لم يعُد الاحتلال يقرأ جيداً تحركات المقاومة في قطاع غزة، بل يتخبط في تصريحاته الإعلامية ومواقفه التي يحاول فيها خداع المقاومة وذر الرماد في عيون جمهوره، الذي لازال مخدوعاً بما يصرح به قادته، وخاصة تصريحات المجرم نتنياهو بوجود تقدم في مفاوضات صفقة تبادل مع حماس بواسطة دولية وعربية.
ويظن الاحتلال أنه يخدع حماس والقسام، واللذان يراقبان سلوك وتحركات الاحتلال، ويقرآن هذا السلوك جيداً، وباتا أكثر مهارة في التعامل مع الاحتلال، وتعد العدة له بالتعاون مع قوى المقاومة المختلفة .
نجحت حماس والمقاومة نجاحًا ملحوظا في هدفها الذي رسمته بعد معركة سيف القدس، والتي نعيش ذكرها الثانية، في جعل الضفة الغربية والقدس هما مكان الصراع الحقيقي مع المحتل، وجعلت المقاومة تنتشر في كل بقاع الضفة الغربية، والتي بات الاحتلال رغم جرائمه وإرهابه بحق المقاومين والمجاهدين يشعر بالفشل وعدم المقدرة على وقف تمددها في الضفة الغربية والقدس، والتي أصبحت تؤلم المحتل وتجعله يتخبط ويزيد من إرهابه على أمل أن يكسر ظهر المقاومة والمقاومين، ولكنه يفشل، والمقاومة تدرك ما يخططه المحتل، وهي مع كل شهيد مقاوم تزداد قوة وإصرارًا في المضي في طريق المقاومة.
تهديدات الاحتلال الأخيرة حول قرب المعركة مع المقاومة في غزة تُحمل على محمل الجد. والاحتلال يعلم ذلك، ولكن البيئة والظروف لم تعد كما كانت سابقا، ومعادلة الاشتباك مع العدو تغيرت، وبدأت المقاومة في فرض معادلة جديدة ونجحت فيها؛ بدليل ما حدث عقب إعلان استشهاد الشهيد خضر عدنان، وما حدث من المقاومة وما كان عليه رد الاحتلال. والذي يبدو من رده أن المقاومة في طريقها لردع هذا الاحتلال، الذي لازال يفكر بعدوان واسع على غزة، ولكنه يخشى الفشل كما فشل في المرات السابقة، رغم الشهداء والخسائر الكبيرة في البنية التحية وقصف البيوت الآمنه. ولكن نجاح أي معركة لا تحسب بحجم الخسائر، ولكن بالأثر المترتب عليها، وهذا الأثر بات أكثر وضوحًا لنا بأن معركة سيف القدس لازالت حاضرة، وأثرها باقٍ، وتأثيرها على المحتل قائمٌ. ولذلك؛ أي معركة قادمة مع المحتل في غزة وكل فلسطين المحتلة ستكون نهايتها لصالح المقاومة والشعب الفلسطيني.
وحديث نتنياهو عن تقدم في تحقيق صفقة تبادل جديدة هو حديث إعلامي ناتج عن حالة من الضغط تمارسه عوائل الجنود الأسرى لدى المقاومة، وهو يريد دغدغة عواطف الرأي العام الصهيوني وخداعه مرة تلو المرة؛ أن هناك تقدماً في المفاوضات نحو صفقة تبادل، وسيخرج بعد فترة - لن تكون بعيدة - ليكذب أن الصفقة وصلت الى محطات متقدمة، ولكن حركة حماس افشلتها بتعنتها وشروطها! وهو بذلك يكذب مرة أخرى على جمهورة كما كذب في المرات السابقة.
المقاومة وكتائب القسام تدرك ما يسعى إليه الاحتلال، سواء في تصريحات نتنياهو أو قادته العسكريين، هي محاولة لجر المقاومة الى معركة هو يرغبها، ولذلك حماس والمقاومة تفوت على الاحتلال كل محاولات جرها لمواجهة يحدد زمنها الاحتلال. للمقاومة هدف آخر يدركه الاحتلال، لأن قواعد الاشتباك الجديدة باتت في يد المقاومة، وهي تريد معركة مع العدو كتلك التي بدأتها في معركة سيف القدس قبل نحو عامين، وستعمل على أن تكون المعركة القادمة معركة المقاومة الفلسطينية وكتائبها لتحقيق مزيد من الردع للعدو الذي لديه من القوة التي يمكن أن يردع بها الآخرين، ولكن عند المقاومة الفلسطينية يقف عاجزاً.
ما تحدث به نتنياهو حول تقدم في صفقة تبادل جديدة هو لذر الرماد في العيون؛ فالموضوع ما زال يراوح مكانه، وكذلك تهديدات الاحتلال للمقاومة في غزة مأخوذة على محمل الجد، ولكن الاحتلال يهدف من ورائها إلى جر المقاومة لمعركة يخطط لها جيداً، وفي كلا الأمرين؛ المقاومة تدرك ما يريده الاحتلال، ولكن سيكون لها ما تريد بمشيئة الله.