شبكة قدس الإخبارية

عن الحديث الإسرائيلي حول إمكانية انهيار السلطة.. كيف يقرأه محللون سياسيون؟

305552799_605508877721402_5038447562347081810_n
هيئة التحرير

رام الله - خاص قدس الإخبارية: شهدت الأيام الأخيرة حديثًا إسرائيليًا متتابعًا عن ضعف السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية في ضبط المشهد في الضفة المحتلة عمومًا ومناطق شمالي الضفة على وجه الخصوص، في ظل تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية، ووصل الحد إلى الإشارة بإمكانية انهيارها كما جاء في حديث رئيس الشاباك رونين بار خلال لقاء جمعه مع مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، باربارا ليف.

تأتي هذه التقارير والتصريحات في ضوء توثيق الاحتلال منذ بداية العام الجاري 190 عملية إطلاق نار وهو أمر خطير بالنسبة لمؤسسات الاحتلال الأمنية والعسكرية وفيه زيادة تتجاوز 80 عملية إطلاق نار عن عام 2021 وهو ما يعني أن هناك ذروة في عمليات المقاومة.

وجاء الخطاب الإعلامي لمسؤولي الاحتلال الإسرائيلي ليترجم حالة القلق الحاصلة من عمليات المقاومة الفلسطينية في مناطق الضفة في ظل تمددها وعدم اقتصارها على مناطق الشمال وازدياد أعداد المطاردين بوتيرة متسارعة.

وإلى جانب حديث كوخافي العلني، جاء إعلان رئيس حكومة الاحتلال يائير لبيد عن اجتماع موسع مع قادة الأجهزة الأمنية لتقييم الوضع في السلطة الفلسطينية، على خلفية تراجع مكانتها، والتباحث حول "وسائل غايتها والمساعدة لتعزيز قوتها" ليضع الأخيرة في موقف محرج، كما يقول مراقبون.

لكن في المقابل، اتهم وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ الاحتلال الإسرائيلي بالمسؤولية الكاملة عن إضعاف السلطة الفلسطينية عبر الاقتحامات اليومية للمناطق الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة.

إذ تحدث الشيخ في تصريحات نقلها موقع والا العبري أن السلطة لا يمكنها أن تقبل بواقع تقتحم فيه قوات الاحتلال الأراضي الفلسطينية كل ليلة وبعدها تطلب من السلطة العمل في النهار ضد المسلحين"، إلى جانب رفض سلطات الاحتلال عرض السلطة بالتوقف عن اقتحام المناطق الفلسطينية كفترة اختبار لمدة 4 أشهر؛ سعيًا لتهدئة الأوضاع.

في هذا السياق، يقول مدير مركز مسارات للدراسات والأبحاث هاني المصري إن هذا الخطاب الإعلامي الإسرائيلي هو تبرير العدوان المتصاعد ضد الفلسطينيين في الضفة المحتلة والواضح في معدلات القتل والاقتحام اليومية.

ويوضح المصري لـ "شبكة قدس" أن الاحتلال يريد أن يقول إن السلطة لا تقوم بدورها وبالتالي هو مضطر للقيام بهذه المهمات بالنيابة عنها إلى جانب أن السلطة التي فشل مشروعها السياسي باتت غير قادرة على منع الاغتيالات التي يقوم بها جيش الاحتلال ويهدم المنازل ويشن الاعتقالات وبالتالي فإن ما يجري يضعفها ويضعف قدرتها ورغبتها على القيام بما يطلبه الاحتلال منها.

ويردف: "وتيرة الأحداث باتت تتجاوز قدرة السلطة من ناحية إطلاق النار والكثافة النارية، إلى جانب أن الاحتلال يفعل كل ما من شأنه أن يضعف السلطة ثم يعود للمطالبة ببقاء السلطة وهي لا يقوم بحفظ ماء وجه السلطة وهو ما يتضح في اقتحامات مراكز المدن".

