شبكة قدس الإخبارية

"أرض المطاردات".. المقاومة تضرب الاحتلال في خاصرته الضيقة

334506794_532256479091798_8302116479683502745_n
هيئة التحرير

أريحا - خاص قدس الإخبارية: أطلق الاحتلال اسم "أرض المُطاردات" أو "المطاردات الساخنة" على منطقة الأغوار الممتدة من شمال البحر الميت حتى بيسان، حيث كانت هذه المنطقة ميدانًا نشطة للعمل الفدائي عبر نهر الأردن خلال الفترة الممتدة من بعد نكسة حزيران 1967 وحتى أيلول الأسود عام 1970.

وبحسب الكاتب والباحث خالدة عودة الله فقد سميت بأرض المطاردات لأن جيش الاحتلال قام بعمليات مطاردة مريرة في المنطقة كلفته عشرات القتلى، وفي اتفاق غزة أريحا أولاً، أصر الإسرائيليون على تضمين الاتفاق بنداً تابعا للتنسيق الأمني أسموه "مطاردة ساخنة" أي حقهم في اختراق مناطق السلطة لمطاردة الفلسطينيين فور وقوع العمليات قبله المفاوض الفلسطيني.

وخلال تلك الفترة كان الفدائيون الفلسطينيون يتسللون عبر نهر الأردن لتنفيذ عمليات واستهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي حيث كانت هذه المنطقة تشكل خطرًا استراتيجيًا بالنسبة لجيش الاحتلال، فيما يطلق عليها البعض الآخر وصف "الخاصرة الضيقة".

ومع تجدد عمليات المقاومة الفلسطينية في منطقة عقبة جبر بأريحا للمرة الأولى منذ انتفاضة الأقصى عام 2000 يعود إلى المشهد واقع منطقة الأغوار وأريحا والأهمية الاستراتيجية لها والتأثير على المنظومة الأمنية والاستيطانية للإسرائيليين.

تعريف جغرافي.. كيف تبدو منطقة أريحا والأغوار

تقع أريحا أقصى شرقي الضفة الغربية، ويعتبرها البعض بأنها معزولة عن بقية مناطق الضفة بالرغم من أنها وفي أعقاب اتفاق "غزة - أريحا" كانت مقرًا للعديد من المؤسسات الفلسطينية الرسمية التابعة للسلطة الفلسطينية بموجب اتفاقية أوسلو.

قبل نكسة عام 1967 كان عدد السكان في منطقة الأغوار يصل إلى 320 ألف نسمة فيما وصل العدد اليوم إلى قرابة 60 ألف نسمة فقط يستخدم الاحتلال معهم أساليب الضغط والتهجير ضمن مساعيه لضم الأغوار كليًا والسيطرة عليها باعتبارها منطقة خصبة.

وتبلغ مساحة أريحا والأغوار 400 كم مربع، بما يشكّل 30% من مساحة الضفة الغربية تقريبًا، يستولي الاحتلال على 55% من المنطقة (400 ألف دونم تقريبًا) بدعوى أنّها مناطقُ عسكريةٌ مغلقة، ويقيم 90 موقعًا عسكريًا، وينشئ 36 مستوطنةً، ويجري عمليات هدمٍ وتهجيرٍ متواصلةً، وتدريباتٍ عسكريةً لا تتوقف، لضمان سيطرته المطلقة على الأرض.

تعدّ الأغوار منطقةً ذات بعدٍ استراتيجي، فهي أراضٍ خصبة ومليئة بمصادر المياه، وهي المتسع الجغرافي الذي يمثل الامتداد الطبيعي للتوسع السكاني الفلسطيني في الضفة، كما أنّها الحدود الشرقية لفلسطين مع الأردن، بما يعني أنّها المساحة التي تمثّل عائقًا أمنيًا ضروريًا، يحمي قلب "إسرائيل" من الانكشاف.

أهمية تاريخية.. أريحا والأغوار خاصرة للاحتلال

في السياق، يقول الكاتب والباحث حمزة العقرباوي إن الأغوار وأريحا شهدت في الفترة ما بين 1967 إلى 1970 سلسلة من العمليات النوعية للفدائيين الفلسطينيين من خلال تسللهم عبر الحدود مع نهر الأردن لتنفيذ عمليات ضد الاحتلال.

