غزة - خاص قدس الإخبارية: سعى الاحتلال الإسرائيلي قبل يومين لتوجيه ضربة دعائية وعسكرية للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من خلال نشر مقاطع فيديو وصور زعم فيها وجود أنفاق ومخازن أسلحة بين منشآت مدنية بعضها مدارس وأخرى مستشفيات وعيادات حكومية.
وجاء الإعلان هذه المرة بصورةٍ مفاجئة في وقت تشهد الساحة فيه حالة من الهدوء العسكري، بخلاف الإعلانات السابقة التي كان يروج فيها الاحتلال لمثل هذه المزاعم خلال جولات التصعيد أو الحروب مع المقاومة الفلسطينية في غزة.
ويعتبر التوقيت والدوافع أحد العوامل التي أحدثت نوعاً من التساؤل في صفوف الفلسطينيين عموماً والمراقبين للشأن السياسي والعسكري عن أهداف الاحتلال من وراء هذا النشر خلال الفترة الحالية في ظل ما يزعمه عن وجود تهدئة.
ورغم استبعاد فرضية التصعيد العسكري في الفترة الحالية كنتيجة لمعركة سيف القدس ورغبة المقاومة في مراكمة قوتها بشكلٍ أكبر واستعادة القطاع عافيته وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال، إلا أن فرضية التحريض للمواجهة المقبلة تبدو قائمة.
في المقابل جاء نفي الناطق العسكري لكتائب القسام أبو عبيدة بصورةٍ واضحة ليقطع الطريق على مزاعم الاحتلال والذي قال فيه: "إن مزاعم العدو حول وجود أماكن للعمل العسكري بين المدنيين، وما روجه من مواقع وإحداثياتٍ بهذا الخصوص، هو محض كذبٍ وتضليلٍ، ومحاولةٌ بائسةٌ للتغطية على عجزه وفشله أمام المقاومة، وهذا ليس بالأمر الغريب على العدو المجرم، وهو لا يحتاج إلى مبررٍ لاستهداف المدنيين".
وأضاف: "تاريخ الاحتلال حافلٌ بالمجازر المبنية على أكاذيبَ ضدّ العائلات، والمنشآت المدنية من بيوتٍ ومساجدَ ومستشفياتٍ وجامعاتٍ ومدارس، وإنّ المجازر بحق عائلاتِ غالية والسموني وأبو حطب والكولك وأبو العوف والنجار، وقصف مدرسة الفاخورة ومستشفى القدس وغيرها الكثير لهي خير شاهدٍ على ذلك".
وشدد الناطق العسكري في رسالته على أن "المقاومة هي الأمينة على دماء أبناء شعبنا والأحرص على سلامتهم وأمنهم، وإن سياسة العدو الممنهجة والمستمرة في بث الأكاذيب لن تخدش هذه الحقيقة الناصعة، وسيدفع العدو غالياً ثمن أية حماقةٍ ضد أهلنا وشعبنا".
في المقابل، يقول الباحث والكاتب في الشأن العسكري رامي أبو زبيدة إن الاحتلال اعتاد سابقاً على نشر مثل هذه المزاعم والادعاءات ضمن محاولته للضغط على الحاضنة الشعبية للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة خلال السنوات الماضية.
ووفق حديث أبو زبيدة لـ "شبكة قدس" فإن هذه الادعاءات تتساوق مع حملة يقودها الاحتلال مع بعض شركائه في المنطقة والتي تستهدف الضغط على المقاومة شعبياً وتحميلها مسؤولية الحالة الاقتصادية والاجتماعية القائمة في غزة.
ويردف: "من الواضح أن الاحتلال يحاول تسويق التسهيلات الاقتصادية وتصاريح العمل داخل الأراضي المحتلة بطريقة جديدة يحمل فيها المقاومة مسؤولية أي تصعيد مقبل إلى جانب إحداث ضغط على المقاومة على صعيد الجمهور".
ويشير إلى أن رد المقاومة بشكل واضح ومباشر على هذه المزاعم يستهدف تكذيب الرواية الإسرائيلية والتأكيد على قدرتها في ردع الاحتلال عسكرياً حال استهدف أي من المنشآت المدنية في أي عدوان أو تصعيد جديد ضد القطاع.
ويرى أبو زبيدة أن الاحتلال من خلال نشر هذه الصور والمقاطع يعكس حالة فشل في شن هجمات ضد المقاومة ويلجأ للتحريض عليها شعبياً وجماهيرياً لتحميلها مسؤولية الأضرار التي قد تقع مستقبلاً في المواجهة مع المقاومة.
في المقابل، يعتقد الباحث والمختص في الشأن الدعائي حيدر المصدر أن الرسالة التي أطلقها أبو عبيدة لم تلقِ رواجاً إعلامياً وجماهيرياً، ما يدل أن الرسالة الإسرائيلية كانت أقوى من ناحية التأثير، وكانت السردية الدعائية الإسرائيلية متطابقة مع التوجه العام الفلسطيني من الناحية الاقتصادية.
ويقول المصدر لـ "شبكة قدس" إن الدعاية من مستواها الفلسفي انسجمت فيها الإجراءات السياسية والأمنية والاقتصادية لإنتاج دعاية تفرض نفسها على الحالة الاجتماعية داخل القطاع، بحيث تكون السيطرة غير مباشر وتدعم التحرك الإسرائيلي في الفترة الأخيرة.
ويتابع: "الدعاية الإسرائيلية لم تستهدف إحداث تغيير سريع، والواضح أنها دعاية استراتيجية تستهدف التمهيد لشيء منها صناعة الضغط داخل المجتمع في غزة ضد الحاكم، إلى جانب أن الخطاب الاقتصادي أي كان مصدره يلقِ رواجاً أكبر أي كان مصدره".
ووفق المصدر فإن التأخر في الرد عدا عن كونه خطاباً عسكرياً أثر على السردية الدعائية إلى جانب أنه اعتمد على تكذيب معلومات، في المقابل كان الخطاب الإسرائيلي موجهاً للحاضنة الشعبية ولم لم يكن موجهاً للجهات العسكرية في غزة.