رام الله - خاص قدس الإخبارية: شكلت عملية "كمين الجلمة" بجنين، فجر الأربعاء 14 سبتمبر 2022، تطورًا لافتًا في أداء المقاومين ومنفذي العمليات خلال الفترة الأخيرة، سيما وأن ما جرى كان كمينًا محكمًا للإيقاع بجنود الاحتلال.
وأدى الكمين المحكم الذي نفذه الشهيدان أحمد وعبد الرحمن عابد إلى مقتل الضابط بار فيلح من لواء "الناحال"، والذي كان يشغل نائب قائد دورية في كتيبة الاستطلاع الميداني في لواء "الناحال" الذي يعتبر من ألوية النخبة، إلى جانب أن الاشتباك كان على مسافة 5 أمتار فقط.
وتعتبر هذه العملية امتدادًا لسلسلة العمليات الأخيرة التي شهدتها مدن الضفة الغربية المحتلة، غير أن المختلف هذه المرة أنها جاءت بأسلوب تكتيكي مختلف عن العمليات السابقة، وهو ما عزز من فقدان قوات الاحتلال لعنصر المباغتة والمفاجأة.
من جانبه، يقول الكاتب والمحلل السياسي عماد أبو عماد إن أبرز دلالة لعملية الجلمة هو أن الشارع الفلسطيني يسجل نوعًا جديدًا من الانتفاضة في وجه الاحتلال وأن سياسات الاحتلال التنكيلية أو السياسات الأخرى مثل التسهيلات الاقتصادية لم تقنع الفلسطينيين بأن الاحتلال رادع ولا يمكن مواجهته.
ويضيف أبو عواد لـ "شبكة قدس" أن كل الإجراءات الإسرائيلية على الأرض جعلت الفلسطينيين يدركون أن كل هذه السياسات فاشلة إلى جانب الطريقة الجديدة التي يفكر بها الجيل الفلسطيني الصاعد في مواجهته للاحتلال الإسرائيلي.
ويردف قائلاً: "الجيل الفلسطيني الجديد يعمل بطريقة لاشك أنها مختلفة تمامًا عن السابق، فهو لا ينتمى لفصائل لكنه ينتمي لفكرة المقاومة، فهو قد يكون عسكريًا كما عملية الجلمة أو أن يكون إنسانًا عاديًا والهدف واضح ويتمثل في الخلاص من الاحتلال".
ويرى أبو عواد أن ما يجري حاليًا هو نوع من الانتفاض الجديد من قبل الفلسطينيين وبالتالي فإن الاحتلال لن يستطيع مواجهة هذه الموجة بنفس الأدوات والأساليب، خصوصًا مع استمرارها سيدفعه للتفكير في أسلوب آخر جديد.
الأبعاد العسكرية
في الوقت ذاته، يقول المختص في الشأن العسكري واللواء المتقاعد واصف عريقات أن عملية الجلمة نوعية من ناحية التخطيط والتنفيذ والمعرفة المسبقة في تحرك قوات الاحتلال ووحداته المختلفة بشكل جيد وتشكل فشلاً أمنياً واستخباراتيًا للاحتلال.
ويضيف عريقات لـ "شبكة قدس" أن كمين الجلمة يعكس فشلاً في التخطيط العسكري الإسرائيلي، إذ استطاع مقاومون اقتحام ثكنة عسكرية بشكل جيد وخاضعة لرقابة عسكرية مكثفة واستطاعوا استدراج الضابط ومن منعه والاشتباك من مسافة صفر.
ويؤكد المختص في الشأن العسكري أن ما يجري حاليًا هو معادلة جديدة يصنعها المقاومين الشباب في الضفة الغربية المحتلة، وبات واضحًا أن هناك انتقال نوعي من الدفاع السلبي إلى الدفاع الإيجابي لقوات الاحتلال الإسرائيلي.
ويستكمل قائلاً: "التكتيك العسكري للمقاومين وللكتائب في الضفة يشهد تطوراً ملحوظًا فالأداء انتقل من الحالة الدفاعية إلى التصدي إلى العمليات النوعية الهجومية وعملية الجلمة توصف في العلم العسكري بالهجوم الاستباقي".
ويشير عريقات أن أداء المقاومين الفلسطينيين في الآونة الأخيرة يعكس دراسة مسبقة للاحتلال ومعرفة نقاط القوة والضعف وبات هناك محاولات لتلافي نقاط القوة في المرحلة الحالية؛ وهو ما يؤشر لمستقبل واعد للمقاومة الفلسطينية.
وينبه المختص في الشأن العسكري إلى أن كمين الجلمة يعكس أن هناك نقاط ضعف للاحتلال وجنوده ووحداته المختلفة بالضفة المحتلة يمكن العمل على استغلالها وتنفيذ عمليات مشابهة خلال الفترة المقبلة في الضفة الغربية المحتلة.