فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: تجتمع قوى إقليمية مع السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، برعاية الولايات المتحدة، في شرم الشيخ المصرية اليوم لاستكمال المسار الذي بدأ في اجتماع العقبة، الشهر الماضي، والعنوان الأساسي هو "وأد الحراك الثوري" الذي يتصاعد في الضفة المحتلة، وتخشى هذه القوى انفجاره في رمضان.
"التنسيق الأمني" على سلم الأولويات
ويشارك في الاجتماع ممثلون عن السلطة الفلسطينية بينهم أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات ماجد فرج بالإضافة لمسؤولين من مصر والأردن والولايات المتحدة الأمريكية وقادة في الأجهزة السياسية والأمنية الإسرائيلية.
وخلال اجتماع العقبة، تركزت مشاركة دولة الاحتلال على مسؤولين في الاستخبارات والجيش وعن الملفات المتعلقة بالتنسيق الأمني.
أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حسين الشيخ، أعلن يوم أمس أن السلطة قررت المشاركة في الاجتماع رغم الرفض الفصائلي وتأكيد قيادات من حركة فتح على أن الذهاب للاجتماع لا يلقى تأييداً في صفوف قواعد الحركة وهيئاتها التنظيمية.
الاجتماع الذي دفعت لعقده مصر والأردن والولايات المتحدة الأمريكية يركز وفقاً لتأكيدات المصادر على ملف "التنسيق الأمني"، والإجراءات لوقف الحراك المقاوم في الضفة ومنع توسعه وانفجاره في شهر رمضان.
رفض فلسطيني واسع
وأدانت الفصائل الفلسطينية قرار السلطة المشاركة في الاجتماع ودعتها إلى الانسحاب من هذا المسار الذي اعتبرت أنه يهدف لتحقيق أمن الاحتلال، في ظل الجرائم اليومية التي يرتكبها بحق الفلسطينيين.
وقال الناطق باسم حركة حماس، عبد اللطيف القانوع، إن "مشاركة السلطة في لقاء أمني للمرة الثانية مع الاحتلال واستمرارها في التنسيق الأمني معه يعكس حالة السقوط الوطني الذي وصلت إليه ويشكل غطاء لحكومته الفاشية للاستمرار في الجرائم".
وأضاف: لقاء اليوم في شرم الشيخ يأتي امتداداً للقاء الكارثي الذي تم في العقبة وواصل الاحتلال بعدها عمليات الهدم والقتل وارتقى على إثرها ما يزيد عن 25 شهيداً في الضفة الغربية ما يعكس استهتار السلطة بدماء شعبنا.
وأكدت الجبهة الشعبية وحركة الجهاد الإسلامي، في بيان مشترك، على ضرورة الانسحاب من مسار "التنسيق الأمني" ومقاطعة اجتماع شرم الشيخ.
وأكدتا أن الاحتلال "يستغلُّ هذهِ القمم واللقاءات الأمنيّة لشنّ المزيد من العدوان والمجازر البشعة التي يرتكبها بحقِّ شعبنا، التي كان آخرها مجزرة جنين، إضافةً لمواصلة استهداف المقاومين واغتيالهم"، كما جاء في البيان.
وحذرت من "مخطّطٍ خطيرٍ للإجهاز على الوحدة الميدانيّة التي جسّدها مقاتلو شعبنا على طول خطوط الاشتباك والمواجهة مع العدوّ، والعودة لمربعات الصراعات الداخليّة والعداوات الوهميّة".
وقالت الجبهة الديمقراطية إن "الخلاف في حقيقته هو بين من يقزم القضية الوطنية الفلسطينية إلى مجرد مسائل أمنية، تعالج كل مسألة منها على انفراد، في إطار التعاون والتنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال، وبين من يصون قضيتنا باعتبارها قضية شعب تحت الاحتلال، وقضية تحرر وطني".
وأضافت: العودة إلى المباحثات الأمنية لإعادة تنظيم التنسيق الأمني مع سلطة الاحتلال، وإعادة توزيع الأدوار، فليس إلا عودة بائسة إلى اتفاقات أوسلو المذلة، ليس الهدف منها حماية شعبنا بل حماية مصالح السلطة الفلسطينية وقيادتها السياسية التي تتابع بقلق يوماً بعد يوم، تراجع شعبيتها، واتساع شعبية خيار المقاومة الشعبية وخيار المقاومة المسلحة وخيار رفض العودة إلى أوسلو بكل التزاماته المشينة والمدمرة، بحق مصالح شعبنا وكرامته الوطنية.
