شبكة قدس الإخبارية

خلافات نتنياهو - بايدن... هل يتضرر التحالف الاستراتيجي؟

e7edd46f-7aef-4386-aada-2d3f2d215367

فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: صعود قوى "الصهيونية الدينية" في الحياة السياسية بدولة الاحتلال، وحصول قادتها "بن غبير، سموتريتش" على حقائب سيادية في الحكومة دفع العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية إلى مزيد من التعقيد بالاتجاه السلبي، والتشوش خاصة مع انفجار الاحتجاجات والانشقاقات في مجتمع المستوطنين، على إثر خطة "اضعاف القضاء" التي صاغتها حكومة نتنياهو.

التطور الأبرز في سياق تردي العلاقة بين حكومة الاحتلال والإدارة الأمريكية، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه لن يدعو نتنياهو لزيارة واشنطن، وتعليقاً على خطة "اضعاف القضاء" قال: "أنا مثل الكثيرين من المؤيدين الكبار للاحتلال الإسرائيلي، قلق جدا، إسرائيل لا يمكنها المضي بهذا الطريق، وأوضحت هذه النقطة".

نتنياهو سارع للرد على بايدن قائلاً: "إسرائيل هي دولة مستقلة تتخذ قراراتها وفقًا لإرادة مواطنيها وليس على أساس ضغوط خارجية، وبضمنها من جانب أفضل أصدقائنا".

وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال، إيتمار بن غبير، وهو أحد الشخصيات التي أكدت مصادر إسرائيلية ومختلفة أن الإدارة الأمريكية لا ترغب في اللقاء بها قال رداً على تصريحات بايدن: "ينبغي أن يفهم الأميركيون أن إسرائيل هي دولة مستقلة وليست نجمة أخرى في العلم الأميركي".

السعي المحموم للتأكيد على "سيادة إسرائيلية" دفع وزير التعليم في حكومة الاحتلال، يوآف كيش، للتصريح قائلاً: "جميعنا يحترم الرئيس الأميركي وبإمكانه قول موقفه، ورغم ذلك فإن إسرائيل هي دولة ذات سيادة وقراراتها تُتخذ هنا".

صحيفة "نيويورك تايمز" كشفت في تقرير لمراسلها، ديفيد سانغر، أن الإدارة الأمريكية مارست ضغوطاً كبيراً على حكومة نتنياهو لوقف المضي في إجراءات المصادقة على خطة "اضعاف القضاء". التقرير الذي ترجمه موقع "عربي 21" أكد خلافاً لما تدعيه البيانات الرسمية أن الولايات المتحدة تتدخل في الشؤون الداخلية لحلفائها.

التقرير قال إن السفير الأمريكي، توماس نيدس، أمضى عطلة نهاية الأسبوع في نقل الرسائل من بايدن وموظفيه إلى حكومة الاحتلال، وهي الجهود التي انضم إليها بريت ماكغيرك، كبير مسؤولي الشرق الأوسط في البيت الأبيض، الذي أجرى اتصالات مكثفة مع سفير الاحتلال في الولايات المتحدة.

كيف حصل التدهور؟

في بدايات تشكيل الائتلاف الحكومي الجديد في دولة الاحتلال الإسرائيلي بدأ صحفيون ومحللون إسرائيليون وأمريكيون بالحديث عن "تدهور متوقع" في العلاقات الثنائية، جراء تولي قادة "الصهيونية الدينية" إيتمار بن غبير وسموتريتش مناصب في الحكومة، بسبب الخلاف على تفاصيل القضايا الرئيسية فيما يتعلق بالاستيطان والعلاقات مع الفلسطينيين وغيرها.

الإدارة الأمريكية التي أعلنت أنها لن تستقبل سموتريتش وبن غبير، دفعتها خطة "اضعاف القضاء" التي صاغها وزير القضاء في حكومة الاحتلال ياريف ليفين، إلى إعلان موقفها بوضوح من حكومة نتنياهو.

النائب الديمقراطي روبرت مينيندير، المشهور بدعمه لدولة الاحتلال، أكد بوضوح في تصريحات مع بداية تشكيل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي من التداعيات على العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية إذا تولى سموتريش وبن غفير مناصب بارزة في الحكومة، وقال إن هذا يجب أن "يدق ناقوس الخطر" حول العلاقة.
وسائل إعلام إسرائيلية قالت إن إقالة وزير الجيش، يوآف غالانت، على خلفية رفضه خطة "التعديلات القضائية" بسبب تأثيرها على الجيش بعد إعلان ضباط وجنود في وحدات الاحتياط رفضهم الخدمة العسكرية احتجاجاً على الخطة، هي "القشة التي قصمت ظهر البعير" بالنسبة لبايدن.

بايدن الذي أعلن مراراً التزامه الاستراتيجي بأمن دولة الاحتلال يرى أن "اضعاف القضاء" سيؤثر سلباً على موقع "إسرائيل"، في العالم، خاصة مع فكرة تفكك الدعاية والأسطورة التي خلقتها المنظومة الغربية عنها بأنها "الدولة الديمقراطية" في منطقة تعاني من الاستبداد.

مصادر إسرائيلية قالت إن الإدارة الأمريكية أدركت تدهور الأوضاع في دولة الاحتلال، بعد زيارة وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن لفلسطين المحتلة، قبل أسابيع، إذ اضطر للقاء نتنياهو وغالانت، في المطار، بسبب الاحتجاجات الواسعة على خطة "اضعاف القضاء".

