قُدس الإخبارية: أكد تقرير أمريكي، أن "تراجع المساعدات الدولية والمحسوبية العامة غير المستدامة والسياسات المثيرة للجدل"، حسب وصفه، دفعت الحكومة الفلسطينية والقطاع المصرفي إلى "حافة الإفلاس".
وأشار تقرير صادر عن مركز واشنطن، إلى العجز في ميزانية السلطة الفلسطينية في عام 2021 بلغ 1.26 مليار دولار، مع فجوة تمويلية قدرها 940 مليون دولار (أي العجز بعد استبعاد المساعدات الدولية في الميزانية والتنمية)، كما جاء في التقرير.
وقال إن الأزمة تفاقمت بعد خصم حكومة الاحتلال 180 مليون دولار من عائدات المقاصة التي تجمعها نيابةً عن السلطة الفلسطينية، واعتبر أن هذا الخصم الذي يمثّل نحو 4 في المائة من إجمالي صافي الإيرادات الخاصة بـالحكومة "الانتكاسة الأخيرة التي حدثت في إطار أزمة مالية تزداد سوءاً"، سبقها عجز كبير في الميزانية، وانخفاض حاد في الدعم الدولي للموازنة، وعدم القدرة على دفع رواتب موظفي القطاع العام كاملة.
ونقل التقرير عن البنك الدولي أن أسباب الأزمة تتمحور حول "لقطاع العام المتضخم وغير الفعال لا سيما في مجالات الأمن والصحة والتعليم، والانخفاض الهائل في مساعدات الميزانية، وحجب عائدات المقاصة رداً على مدفوعات السجناء، والتعثُّر في تحصيل الإيرادات المحلية".
وذكر أن السلطة توظف حوالي 150 ألف فلسطيني، حوالي 40 ألف منهم في قطاع الخدمة المدنية أو عناصر الأمن في غزة، ومعظمهم لم يعملوا منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في عام 2007، ولكنهم ما زالوا يتقاضون رواتبهم لــ"ضمان ولائهم"، حسب وصفهم.
وأكد التقرير أن قطاع الأمن "عرضة بشكل خاص للتضخم والمحسوبية"، وقال إن الأجهزة الأمنية تضم حوالي 17200 ضابط و15000 مُجنّد.
وتوازياً مع هذه العوامل، انخفضت المساعدات الدولية للسلطة إلى النصف في عام 2021 بعد سنواتٍ من التراجع، كما انخفضت مساعدات الموازنة، التي كانت تمثّل نسبة مرتفعة جداً قدرها 27 في المائة من "الناتج المحلي الإجمالي" في عام 2008، إلى 1.8 في المائة العام الماضي (أي 186 مليون دولار).
واعتبر أن "لتراجع الحاد عن التآكل التدريجي لركائز الميزانية الأربع وهي: "الاتحاد الأوروبي" و"البنك الدولي" والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، ولعبت الأزمات المؤقتة أيضاً دوراً في ذلك، ومن بينها وباء فيروس كورونا (كوفيد-19) والمخاوف الأوروبية بشأن "التحريض" في الكتب المدرسية.
وفي سياق آخر، يُقدّر البنك الدولي أن 30% من المطالَبين بدفع الضرائب يفعلون ذلك أساساً، وكشفت أن دراسة في عام 2020 أشارت إلى وجود ثغرة امتثال آخذة في الاتساع فيما يتعلق بتحصيل ضريبة القيمة المضافة تصل إلى 9% من "الناتج المحلي الإجمالي".
وقال التقرير إن هذه الثغرة نتجت إلى حد كبير عن "تقليل المستوردين قيمة شحناتهم أو رفضهم تقديم الفواتير"، مما جعل السلطة "غير قادرة على الوصول إلى عائدات المقاصة المناسبة من إسرائيل".
واعتبر أن الكثير من هذه التسريبات الضريبية مصدرها "شوائب في بروتوكول باريس"، وقال إنه "للتعويض عن فجوة الإيرادات، تأخرت السلطة في الدفع لصندوق معاشات التقاعد والموظفين في القطاع العام والقطاع المصرفي الخاص".
وحول مشاكل القطاع المصرفي، ذكر التقرير أن إجمالي ديون السلطة للمصارف المحلية بلغ بحلول نهاية عام 2021
2.5 مليار دولار، وقال إن المصارف ردت على ذلك بوقف تمويل الحكومة بالكامل، مما سيجعل تمويل عجزها في الإنفاق "أكثر صعوبة".
واعتبر أن الديون التي تراكمت على السلطة تتجاوز بكثير الحد الذي أوصت به "سلطة النقد"، في إطار التعرض لهذا الخطر الائتماني، وهو 1.4 مليار دولار.
وأضاف: بما أن السلطة لن تستأنف على الأرجح مدفوعات الرواتب الكاملة أو تسدّد ديونها في أي وقت قريب، فستظل المصارف المحلية في وضع غير مستقر في المستقبل المنظور، ويؤدي التعرض لهذا الخطر إلى تعقيد تقييم البنك الدولي الذي يعتبر أن القطاع المصرفي الفلسطيني "ظل مستقراً نسبياً ويعود ذلك إلى حد كبير إلى تطبيق الأنظمة المالية السليمة".
ويرى التقرير أن إحدى الطرق الواضحة لإحداث تغيير كبير في عجز السلطة في "زيادة المساعدات الخارجية إلى المستويات السابقة، وإنهاء اقتطاعات العائدات التي تقوم بها إسرائيل".
واقترح التقرير "تقليص فاتورة أجورها والحد من اتباع نظام المحسوبية الأوسع نطاقاً"، واعتبر أن "هذا صعب أيضاً من الناحية السياسية، حيث أخبر مسؤولون من السلطة كُتّاب هذا المقال على انفراد أنهم يفضلون الاستمرار في دفع رواتب جزئية بدلاً من مواجهة عواقب طرد عدد كبير من الموظفين في القطاع العام، وخاصةً أولئك الذين تلقوا تدريبات عسكرية".
وأضاف: بإمكان الأطراف أيضاً زيادة جانب الإيرادات في المعادلة من خلال تعزيز النمو الفلسطيني، الذي تعرّضَ للركود بشكل كبير بسبب احتلال الضفة الغربية والحصار المفروض على غزة، فوفقاً لدراسة أجراها "مكتب الرباعية" في عام 2015، أدت القيود الاقتصادية التي فرضها الاحتلال إلى خفض النمو الفلسطيني إلى النصف بين عامي 1994 و2014.
واعتبر مستشار رئيس الحكومة الفلسطينية لشؤون الاقتصاد، شاكر خليل، أن في التقرير "مشكلة تتعلق بالمنهج العلمي الذي يقول إنه يستند عليه".
وقال: نحن ننظر إلى هذه الدراسة على أنها تفتقر إلى الموضوعية، وهنالك إطلاق أحكام من غير دليل واضح.
ويرى خليل أن التقرير استند إلى "أرقام مجتزئة سواء بعض الأرقام التي أشار إليها تقرير البنك الدولي أو زيارة صندوق النقد الدولي (الأخيرة إلى فلسطين)"، وقال إن التقرير "جرى توظيفها بشكل سلبي خارج عن سياقها".
وأضاف أن "الدراسة قوَلت إن تقارير البنك الدولي وزيارة صندوق النقد الدولي إلى فلسطين ما لم قولها حيث استندت في البداية إلى زيارة وفد الصندوق وتقارير البنك واستنتجت استنتاجات سلبية وهذا فيه تجنٍ ومنافٍ للحقيقة".