غزة - خاص قدس الإخبارية: وجهت فصائل فلسطينية وقطاعات اقتصادية خلال الآونة الأخيرة انتقادات للحكومة الفلسطينية في قطاع غزة، على خلفية فرض سلسلة من الرسوم الجمركية الموجهة ضد سلع ومنتجات يتم استيرادها من الخارج إلى السوق المحلي.
واشتكى تجار وقطاعات اقتصادية في مجال الألبسة ومستوردو الفواكه وتجار الأسماك من فرض الوزارات المختلفة لرسوم جمركية جديدة تحت مسمى "التعليات"؛ معتبرين أن هذه الخطوات تساهم في زيادة الأعباء المالية عليهم وتحد من قدرتهم على المنافسة التجارية.
وخلال الأيام الأخيرة أوقف مستوردو الفواكه إدخالها للقطاع احتجاجًا على فرض رسوم جديدة بقيمة 50 شاقلاً لكل طن فواكه مستورد، فيما تم فرض رسوم جمركية تتراوح ما بين 3 إلى 5 شاقل لكل كيلو أسماك مصرية أو منتجة في مزارع الأسماك بغزة، في الوقت الذي تفرض فيه الجهات الحكومية رسوم 10 شاقل على كل بنطال جينز يتم استيراده من الخارج.
في المقابل، ترجع الجهات الحكومية في غزة قراراتها الأخيرة بفرض المزيد من الرسوم الجمركية والتعليات الضريبية إلى رغبتها في دعم القطاعات الصناعية المحلية مثل قطاع الأنسجة والملابس، بالإضافة إلى الصيادين والفواكه المنتجة محليًاً.
الحكومة تعلق..
في هذا السياق، قال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف إنه لم يتم فرض أي ضرائب جديدة سواء فيما يتعلق بالألبسة كون القرار المتعلق بها صادر في أغسطس/آب الماضي وكان بالشراكة مع مؤسسات القطاع الخاص.
وأضاف معروف لـ "شبكة قدس" أن القرار الخاص بالألبسة كان من خلال اقتطاع حصة سوقية لصالح المنتجات المصنعة محليًا، في المقابل تم تحديد "كوتة" مكونة من 600 ألف من الملابس المستوردة معفية من الرسوم في الوقت الذي تفرض فيه الزيادة على ما يزيد عن هذه الحصة المحددة.
وبحسب رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة فإنه ومنذ شهر أغسطس الماضي وحتى اليوم تم إعادة العمل في أكثر من 220 مصنع للخياطة داخل قطاع غزة مما أدى لانتعاش هذا القطاع على مدار سنوات بعد توقف دام لسنوات طويلة بسبب الحصار.
أما فما يتعلق بالأسماك، فعلق قائلاً: "الاحتلال سمح بعد التفاهمات في 2019 بتصديرها للخارج عبر معبر كرم أبو سالم، إلا أنه وخلال الشهور الماضية ومع السماح باستيراد الأسماك المصرية عبر معبر رفح تحول عائد التسويق ليخدم 4 أو 5 تجار بدلاً من خدمة 4 آلاف صياد يعملون في هذه المهنة".
وواصل معروف قائلاً: "هؤلاء التجار يعملون على تسويق الأسماك المصرية التي يتم استيرادها في أسواق الضفة وباتت النسبة المسوقة منها 95%، في حين لا تتجاوز نسبة الأسماك التي يتم تصديرها من غزة والتي تم صيدها من بحرها 5% فقط من كل الكمية المسوقة في الضفة الغربية".
وأشار إلى أن وزارة الزراعة قررت التدخل وفرض إجراء رسم جمركي بقيمة 5 شاقل لكل كيلو من الأسماك المصرية المراد إعادة تسويقها في الضفة الغربية وهو لا يشمل أي من الأسماك التي يتم صيدها في القطاع، مشددًا على أن القرار يستهدف زيادة حصة الأسماك الخاصة بغزة والصيادين.