الاحتجاج على خطة "اضعاف القضاء" لم يتوقف على المستويات العليا في الإدارة الأمريكية. رئيس بلدية نيويورك السابق، مايكل بلومبرغ، هاجم سلوكيات حكومة نتنياهو وقال:"التحالف الاستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة يمكن أن يقوم فقط على التزام مشترك بسيادة القانون، وإلا فإن إسرائيل تخاطر بإضعاف علاقتها بالعالم الحر"، حسب وصفه.

وفي السياق ذاته، وجه أعضاء في الحزب الديمقراطي رسالة إلى بايدن دعوا فيها إلى تنفيذ خطوات لمنع حكومة نتنياهو المضي في إجراءات "اضعاف النظام القضائي الإسرائيلي".

نتنياهو صاحب السجل الحافل في توتر العلاقات مع الإدارة الأمريكية، منذ عهد الرئيس كلينتون وصولاً إلى باراك أوباما، جاء عهده الطويل في الحكم مع تحذيرات إسرائيلية من تزايد حملات المقاطعة وبروز تيارات في السياسة الأمريكية خاصة في الحزب الديمقراطي معادية لها، في البلد الذي يضم أكبر اللوبيات الداعمة لدولة الاحتلال.

استطلاع أجراه معهد “غالوب” أظهر أنه للمرة الأولى، يتعاطف أكثر من  (49%) من مؤيدي الحزب الديمقراطي مع الفلسطينيين، وهي نسبة أكبر من أولئك الذين يتعاطفون مع "إسرائيل" (38%)، وتشير النتائج إلى زيادة بنسبة 11% في التأييد للفلسطينيين في العام الماضي وحده.

عن حاجة "إسرائيل" للولايات المتحدة

ضباط سابقون ومسؤولون في المستويات السياسية والعسكرية الإسرائيلية أكدوا على أهمية الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، في ظل التحديات التي لا تكبر في الميدان والمنطقة، أبرزها الملف النووي الإيراني والخوف من اندلاع حرب على أكثر من جبهة.

تؤكد التقارير الأمنية والأبحاث التي تصدرها مراكز البحث الأمني والقومي، في دولة الاحتلال، على حاجة "إسرائيل" لتقوية العلاقات مع الولايات المتحدة وحمايتها من الأضرار إذا قررت توجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني، أو لحشد المجتمع الدولي في مواجهة إيران.

"إسرائيل" التي تعتبر أكبر دولة تتلقى مساعدات خارجية من الولايات المتحدة الأمريكية، تعتمد أيضاً بشكل واسع على السلاح الأمريكي، وفي مراحل مفصلية في تاريخ دولة الاحتلال كان للدعم الأمريكي تأثيره البالغ الأهمية كما حصل في حرب 1973، التي وصلت فيها المستويات السياسية والأمنية الإسرائيلية العليا إلى نقطة حرجة في التعامل مع الموقف، كما يظهر في الوثائق التي كشفت تباعاً في السنوات الأخيرة، رغم محاولات قادة عسكريين وسياسيين مثل شارون في مذكراته إلى التحذير من فكرة أن "إسرائيل" تعتمد في بقائها فقط على الولايات المتحدة.

العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية التي بدأت بعد وقت قصير من إعلان ديفيد بن غوريون قيام دولة الاحتلال، على أنقاض الشعب الفلسطيني الذي تدمرت مئات القرى والمدن وتشرد مئات آلاف اللاجئين منه، تأخذ أيضاً أبعاداً أيدولوجية - عقائدية، كما يؤكد مختصون وباحثون، يربطون بين فكرة قيام الولايات المتحدة كمنظومة "إبادة - استعمارية" وقيام "إسرائيل" كدولة "إبادة" وإدامة "القتل" في المنطقة.

الأبعاد الأيدلوجية ظهرت في عدة محطات بعد وصول شخصيات محسوبة على "المسيحية الصهيونية"، كما حصل في عهد إدارة ترامب وجورج بوش، اللذين قدما أكبر دعم لدولة الاحتلال في جرائمها ضد العرب والشعب الفلسطيني.

يرتبط في عقل كل عربي وفلسطيني مصطلح "العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية" بعدد المرات التي أقدمت فيها الولايات المتحدة على حق النقض "الفيتو"، في مجلس الأمن، لحماية "إسرائيل" من العقاب على خلفية جرائمها ومجازرها التي هي تاريخها الأساسي في هذه المنطقة.

تضرر العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية بسبب الخلافات التي دافعها كما يظهر خوف الإدارة الأمريكية على حليفها الاستراتيجي، في المنطقة، لا يعني توقف الولايات المتحدة في هذه الفترة عن النظر إلى "إسرائيل" كجزء منها وعليها الحفاظ على أمنه، وهذا يظهر في الفترة الأخيرة في الجهود الأمريكية مع أطراف إقليمية لوأد الحراك الثوري في الضفة المحتلة.

وثيقة الأمن القومي الأمريكي الأخيرة تعكس توجهاً نحو الاهتمام بقضايا أبعد من المنطقة "الصين، روسيا، وإفريقيا" وغيرها، وهو ما قرأه محللون في سياق بدايات انحساب أمريكي من منطقتنا، إلا أن فيها تأكيدات على الالتزام بأمن دولة الاحتلال، ويبقى سؤال هل يساهم صعود شخصيات "صهيونية دينية" لها اعتبارات أخرى في التعاطي مع القضايا الأمنية والسياسية، في زيادة الأزمة مع الولايات المتحدة.

#نتنياهو #إسرائيل #حرب #الولايات المتحدة #بايدن #شارون #غالانت #التعديلات القضائية #بن غوريون #بن غبير #سموتريتش #كلينتون #1973 #العلاقات الأمريكية - الإسرائيلي #اضعاف القضاء