فلسطين المحتلة - خاص شبكة قُدس: يجمع محللون سياسيون فلسطينيون تحدثوا لـ "شبكة قُدس"، على أن العام المقبل 2023 سيكون عام المقاومة بامتياز في الضفة الغربية والقدس المحتلتين والداخل الفلسطيني المحتل، خاصة عقب التشكيلات المسلحة التي ظهرت في الضفة والتي قد تمتد إلى باقي المناطق وتشكيل حكومة الاحتلال الفاشية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو.
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، يرى أن عام 2023 سيكون عاما للمقاومة التي باتت ضرورية في ظل الإجراءات الإسرائيلية المتصاعدة بحق الفلسطينيين والتي عززتها الحكومة الإسرائيلية الجديدة.
وبحسب الصواف، فإن المقاومة في قطاع غزة لم تنفصل عن باقي الساحات الفلسطينية، ولكن لكل ساحة دورها في المرحلة الحالية، ومن المتوقع أن تكون المواجهة المقبلة أوسع وأن تشمل كافة الساحات.
الضفة الغربية المحتلة.. فرص تصاعد المقاومة
أظهرت معطيات صادرة عن جيش الاحتلال الإسرائيلي لعام 2022 ارتفاع نسبة العمليات في الضفة الغربية المحتلة بنسبة مئات في المائة، وشهدت منطقة الضفة الغربية 285 عملية إطلاق نار خلال 2022، مقابل 61 خلال 2021، و31 خلال 2020 و19 فقط خلال 2019. وبحسب البيانات فقد قفز عدد قتلى العمليات في عام 2022 حيث قُتل 31 مستوطنات في عمليات مسلحة، مقارنة بـ 4 في عام 2021 ، 3 في عام 2020 و5 في عام 2019.
وأشارت بيانات جيش الاحتلال إلى أنه وفي عام 2022 كان هناك 7589 عملية رشق حجارة، مقارنة بـ 3805 في عام 2021، كما حدثت زيادة في عمليات إلقاء الزجاجات الحارقة، والتي بلغت 1,268 خلال 2022، مقارنة بـ 1022 في عام 2021، وسط خشية من تصاعدها في العام المقبل.
واعتبر الصواف في لقاء مع "شبكة قُدس"، أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة جميعها بغض النظر عن القائمين عليها، هي حكومات متطرفة وفاشية هدفها قتل وتشريد الفلسطينيين من أرضهم، وما يمكن أن تضيفه الحكومة الجديدة هو المزيد من القتل والتهجير والاستيلاء على الأراضي ما قد يؤدي إلى مواجهة جديدة. مشيرا إلى أن الفلسطينيين سيقفون لمواجهتها والتصدي لها.
ورأى الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض، أنه من المحتمل أن تتصاعد المواجهات خاصة في الضفة والقدس عقب تشكيلة الحكومة الإسرائيلية الجديدة، خاصة وسط المخططات الإسرائيلية التي تنذر بتصاعد الاستيطان وتهويد القدس، ومن المتوقع جدا أن يكون هناك تعزيز للمقاومة في الضفة والقدس والداخل المحتل.
وقال رفيق عوض، لـ "شبكة قُدس"، إن الممارسات الإسرائيلية المتوحشة في 2022 أدت إلى ظهور تشكيلات مسلحة كثيرة "وأعتقد أن الممارسات الإسرائيلية ستؤدي إلى ظهور تشكيلات مسلحة في مناطق أخرى بالضفة الغربية. متوقعا أن تكون مدينة القدس المحتلة شعلة المواجهات والتصعيد المقبل والمحتمل خلال العام 2023".
وبشأن غزة، فتوقع رفيق عوض، أن تدخل على خط المواجهة من جديد للعام المقبل، قائلا: ستدخل غزة على خط المواجهة خاصة إذا تعلقت الأحداث بمدينة القدس المحتلة، حتى لو كانت لدى حماس حسابات كثيرة إلا أن حركة الجهاد الإسلامي حساباتها أقل.
السلطة الفلسطينية
وحول مصير السلطة، يرى المحلل السياسي مصطفى الصواف، أنها بدأت تترنح وبدأت تتلاشى سلطتها خاصة في ظل حكومة الاحتلال التي لا ترى أن هناك إمكانية لاستمرار هذه السلطة، التي أنهت نفسها بيدها.
وقال: لا أتوقع أن يكون لها دور مركزي في المرحلة المقبلة، ولطالما محمود عباس يرأس السلطة هو وفريق أوسلو لن تكون هناك نهاية للانقسام وستبقى الأمور على حالها.
الداخل المحتل
وفيما يخص فلسطينيي الداخل المحتل، قال عضو المكتب السياسي في حركة أبناء البلد لؤي الخطيب، إن هناك مخاوف وقلق لدى الفلسطينيين من تشكيلة الحكومة الجديدة ووجود بعض الشخصيات الفاشية والمتطرفة فيها.
وأضاف الخطيب في لقاء مع "شبكة قُدس"، أن حكومة الاحتلال المقبلة تشبه جميع الحكومات السابقة، ولكنها الأكثر هدما وقتلا وعنفا تجاه الفلسطينيين، ومع ذلك يرى أن يديّ الحكومة الجديدة مكبلتان رغم الشعارات التي ترفعها ورغم حدة الصراخ داخلها بأنها ستنال وتصفي الفلسطينيين، بسبب كونها غير مرغوب فيها من الدول الغربية، وهناك نوع من التحفظ تجاه بعض أعضائها كـ بن غفير المتهم بدعم الإرهاب.
