شبكة قدس الإخبارية

5 شهداء في أقل من 24 ساعة.. "عداد الموت" وأسباب أخرى وراء تصاعد وتيرة استهداف الفلسطينيين

027a41dc-2070-45e0-90e9-d7919eb0cae3

 

فلسطين المحتلة - شبكة قُدس: ودعت الضفة الغربية اليوم الثلاثاء خمسة شهداء ارتقوا خلال أقل من 24 ساعة، وكانت البداية في بيت أمر شمال الخليل حيث أطلقت قوات الاحتلال الرصاص الحي بكثافة خلال مواجهات وقعت في البلدة ما أدى لاستشهاد الشاب مفيد اخليل 44 عاما. جاء بيان الناطق باسم جيش الاحتلال ليكشف عن جريمة مركبة ارتكبتها قواته، فقد حمل اعترافا بأنها كانت في مهمة تدريبية داخل بيت أمر، وهو أمر مخالف لكل القوانين الدولية، إذ يحظر إجراء تدريبات عسكرية في المناطق السكنية. 

لم تكد تمرّ ساعات على استشهاد الشاب اخليل، وفي ساعات الفجر الأولى ودعت رام الله الشقيقين جواد وظافر الريماوي من بلدة كفر عين شمال رام الله، الأول خريج كلية الاقتصاد من جامعة بيرزيت ويبلغ من العمر 22 عاما، والأول يدرس في كلية الهندسة بالجامعة نفسها، ويبلغ من العمر 21 عاما وقد عرفت نشاطه الطلابي ومشاركته الفعالة في وقفات الشهداء والأسرى. 

لم ينقض صباح الثلاثاء إلا وقد أخذ معه شهيدا آخر هو راني أبو علي، الذي قرر أن ينتقم لمن سبقوه من الشهداء فنفذ عملية دهس أدت لإصابة مجندة بجراح خطيرة. مساءً، كانت الضفة على موعد مع شهيدها الخامس، رائد النعسان من قرية المغير شرق رام الله، والذي ارتقى خلال مواجهات في القرية تزامنت مع قيام قوات الاحتلال بهدم منشآت للأهالي، وهو أسير محرر، وطالب في جامعة الاستقلال بأريحا.

تشير طبيعة الأحداث التي ارتقى فيها الشهداء إلى وجود تغيير لدى جيش الاحتلال في أوامر إطلاق النار، والتي كانت محل جدل في الأشهر الأخيرة بعد استشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة، فقد دعت بعض الدول، حكومة الاحتلال، للنظر مجددا في أوامر إطلاق النار بالضفة الغربية، لكن الرد الإسرائيلي كان محملا بالرفض، وشدد كل من رئيس حكومة الاحتلال المنتهية ولايته يائير لبيد ووزير حربه بني غانتس عن رفضهم لأي تدخل في هذا الإطار. 

وتزامنت هذه الجرائم مع إحصائيات نشرتها مواقع عبرية يوم أمس، بالاعتماد على بيانات جيش الاحتلال، مفادها أن وتيرة المقاومة في الضفة الغربية تتصاعد رغم العملية العسكرية الإسرائيلية التي أطلقها جيش الاحتلال منذ مارس الماضي وأطلق عليها اسم "حارس الأسوار". 

تكشف الإحصائيات عن عجز واضح في أداء جيش الاحتلال في احتواء تصاعد أعمال المقاومة، العسكرية منها وذات الطابع الشعبي، إذ أنه بالمقارنة مع حجم الاعتقالات وعمليات القتل كان من المفترض أن تقل أعمال المقاومة، لكن ما يجري هو العكس تماما، حيث تضاعف عدد عمليات المقاومة مقارنة بالعام الماضي ثلاثة أضعاف، وهو ما يضع أداء وقدرة جيش الاحتلال على المحك، في فترة يعاني فيها من هشاشة التصور العام عنه في الوعي الجمعي للإسرائيليين. 

وليس السبب السابق وحده هو الذي يدفع جيش الاحتلال إلى مزيد من الاستهداف للفلسطينيين، وإنما الغطاء القانوني الذي أصبح من أهم العوامل المساعدة في ممارسة جيش الاحتلال لجرائمه بحق الفلسطينيين، وكذلك الغطاء السياسي الذي يمنح الجنود مزيدا من الجرأة في ممارسة عمليات القتل، والمزاج الإسرائيلي العام الذي تكشف الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة عن حقيقة اتجاهاته، إذ أن التيارات التي حظيت بتأييد الجمهور الإسرائيلي، هي تلك تحمل أفكارا تدعو لمحو الفلسطينيين ماديا إما بالقتل أو التهجير، واستخدام القوة في كل الظروف ودون أي قيود أو شروط، وجيش الاحتلال يتحرك ضمن هذه الروحية ويحركها أحيانا.

ويضاف لما سبق، محاولة جيش الاحتلال حجب صوت الانتقادات التي توجه له داخليا بسبب قضايا الاغتصاب والتحرش، حيث أشار تقرير لمراقب الدولة لدى الاحتلال نشر يوم أمس، أن ثلث المجندات في الجيش تعرضن للتحرش الجنسي خلال العام الماضي، وهذه إحصائية مخيفة بالنسبة للجيش، الذي يجد نفسه في كل مرة عرضة للانتقاد من مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات النسوية بسبب هذه الظاهرة التي أصبحت مزمنة وعصية على المعالجة.

وقد يقف وراء هذا الاستسهال الشديد في قتل الفلسطينيين، عوامل ذات طابع شخصي، تتعلق بأعضاء في الحكومة المنتهية ولايتها. فمثلا وزير حرب الاحتلال غانتس كان أشهر شعار رفعه في دعايته الانتخابية في 2021 هو "عداد الموت" أي عدد الفلسطينيين الذين قتلهم في الحروب على قطاع غزة خلال وجوده في مواقع وظيفية مختلفة مرتبطة بالمؤسسة العسكرية للاحتلال. 

يخرج غانتس من الحكومة إلى المعارضة وسط انتقادات بأنه كان متساهلا مع الفلسطينيين من منظور بعض الأحزاب، ومن منظور الجمهور الإسرائيلي الذي يزداد تطرفا على تطرفه، ويتضح من مقابلات غانتس أنه يحاول أن ينفي عن نفسه هذه التهمة بسرد ما قام به من انتهاكات بحق الفلسطينيين على مستوى القتل والاستيطان والاعتقالات وظهر هذا جليا في مقابلته قبل أيام مع القناة 13 العبرية.

أسباب كثيرة تدفع باتجاه مزيد من التصعيد من طرف جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين، لكن الثابت في هذه المرحلة، والذي يعترف به الاحتلال نفسه، هو أن المقاومة تتصاعد، كما ونوعا، وأن محاولات كي الوعي عبر هذه الجرائم لم تفلح في تراجع وتيرة العمليات بالضفة الغربية، فالعلاقة بين تصعيد الاحتلال والمقاومة طردية، على عكس ما يتمنى الاحتلال ويتوقع.