بعد عدوانها على المسجد الأقصى وطرد المعتكفين منه بالقوة، أصدرت شرطة الاحتلال بياناً لمحاولة تبرئة ساحتها، تزعم فيه أن هناك اتفاقاً مبرماً مع الأوقاف معتبرةً الاعتكاف "يتناقض تماماً مع الاتفاق مع إدارة الأوقاف في رمضان"، وهذا البيان يفرض التوقف عنده:
أولاً: تطرح شرطة الاحتلال نفسها باعتبارها هي من تدير المسجد الأقصى بلا منازع، وأنها "حريصة على السماح للمسلمين بحرية العبادة الكاملة خلال رمضان" ما يعني أنها هي مَن تقرر، وأن هناك أوقاتاً لا يسمح فيها للمسلمين بحرية العبادة، وبذلك تعلن الحكومة الصهيونية لأول مرة بأنها تتبنى تقسيم الأقصى بين المسلمين واليهود كهدف مركزي لطالما كانت تحاول إخفاءه وتجنب الإفصاح عنه.
ثانياً: تتحدث شرطة الاحتلال عن اتفاق مع الأوقاف في رمضان، بينما تولى موظفون من الأوقاف التفاوض مع المعتكفين لإخراجهم معتبرين الاعتكاف "تهلكة"، فيما تتجنب الأوقاف والحكومة الأردنية أي تعليق على الاعتكاف وحتى الاعتداء على المعتكفين، وهذا يعزز الشكوك بأن هناك اتفاقاً فعلياً على منع الاعتكاف وليس ادعاءً تدعيه شرطة الاحتلال فحسب.
ثالثاً: يتحدث بيان شرطة الاحتلال بالنص بأنه "تم تجهيز المساجد خارج منطقة الحرم القدسي للمبيت"، وهو نفس فحوى كلام حارس الأوقاف المعتكفات بالأمس، ونفس توجيه الأوقاف علناً على سماعات المسجد الأقصى للمعتكفين ليلة التاسع من رمضان الماضي؛ فهل هذه مجرد مصادفة بريئة؟ أم دليل فعلي على وجود تفاهمات سرية مع شرطة الاحتلال على منع الاعتكاف في الأقصى حتى العشر الأواخر؟
رابعاً: إذا ما علمنا أن العدوان الذي يبيته الاحتلال على الأقصى في الفصح العبري سيأتي في الأسبوع الثالث من رمضان، فإن تأجيل الاعتكاف حتى العشر الأواخر يضمن تمرير العدوان دون وجود حشد بشري من المرابطين مقابله، وهنا يمسي التفاهم لا ينحصر بالاعتكاف، بل يتعداه لتمرير العدوان الصهيوني على الأقصى وتفويت فرصة مواجهته، وهذا يفرض سؤالاً أخطر: هل ما زالت الأوقاف تدير الأقصى كمقدس إسلامي ائتمنت عليه، أم تمكن المحتل من جرها لتصبح إدارة وسيطة تنفذ إرادته؟