وتعليقاً على الادعاءات حول أن "السلطة تتعرض للضغوط للالتحاق باجتماع شرم الشيخ"، قالت: لماذا تقيم السلطة وزناً للضغط الأميركي والإقليمي وتتجاهل ضغط الشعب الفلسطيني لتجنيب القضية الوطنية المزيد من المآسي والكوارث، وعدم الانزلاق نحو ألغام لا يستفيد من تفجيرها سوى الاحتلال وعصابات مستوطنيه.
وأكدت حركة المجاهدين أن "من يشارك في هذه اللقاءات لا يمثل فلسطين ولا شهدائها ولا تضحياتها، ولا يعبر عن الإرادة الحقيقية لشعبها الرافض للمحتل".
وشددت على أن هذه اللقاءات "لا تخدم إلا مصلحة الاحتلال، وهذا يستوجب رص صفوفنا جيداً لمواجهة التحديات القائمة".
خشية إسرائيلية من رمضان
وخلال الشهور الماضية، نفذت قوى إقليمية مع الولايات المتحدة حراكاً لوقف تصاعد حالة المقاومة في الضفة المحتلة، ومع اقتراب شهر رمضان تزايد الحديث عن إجراءات لمنع انفجار المواجهة، في المنطقة، كما حدث في أيار/ مايو 2021.
وتستعد الحركة الأسيرة خلال الأيام القليلة المقبلة لإطلاق إضراب مفتوح عن الطعام، رفضاً للإجراءات العدوانية التي فرضتها إدارة سجون الاحتلال عليها، تزامناً مع استعدادات الجماعات الاستيطانية لفرض واقع جديد في المسجد الأقصى، خلال شهر رمضان، في ظل استمرار عمليات المقاومة في الضفة واتساعها إلى قلب دولة الاحتلال، والتحذيرات من اندلاع المواجهة على أكثر من جبهة في حال انفجار الأوضاع.
وتخشى دولة الاحتلال من تصعيد في الأراضي المحتلة، خلال شهر رمضان، ونظمت خلال الأسابيع الماضية تدريبات لوحدات مختلفة في الجيش، وأكدت المستويات الأمنية على أن أسباب الانفجار جاهزة ويزيد منها سلوك وزراء حكومة الاحتلال على رأسهم إيتمار بن غبير، الذي يستعد لرعاية اقتحامات واسعة للمسجد الأقصى.
وأكد مسؤولون في دولة الاحتلال أن "إسرائيل" لن توقف الاقتحامات أو العمليات العسكرية، في الضفة المحتلة، وهو ما أكدته الوقائع بعد اجتماع العقبة الذي زعم المجتمعون فيه على التوصل إلى تفاهمات لخفض "التصعيد"، حسب وصفهم، إلا أن جيش الاحتلال واصل ارتكاب المجازر وآخرها في في جنين، يوم الخميس الماضي، وأدت لاستشهاد أربعة فلسطينيين، ووثقت الكاميرات إعدام عناصر قوة "المستعربين" للشهيد نضال خازم القائد في كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس بإطلاق الرصاص على رأسه مباشرة.
ويظهر بوضوح من التصريحات الإسرائيلية والأمريكية أن المسار الذي بدأ في اجتماع العقبة ويستكمل في شرم الشيخ، اليوم، هو "أمني" بامتياز هدفه دفع الأجهزة الأمنية الفلسطينية إلى المواجهة المباشرة مع مجموعات المقاومة، واستمرار "التنسيق الأمني"، بهدف وأد "الحراك الثوري" الذي يقلق الاحتلال وقوى إقليمية ودولية أخرى، في ظل توفر احتمالات توسعه إلى مناطق جديدة، وهو ما أكدته العمليات الفدائية التي ضربت العمق الإسرائيلي، في الأسابيع الماضية.
وقتل جيش الاحتلال بين اجتماع العقبة وشرم الشيخ 24 فلسطينياً في مجازر متعددة ارتكبها خاصة في جنين ونابلس.