ويضيف العقرباوي لـ "شبكة قدس" أن الاحتلال ونتيجة لسلسلة العمليات التي تعرض لها على مدار عقود أطلق عليها مسمى "أرض المطاردات" حيث كان يلاحق ويطارد الفدائيين الفلسطينيين باستمرار وخلال فترة ما بعد النكسة شهدت المنطقة عمليات نوعية.

وبحسب الكاتب والباحث الفلسطيني فإن المنطقة تعتبر شاهدة على الحضارات الفلسطينية منذ أكثر من 10 آلاف سنة وظلت شاهدة على ذلك خلال الفترة الإسلامية، باستثناء حقبة الاحتلال الإسرائيلي حيث سعى للسيطرة عليها تمامًا.

ويشير إلى أن الاحتلال له مشروع في الأغوار يتمثل في ضمها كليًا فهو يرى في مخيمات الفلسطينيين الموجودة أنها تعيق مشروعه التوسعي لا سيما وأنها تشكل سلة غذائية للاحتلال ومستوطنيه باعتبارها منطقة خصبة زراعيًا وبها مخزون مائي كبير.

ويلفت العقرباوي إلى أن عدد سكان أريحا والأغوار من الفلسطينيين أكبر من عدد المستوطنين مقارنة مع بقية التجمعات الأخرى، إلى جانب أن اليهود لا يستطيعون التكيف مع طبيعتها المتمثلة في الطقس وبالتالي فإن التواجد العربي والفلسطيني يحطم الأحلام الإسرائيلية.

وإلى جانب ذلك فإن غالبية المستوطنات الموجودة عبارة عن تجمعات زراعية بالأساس لا يستطيع الاحتلال حمايتها بالأسلوب المعتاد عليه في بقية مستوطنات الضفة، ويستخدم فقط أسلوب "الشيك" الأسلاك الشائكة وهو ما يجعلها منطقة أمنية مكشوفة للعمل المقاوم.

ضربات نوعية.. المنظومة الأمنية وعنصر المفاجأة

شهد عام 2022 وعام 2023 الجاري عمليات للمقاومة في هذه المنطقة أوقعت خسائر وقتلى في صفوفه خلافًا للاعتقاد والتقدير الأمني الموجود لدى الاحتلال الإسرائيلي الذي كان يقدر أن العمل محصور في مناطق شمال الضفة وبعض مناطق الوسط كرام الله بالإضافة للخليل.

في هذا الإطار، يؤكد الباحث والمختص في الشأن الإسرائيلي جمعة التايه أن عمليات المقاومة في أريحا والأغوار جاءت صادمة للاحتلال فمنذ انتفاضة الأقصى لم تشهد المنطقة عمليات متتابعة ومتتالية كما يحصل في الفترة الأخيرة.

ويقول التايه لـ "شبكة قدس" إن المقاومة في منطقة أريحا والأغوار وعقبة جبر تشكل خطرًا استراتيجيًا ويوميًا بالنسبة للاحتلال لا سيما في حال تتابعت العمليات بشكل مكثف مع وجود المستوطنين والجنود في هذه المنطقة خلال الفترة المقبلة.

ويضيف: "المنظومة الأمنية والعسكرية للاحتلال تنظر بخطورة وصدمة للحالة القائمة لا سيما وأن الاعتقاد الإسرائيلي كان مبنيا على فكرة أن الجيش نجح باغتيال أفراد الخلية السابقة التي نفذت عملية ألموج قبل أن تأتي العملية الأخيرة لتثبت عكس ذلك".

ويردف: "المحللون العسكريون لدى الاحتلال يعتقدون أن الفترة المقبلة ستشهد تنفيذ المزيد من العمليات ضد المستوطنين والجنود على حدٍ سواء ولن يقف ذلك عند حدود شمال الضفة بل ستشهد منطقة أريحا والأغوار حالة من التصعيد لا سيما خلال فترة شهر رمضان".

#أرض المُطاردات