وبشأن الرسوم التي فرضت على الفواكه المستوردة، أوضح رئيس المكتب الإعلامي الحكومي أن هناك قرار مصادق عليه من المجلس التشريعي عام 2017 بفرض رسوم على عملية فحص الواردات الزراعية وتم تطبيق 50% منه واليوم تم تطبيقه بشكل كاملاً من خلال مساهمة يدفعها التاجر عن كل طن مقدارها 50 شيكلاً.
ويتابع بالقول: "كل 10 كيلو من الفاكهة يتحمل التاجر نصف شيكل وهو ما يعني أن الزيادة ليست ذات قيمة يتأثر بها المستهلك ولكنها ذات قيمة كبيرة فيما يتعلق بعملية فحص المنتج من قبل وزارة الزراعة التي تتحمل تكلفة 400 شاقل لكل عملية فحص".
ووفق معروف فقد أرسلت الجهات الحكومية في القطاع إيضاحات للفصائل الفلسطينية بما يشمل القوى الوطنية والإسلامية بشأن القرارات الأخيرة، مشددًا على مواقف بعض الفصائل الفلسطينية جاءت دون أن يتم الاستيضاح من هذه القرارات.
مواقف فصائلية
في الوقت ذاته، دعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجهات المسؤولة في قطاع غزة إلى التراجع عن قرار زيادة قيمة الضرائب والرسوم الجمركية على بعض السلع والبضائع.
وقالت الجبهة في بيان لها: "إن القرار يفاقمُ معاناة الفقراء والمحرومين، ويوسّعُ دوائر الحرمان التي يعانيها قطاعٌ واسعٌ من شعبنا".
وطالبت الجبهة، بضرورة قيام الجهات المسؤولة في غزة بتعزيز صمود المجتمع وتقديم نموذج مجتمع المقاومة ومشروعها في مقابل مشاريع السلام الاقتصادي والتفاهمات الأمنية.
أما الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين فأعلنت هي الأخرى رفضها لفرض السلطة في غزة مزيدًا من الضرائب والرسوم الجمركية على البضائع والسلع المستوردة والتي تُعد قوتاً وعوناً للفقراء والمهمشين.
وقالت الجبهة في بيان لها: "لا مبرر لزيادة قيمة الضرائب على السلع والبضائع المستوردة وآخرها الأسماك والفواكه تحت دعاوى دعم المنتج الوطني"، مردفة: "دعم المنتج الوطني وقدرته على المنافسة لا يكون بفرض مزيد من الضرائب والتعليات الجمركية على السلع المستوردة بل بإعفاء القطاع الخاص من الضرائب والرسوم الجمركية وإيجار الأراضي المخصصة للمصانع والزراعة وتخفيض فاتورة استهلاك الكهرباء والمياه".
قراءة اقتصادية..
بدوره، قال رئيس تحرير جريدة الاقتصادية والمختص في الشأن الاقتصادي محمد أبو جياب إن هناك خلط كبير فيما يتعلق بملف الضرائب فبعض الرسوم الجمركية فرضت لحماية المنتج الوطني والمحلي وهي سياسة معمول بها في كل دول العالم.
وأضاف أبو جياب لـ "شبكة قدس" أن هذه السياسة بدأت تحقق نتائج على مستوى تأمين العمل والصناعة وتحديداً قطاع النسيج والملابس والعديد من القطاعات الصناعية الأخرى في غزة، مستدركًا: "لكن فيما يتعلق بملف الفواكه والخضروات المستوردة فهي ذرائع لتعزيز الإيرادات المالية".
وبحسب المختص في الشأن الاقتصادي فإن الجهات الحكومية في غزة ووزارة المالية فيما لو أرادت فرض رسوم جديدة فهي مدعوة للإعلان عن خطة واضحة المعالم دون الالتفاف أو الاختباء وراء بعض العناوين المغطاة بالرسوم الخاصة بالفحوصات المخبرية.
وأشار إلى ضرورة عدم فرض الجهات الحكومية أية ضرائب على التصدير لا سيما فيما يتعلق بالأسماك، مضيفاً: "الحكومة عليها تقديم كل التسهيلات فيما يتعلق بالتصدير وبإمكانها فرض رسوم جمركية فيما يخص بالاستيراد لحماية المنتجات المحلية".