بحسب الخطيب، فإن كافة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة فاشية ونفذت جرائم بحق الفلسطينيين والحالية لا تختلف كثيرا عنها في المضمون.
وقال الخطيب: هناك ملاحقة وتضييق على الفلسطينيين في الداخل المحتل، وهذا الوضع سيؤدي إلى لجوء الفلسطينيين للشارع للدفاع عن حقوقهم، وقد تمتد إلى مواجهة على غرار ما جرى في مايو 2021، خاصة وأن الخطوط العريضة للحكومة الجديدة ستؤدي بشكل حتمي إلى صدام مع الفلسطينيين.
وأكد الناشط السياسي الخطيب، أن كافة محاولات الاحتلال لردع فلسطينيي الداخل المحتل باءت بالفشل، وفي حال حاصر الاحتلال الفلسطينيين أكثر ستندلع مواجهة في العام المقبل في المدن المحتلة، وسط توقعات بأن الحكومة الجديدة ستعجل من حالة المواجهة والتصعيد الأمني.
وأكد أن هناك فتيلا لهذه المواجهة ستشعله الحكومة الجديدة، وأي اعتداء على الفلسطينيين في غزة أو القدس أو قطاع غزة، فإن فلسطينيي الداخل سيكونون بالمرصاد لهذه الاعتداءات ولن يقفوا مكتوفي الأيدي.
الحكومة الجديدة وتأثيرها على الجمهور الإسرائيلي
قال المحلل السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي عصمت منصور، إن تشكيلة حكومة الاحتلال المقبلة سيكون لها تأثير على الجمهور الإسرائيلي خاصة بما يتعلق بالهوية القومية المتطرفة، والشخصيات القائمة على هذه الحكومة لديها صلاحيات تمكنها من إحداث تغييرات تمس هوية الدولة ومكانة الدين فيها والمحكمة العليا وسلطة القضاء والشرطة والأمن والقضايا الاجتماعية.
وأضاف منصور في لقاء مع "شبكة قُدس"، أن هناك مخاوف سياسية فيما لو أقدمت هذه الحكومة على ضم الضفة الذي يعتبر واحدا من أولوياتها إلى جانب تغيير الوضع القائم في القدس والنقب وعملية التطهير العرقي وهو ما قد يؤدي إلى تصعيد الأوضاع الأمنية مع الفلسطينيين وتفجير العلاقات مع بعض الدول.
ورأى منصور، أن هناك مخاوف بتأثير هذه الحكومة على العلاقات مع الدول العربية والولايات المتحدة والدول الأوروبية واليهود حول العالم.
وقال، إنه رغم وجود أغلبية للحكومة المقبلة في الكنيست، إلا أن احتمال انهيارها يبقى قائما، وبسبب تشكيلتها ستصطدم بمعارضة قوية من داخل الكنيست ومن القضاة وغيرهم قد تمتد إلى مظاهرات في الشارع وقد تؤدي إلى أزمات أمنية، والسؤال هو إلى أي درجة سيبقى نتنياهو قادرا على المناورة بين الأزمات التي قد تنشأ وبين ضبط هذا الائتلاف الذي فيه وزراء شهيتهم مفتوحة لإحداث تغيرات لها علاقة بالفلسطينيين، يمكن أن يعرضها للسقوط أو الاستبدال.
وبحسب منصور، فإن الاتفاقات الائتلافية وضعت نتنياهو على فوهة بركان، وستخلق له أزمات مع دول العالم، "وأعتقد أن نتنياهو قد يتجه لتفريغ الاتفاقات الائتلافية من مضمونها وتهميشها وإضعافها بأكبر قدر.
أما الصحفي المتابع للشأن الإسرائيلي محمد بدر، فقد اعتبر أن ما يجري لدى الاحتلال حاليا هو بداية انهيار بعض القيم التي ظلت لفترة طويلة عنصرا مهما في الحفاظ على هذا المجتمع المشوه والمشتت، وهذه القيم منها ما هو على شكل مؤسسات كما في حالة الجيش.
وقال إن بعض المفكرين الصهاينة أصبحوا يطرحون فكرة خطر التفكك الذاتي بقوة، والتي عبر عنها جنرالات وسياسيون سابقون، وفي عام 2023 قد نشهد مظاهر أزمة داخلية تختلف عما قبل، خاصة وأن الاستقطاب الحاد بين الإسرائيليين أصبح أكثر تطرفا.
التطبيع بين الاحتلال والدول العربية
الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض، يرى أن موجة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي ستنخفض بشكل ملحوظ خلال العام المقبل، والنظرة التوسعية الاستيطانية المتوحشة لدى الحكومة الجدية ستمنع من تعميق العلاقات بين الاحتلال والدول العربية التي لن تكون راغبة بصورة كبيرة بأن تجري علاقات مع حكومة لا تريد أن تتقدم في عملية المفاوضات مع الفلسطينيين.
وقال المحلل السياسي رفيق عوض، في لقاء مع "شبكة قُدس"، ما جرى في فعاليات كأس العالم فند النظرية الإسرائيلية بأن الشعوب العربية منفتحة على التطبيع مع الاحتلال، وأكد أن العلاقات مع الاجتلال أمر مرفوض لدى الشعوب العربية. مضيفا: رغم ذلك، إلا أن الحكومات العربية التي طبعت علاقاتها مع الاحتلال لن تلتفت إلى رأي شعوبها الرافض للعلاقات مع الاحتلال.