رام الله - قدس الإخبارية: نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية، خلال اليومين الماضيين، تقارير حول استعداد جيش الاحتلال لتنفيذ عدوان عسكري واسع في شمال الضفة الغربية.
وترافق ذلك مع شائعات جرى بثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن أوامر صدرت من رئيس هيئة أركان الاحتلال أفيف كوخافي للجيش، بالاستعداد لعدوان عسكري كبير.
الحديث عن عدوان عسكري واسع شمال الضفة الغربية، تكرر أكثر من مرة عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية خلال الأشهر الماضية، خاصة قبل زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة في يوليو الماضي.
قبل ذلك أيضا جرى تناقل أنباء عن استعدادات لجيش الاحتلال لتنفيذ عدوان واسع بعد العمليات التي وقعت في الأراضي المحتلة 1948 بين شهري مارس وأبريل.
قد يكون بالفعل هناك عدوان قادم، وقد لا يكون، فالأمر مرتبط أكثر بحسابات الاحتلال السياسية والعسكرية في المرحلة الحالية، لكن من المهم الإشارة إلى أن مثل هذه الأخبار والتقارير يتم توظيفها لجمع المعلومات الاستخباراتية والميدانية.
تفترض أذرع الاحتلال الاستخباراتية أن الفصائل الفلسطينية والمقاتلين بشكل عام يبنون تقدير الموقف لديهم من خلال مصادر عدة؛ وهي التصريحات الرسمية التي تصدر عن قادة الاحتلال السياسيين والعسكريين، التقارير التي تنشرها وسائل الإعلام، التحركات الأمنية والعسكرية الميدانية، معلومات من جهات خارجية، ومعلومات استخباراتية وهذه فرصتها غير متوفرة على نطاق واسع بسبب عدم امتلاك الأدوات القادرة على إحداث اختراقات استخباراتية مهمة.
إن مثل هذه التقارير تساهم في خلق نقاش وتحركات لدى الطرف المستهدف، يشمل ذلك مناقشات على وسائل التواصل الاجتماعي بين أطراف فاعلة وغير فاعلة (نقاشات عامة)، وتحركات ميدانية للمقاتلين ونقاشات واتصالات فيما بينهم ومع أطراف أخرى قد يجري بعضها عبر وسائل الاتصال المختلفة، ونقاشات بين قادة الفصائل الفلسطينية للاتفاق على موقف معين في حال قيام الاحتلال بعدوان كهذا، وأيضا مناقشات بين أطراف فاعلة إقليميا.
وذكر مركز الحارس للبحوث والدراسات أن هذا الحراك من المناقشات والاتصالات والمشاورات، مهم بالنسبة لأذرع الاحتلال الاستخباراتية، فهو يوفر لها معلومات مهمة في بعض الأحيان، تستطيع من خلالها أن تبني تقدير موقف عن ظروف وتبعات أي عدوان واسع مستقبلي، والمقصود بالمهمة ليست فقط أنها توفر معلومات استخباراتية مباشرة، أو ما يطلق عليها بـ "الحقيقة الاستخباراتية"، بل توفر كذلك تصورا استخباراتيا "المعرفة الاستخباراتية" والمقصود بها الوصول للنقاشات العامة وفهم توجهات الجماهير وبناء سيناريوهات معينة للحراك الشعبي المحتمل بناء على ذلك.
وبحسب المركز فقد كانت واحدة من الاستنتاجات التي توصلت لها أذرع الاحتلال الاستخباراتية بعد حرب أكتوبر 1973، هي أن الإحاطة بالنقاشات العامة عبر معالجة منهجية، تضمن إحباط عنصر المفاجأة، من خلال مسح معلوماتي للساحة الخلفية أو اللامرئية في بيئة العدو، بما يضمن الوصول إلى مجموعة من السيناريوهات المتوقعة ذات النطاقات المتعددة.
ويعتقد المركز أن مثل هذه التقارير الصحفية والشائعات قد توفر للاحتلال "حقائق استخباراتية مباشرة" و"معرفة استخباراتية"، وهذه تندرج في إطار تحضيره أو فهمه لتبعات أي عدوان، بينما إذا كانت نسبة "الحقائق الاستخباراتية" و"المعارف الاستخباراتية" أقل من المطلوب بالنسبة له، فإن هذا يساهم في إحداث نوع من الضبابية لديه فيما يتعلق باتخاذ القرار.