ويرى المصري أن عدم قيام السلطة الفلسطينية بواجبها في حماية الفلسطينيين شكل العامل الرئيسي في ظهور العمليات الفردية والكتائب والمقاومين وبالتالي يبحث الفلسطينيون يبحثون عن وسائل لحماية أنفسهم بالمقاومة في ظل الاعتداءات اليومية.

ويشير مدير مركز مسارات إلى أن الفراغ الذي أنتجه غياب السلطة عن القيام بواجبها تجاه شعبها أسهم في الحالة القائمة حاليًا سيما وأن السلطة غير منخرطة في المواجهة، فمن الناحية السياسية والإعلامية دورها ضعيف.

ويستطرد: "السلطة تتلقى اللكمات دون أي حراك حقيقي، خصوصًا وأن مشروعها السياسي انتهى وباتت أبعد عن السبب الذي تأسست من أجله بعد اتفاقية أوسلو وهو دولة فلسطينية، وبات الاستيطان يتسع في ظل وجود 900 ألف مستوطن إلى جانب تهويد القدس وحصار غزة وغيرها من الإجراءات الإسرائيلية".

ويبين المصري أن الاحتلال لا يريد تقديم أي ثمن سياسي للسلطة ويريد فقط منها خدمات أمنية لحماية أمنه وإذا ما استمر المشهد الحالي فإن قيام السلطة بهذا النوع من الخدمات سيؤدي بها للقضاء على نفسها ويؤدي إلى تفككها لاحقًا.

في جانب آخر، يرى الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أن هناك دافعين وراء الخطاب الإسرائيلي الأخير تجاه السلطة الفلسطينية يتمثل في القراءة الموضوعية لما يجري خصوصًا مع تراجع قدرة السلطة الفلسطينية لأسباب جزء منها سياسي مع افتقارها لأي مشروع سياسي.

ويضيف عرابي لـ "شبكة قدس" أنه لم يعد للسلطة أي مشروع سياسي فلا يوجد مشروع مفاوضات أو تسوية؛ وبالتالي لماذا يصبر الفلسطينيون طالما أنه لا يوجد لدى السلطة ما تقدمه على المستوى السياسي في هذا الملف.

ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي أن الاحتلال يريد أن يبتز السلطة الفلسطينية ويرهبها ويستخدم في هذا السياق سياسة العصا والجزرة من خلال تقديم مساعدات اقتصادية ووعود سياسية وهو ما قد يؤدي إلى خلل أكبر على الصعيد الفلسطيني ويجعل السلطة تصطدم مع الجماهير الفلسطينية.

ويتابع: "ليس لدى السلطة الفلسطينية ما تقدمه للاحتلال الإسرائيلي في الفترة الحالية، لأنها لو كثفت من نشاطاتها الأمنية بوتيرة أكبر فإن الأمر قد يأتي بنتائج عكسية عليها، وبالتالي فإن زيادة الاحتكاك بين الأجهزة الأمنية والجمهور قد يكون على حساب سيطرة السلطة على ما تبقى في الضفة من صلاحيتها".

ويؤكد عرابي على أن الاحتلال حد من صلاحيات السلطة بشكل كبير حيث باتت كل مناطق الضفة مستباحة أمنية للاحتلال الإسرائيلي بما في ذلك مناطق "أ"، وعلى الجانب الآخر قام الاحتلال بإحياء الإدارة الأمنية على مستوى المناطق.

ويعتبر أن اتجاه الاحتلال للتعامل المباشر في المعاملات التي تخص الفلسطينيين بالضفة بعيداً عن السلطة نابعة من أهداف منها تحويل السلطة إلى محض وكيل أمني دون أي مشروع سياسي، إلى جانب الاستعداد لسيناريو انهيار السلطة الفلسطينية.

#الاحتلال #المقاومة #التنسيق_الأمني #انهيار_السلطة #شمال_الضفة