصار حال وجود وصول بعض التقنيات الضرورية الغالية الثمن لتوفير ميزات أكثر جوده على النظارة.
واستدركت بالقول" رغم ضعف الإمكانيات إلا أننا تعاملنا مع البدائل المتوفرة، وعملنا في ظروف صعبة، وبحمد الله تم إنجاز المشروع ونعمل حالياً عل تطويره وتسويقه في العالم ".
وطالبت الجهات الداعمة للمبدعين على مستوى العالم أن تقدم لهم المزيد من التمويل والدعم، ليتوفر بكميات أكبر ويكون في متناول كل المكفوفين على مستوى العالم.
ولأن الإبداع لا تحده الحدود تابعت جهاد قولها" نحن نعمل حالياً على التفكير بابتكار أدوات مساعدة تحسن من حياة المعاقين"، مؤكدةً أن العمل في مجال تقديم الخدمات للشرائح المختلفة وابتكار كل ما من شأنه تحسين حياتهم سيكون هدفهن دوماً.
يذكر أن الإحصائيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية تفيد بأن أعداد المكفوفين ومن يعانون من مشاكل بصريه وصل عام 2013 إلى 285مليون نسمة على مستوى العالم، ما يعنى أن جهاد وإيمان تمكنتا وضع بصمة لن تمحى من صفحات التاريخ في خدمة هذه الفئة.
نقلاً عن وكالة الرأي